بدأت تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بخصوص اتهام لجنة التحقيق الدولية لعناصر من حزبه بالتورط في اغتيال الوزير الأول اللبناني الأسبق رفيق الحريري تثير تململا داخليا ضمن مؤشرات باتجاه عودة العداء بين مختلف التيارات السياسية في لبنان. ولم يكن لتصريحات نصر الله أن تمر هكذا دون أن تنذر بزوبعة سياسية قادمة بعد هدوء وعلاقة ود يبدو أنها لن تعمر طويلا بين فرقاء الساحة السياسية اللبنانية أو ما عرف بقوى المعارضة بزعامة حزب الله وقوى الأغلبية بقيادة تيار المستقبل الذي يقوده الوزير الأول سعد الحريري. ويكون هذا الأخير قد استشعر خطورة تلك التصريحات مما أدى به إلى مطالبة كل اللبنانيين إلى ''التزام الهدوء'' وقال في تجمع شعبي أمس أن ''البعض أصبح يتصور أو يخشى أو حتى يأمل في أن تؤدي ملابسات عملية اغتيال الحريري إلى أزمة سياسية جديدة في لبنان أو إلى حرب طائفية بين السنة والشيعة''.وأضاف الحريري أن ''هناك محاولات لتنظيم حملات مشبوهة لزرع الخوف في أوساط اللبنانيين ولكننا ندعو الجميع إلى الهدوء وعدم الانسياق وراء الإشاعات''. وخرج نواب مقربون من الوزير الأول أمس ليشككوا في تصريحات نصر الله ونفوا أن يكون سعد الحريري قد أبلغه بقرب توجيه المحكمة الدولية حول لبنان الاتهام لأعضاء في حزب الله باغتيال الوزير الأول اللبناني الأسبق رفيق الحريري.وكان سعد الحريري لمح في رسائل مشفرة إلى تصريحات نصر الله دون أن يذكره بالاسم وقال ''إننا لا يمكن أن نستند في تصريحاتنا إلى معلومات خاصة بالتحقيق'' وأضاف ''كفانا تهويلا وكفانا استفزازا'' دون أن يعطي أية معلومات أخرى حول هذه الضجة المتجددة في الساحة اللبنانية. وكان عمار حوري النائب في تيار المستقبل أكد أن رئيس حزبه ليس له علم بمضمون قرار الاتهام والذي ينتظر أن تنشره المحكمة الخاصة بلبنان قبل نهاية العام الجاري. وبدأت تداعيات هذه القضية تأخذ أبعادا أخرى بعد أن أكد نصر الله أول أمس في تدخل عبر محاضرة عن طريق الساتل أن الحريري أبلغه قبل توجهه إلى الولاياتالمتحدة شهر ماي الماضي أن أعضاء غير منضبطين في حزب الله ستوجه لهم المحكمة الدولية حول لبنان تهمة المشاركة في اغتيال الحريري. وقال نائب تيار المستقبل أن الأمر مجرد مغالطة ولم يتحدثوا سوى عن أخبار صحفية باحتمال توجهيه المحكمة الدولية تهمة إلى حزب الله في هذه القضية. وشدد النائب الهادي هبيش التأكيد أن الحريري لم يبلغ نصر الله بمضمون قرار الاتهام لأنه ليس على علم بمضمونه.ويبدو من خلال تواتر هذه التصريحات أن الوزير الأول اللبناني يريد تبرئة ذمته من تصريحات نصر الله التي لم يكن يتوقعها في مثل هذه الظروف . والمؤكد أيضا أن تبريرات نواب تيار المستقبل جاءت لتؤكد أن رئيس الحكومة اللبنانية أصبح يخشى من تداعيات تلك التصريحات على الوضع العام في لبنان والذي يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار العام في بلد عاش لعدة أشهر على وقع توترات سياسية ومواجهات طائفية طيلة العام الماضي وبداية العام الجاري، حالت دون تشكيل الحكومة وأبقى لبنان في حالة فراغ سياسي غير مسبوق.