التقت السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية حماس أمس في موقف واحد رفضتا من خلاله قرار حكومة الاحتلال الاكتفاء بتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة وطالبتا برفعه بشكل كلي ونهائي.وجاء موقف طرفي المعادلة الفلسطينية ردا على تصريحات الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي أكد أن تخفيف الحصار هو أقصى ما يمكن القيام به لسكان قطاع غزة الذين يعيشون منذ أربع سنوات تحت حصار غير إنساني. وحتى يعطي شرعية لهذا القرار الجائر قال الوزير الأول الإسرائيلي إنه قرار اتخذ بعد مشاورات مع الولاياتالمتحدة ورئيس اللجنة الرباعية طوني بلير والعديد من رؤساء الحكومات الغربية. ولكن نتانياهو اعترف من حيث لا يدري بأن تخفيف العقوبات جاء للتحايل على الرغبة الملحة التي أبدتها المجموعة الدولية لإنهاء هذا الحصار الذي لم يعد يجد أي مبرر له ومحاولة للإفلات من الضغوط الدولية التي وجد الكيان الإسرائيلي نفسه تحتها بعد مقتل تسعة من نشطاء أسطول الحرية نهاية شهر ماي الماضي في عرض المياه الدولية. كما انه خيار فرض نفسه على أعضاء الحكومة اليمينية المتطرفة بعد أن وجدوا أنفسهم محاصرين بين إصرار المنظمات الإنسانية على مواصلة عملياتهم لكسر الحصار وبين مطالب المجموعة الدولية لتشكيل لجنة تحقيق دولية لتحديد ملابسات اقتراف مجزرة سفينة ''مرمرة'' التركية. ويبدو أن إسرائيل خسرت كل رهاناتها من فرض هذا الحصار منذ جوان 2006 وهي التي كانت تعتقد أنه سيمكنها من إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة الفلسطينية في ذلك الشهر. كما أنها فشلت في زعزعة سلطة حركة حماس في هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية وهو الهدف الذي أكد عليه العديد من المسؤولين الإسرائيليين بل حكومة الاحتلال اقتنعت أن حماس ازدادت قوة بسبب هذا الحصار الجائر. واقتنعت إسرائيل أيضا أن إطالة أمد هذا الحصار كانت له انعكاسات سلبية لم تكن تنتظرها بعد فضح صورتها الحقيقية البشعة في نظر الرأي العام الدولي حيث توسعت رقعة المطالبين بمحاكمة مسؤوليها على جرائمهم وتحولوا بذلك من ضحايا وأصدقاء إلى مجرمين تتعين محاكمتهم. ورفضت حركة حماس أمس قرار حكومة الاحتلال وطالبت برفع نهائي لهذا الحصار بعد أن أكدت أن قرار إسرائيل لا معنى له ما لم يسمح لكل السلع والمواد المختلفة من الدخول إلى قطاع غزة بما فيها مواد البناء من حديد وإسمنت وإعادة فتح كل المعابر والسماح للفلسطينيين بالتنقل الحر ودون أية مضايقات. وهو الموقف الذي أبداه الرئيس محمود عباس الذي اعتبر أن رفع الحصار بشكل جزئي عن قطاع غزة إجراء ''غير كاف وطالب برفعه بشكل كامل''. وأكدت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار الإسرائيلي من جهتها أن قرار إسرائيل هدفه تخفيف الضغط الدولي الممارس عليها وأشارت إلى أن هذا القرار لا يمكن تنفيذه على أرض الواقع لأن الطاقة الاستيعابية للمعابر الحالية محدودة بفعل سياسات التضييق الإسرائيلية. وأضافت أن جميع حاجيات غزة إنسانية وخاصة مواد البناء والإسمنت الذي يحتاجه الفلسطينيون لبناء منازلهم وما دمرته الحرب والمواد الخام اللازمة للصناعة. وشددت على التأكيد أنه ''لا يمكن إنهاء حصار غزة سوى بفتح كافة معابر غزة التجارية بشكل كامل والسماح بتدفق كل السلع دون استثناء بما فيها المواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع والإسمنت وأغراض البناء إلى جانب فتح الممر الآمن بين غزة والضفة الغربية لتنقل الأفراد وافتتاح الممر المائي بإشراف أوروبي''.