لم تشفع لإسرائيل مزاعمها بتخفيف حصارها الإجرامي على قطاع غزة ولم يثن ذلك النشطاء الإنسانيين عن مواصلة إرسال مساعداتهم الإنسانية باتجاه سكان غزة رفعا للغبن عنهم ولفت انتباه المجموعة الدولية على مأساة إنسانية تتواصل منذ أربع سنوات. ويبدو أن محاولات كسر الحصار المتواصلة منذ مدة برا وبحرا بدأت تقلق حكومة الاحتلال بعد أن فضحت مزاعمها وكشفت حقيقة صورتها أمام الرأي العام الدولي رغم إصرارها على استعمال لغة التهديد والوعيد ضد كل من يريد الرسو في ميناء مدينة غزة. والمؤكد أن تعنت إسرائيل لم يثبط من عزيمة أصحاب هذه المبادرات وأن هذا الصيف سيكون صيف القوافل الإنسانية إلى الغزاويين المحاصرين في أكبر سجن مفتوح في العالم رغم هذه التهديدات. والظاهر من خلال هذه التحركات يبقى إعانة سكان مغلوبين على أمرهم أمام قوة متجبرة لكنها في الحقيقة تهدف إلى لفت انتباه العالم لحقيقة المأساة في هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية ولكنها مساعي تهدف إلى تعرية إسرائيل وسياستها العنصرية ضد الفلسطينيين. وتندرج القبضة المحتدة بين سفينة ''الأمل'' للمساعدات الإنسانية الليبية وحكومة الاحتلال في إطار هذه القبضة بعد أن أصرت مؤسسة القذافي الخيرية على إتمام رحلة سفينتها باتجاه ميناء غزة لتفريغ شحنتها من المواد الغذائية والطبية، اتبعت إسرائيل كل السبل المتاحة من اجل إقناع السلطات المصرية واليونانية والأمم المتحدة بعدم إتمام هذه الرحلة واستقبال المساعدات في مطار العريش المصري. وتضاربت التصريحات حول حقيقة وجهة سفينة الأمل، ففي الوقت الذي أكدت فيه حكومة الاحتلال أنها ستتجه باتجاه الميناء المصري نفت مؤسسة القذافي هذه التصريحات وأكدت أنها لم تغير من خط مسيرها وأن ميناء غزة سيكون محطة رسوها. وقال ماشاء الله زوي المشرف على هذه القافلة الإنسانية أن السفينة متوجهة إلى ميناء غزة ولن نغير وجهتها تحت أي ضغط نافيا بذلك كل التصريحات التي سربتها إسرائيل اول أمس بأنها تحركت دبلوماسيا لمنع الترخيص لهذه السفينة من التوجه إلى غزة وهددت بمنع مواصلة سيرها في حال أصر أصحابها على ذلك. وقال أن السفينة التي مازالت في شواطئ جزيرة كريت يتوقع أن تصل إلى المياه الإقليمية الفلسطينية خلال يومين او ثلاثة وأن المؤسسة صاحبة المبادرة لا تريد الدخول في أي شجار أو استفزاز مع قوات الاحتلال. وتحركت الحكومة الإسرائيلية لمنع وصول هذه السفينة التي تحمل العلم المولدافي بمجرد الإعلان عنها في محاولة لمنع تكرار تجربة أسطول الحرية الذي قادته شخصيات إنسانية وحقوقية من تركيا ومختلف الدول العربية ومن العالم والتي ألحقت بصورة إسرائيل ضربة قوية بعد إقدام قواتها على قتل تسعة أتراك مسالمين في عرض المياه الدولية. ومازالت حكومة الاحتلال تتلقى نتائج تلك العملية الإجرامية التي مست صورتها لدى الرأي العام الدولي وفي المحافل الدولية بعد أن أصر الأمين العام الأممي بان كي مون على فتح تحقيق دولي في عملية القرصنة التي وقعت في أعالي البحار رافضا بذلك الاكتفاء بتحقيق إسرائيلي داخلي وبإشراك شخصيات دولية معروف ولاؤها للطروحات الإسرائيلية بل أنها من اكبر المدافعين عن السياسية الإسرائيلية في العالم. ويؤكد اصرار النشطاء الدوليين وعدم تراجعهم عن مساعيهم لنجدة سكان غزة أن الحكومة الإسرائيلية تفاجأت لقوة تحرك الرأي العام الدولي وخاصة الأوروبي لكسر ''طابو'' تمجيد إسرائيل وجعلها في كل مرة هي الضحية وكشف أنها مجرد دولة معتدية وخارجة عن القانون الدولي. وهي الصورة التي لا تريد إسرائيل أن تتكرس عند عامة الناس لأنها ستفقدها التعاطف الدولي الذي اكتسبته طيلة ستة عقود مستغلة في ذلك مزاعم الهولوكوست وإبادة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية والتي مازالت العواصمالغربية تعتبرها دينا في عنقها يحتم عليها تقديم الدعم والمساندة لها حتى وان كان ذلك على حق شعب آخر وبأبشع الطرق والأساليب القمعية فاقت في بشاعتها تلك التي اقترفتها النازية الهتلرية. وهو الخوف الذي يفسر تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لمنع إتمام هذه القافلة الإنسانية لأنها ستضعها في مأزق آخر شبيه بذلك الذي وجدت فيه نفسها في طريقة تعامله مع أسطول الحرية نهاية شهر ماي الماضي. يذكر أن سفينة الأمل تضم طاقما من 12 بحارا من جنسيات مختلفة بالإضافة إلى تسعة أشخاص آخرين من بينهم ستة ليبيين وجزائري ومغربي ونيجيري وقد تم شحنها بحوالي ألفي طن من المساعدات الإنسانية في شكل أدوية ومواد غذائية أساسية لسكان قطاع غزة المحاصرين.