- ما حكم من عقد العزم على الحج، فحالت بعض الظروف دون تحقيق ذلك، بأن لم يجد مكانا خاليا في طائرة، أو لم يحصل على "تأشيرة" لدخول الأراضي المقدسة، ثم مات، فهل يسقط عنه الحج؟ * الحج فريضة من فرائض الإسلام، ويكون فرضا مرة واحدة في العمر كله مهما طال، وذلك لقول رسول الله -صلى اللّه عليه وسلم - :"يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا"، فقال رجل: "أكل عام يا رسول الله؟ فسكت - صلوات الله وسلامه عليه - حتى قالها الرجل ثلاث مرات، فقال - عليه الصلاة والسلام -: " لو قلت نعم، لوجبت، ولما استطعتم"· ويتشرط لوجوب الحج القدرة والاستطاعة، وذلك لقول الله - تبارك وتعالى - في سورة آل عمران "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا"· (آل عمران97)· والاستطاعة هي إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك إمكانا عاديا، سواء أكان ماشيا أم راكبا، وسواء أكان ما يركبه مملوكا أو مستأجرا، ويشترط ألا تلحقه مشقة عظيمة بالسفر، فمن قدر على الوصول مع المشقة الفادحة لا يكون مستطيعا ولا يجب عليه الحج، ولكن لو تكلف وتجشم المشقة أجزأه ووقع فرضا، كما أن من قدر على الحج بأمر غير معتاد، كالطيران ونحوه، لا يعد مستطيعا، ولكن لو فعله أجزأه·· ويعتبر أيضا في الاستطاعة الأمن على نفسه وماله، فمن لم يأمن على نفسه لا يجب عليه الحج، وكذا من لم يأمن على ماله من ظالم لا يجب عليه·· وفي السؤال نرى أن الشخص المسؤول عنه قد نوى الحج وعزم عليه وشرع فيه، ولكن بعض الظروف حالت بينه وبين ما يريد، حيث لم يجد مكانا خاليا في أية طائرة، ثم مات بعد ذلك - عليه رحمة الله - ومثل هذا الشخص يكون قد سقطت عنه فريضة الحج، بل المأمول في فضل الله وكرمه أن يعطيه ثواب من أدى الحج فعلا، لأن الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - يقول :"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، والله - تبارك وتعالى - يقول في سورة النساء: "من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما"· (الآية: 100)· من فتاوى الشيخ أحمد حماني رحمه الله