اعتبر الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، أحد أبرز قادة الأغلبية النيابية المناهضة لسوريا، أن هجوم الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه الأخير على قوى "14 آذار" اللبنانية، واتهامه إياها بأنها "منتج إسرائيلي"، إنما يعني "إباحة دمها" وعودة مسلسل الاغتيالات إلى الساحة اللبنانية. شروق أون لاين/ وكالات وخارج الساحة اللبنانية، وجهت صحف عربية انتقادات واسعة للأسد، متهمة إياه ب"محاولة سرقة نصر حزب الله"، معتبرة أن خطابه يضر بالمقاومة، ويشعل نار الفتنة الطائفية بلبنان. ونقلت صحيفة "المستقبل" اللبنانية اليوم الأربعاء 16-8-2006 عن جنبلاط رئيس "اللقاء الديمقراطي" قوله: "ثمّة حملات مبرمجة ضدّ (وزير الاتصالات اللبناني) مروان حمادة تتهمه بإعطاء معلومات لإسرائيل عن مكان وجود نصر الله (الأمين العام لحزب الله)". واعتبر أن ذلك "يعني أن النظام السوري يتهيّأ لحملة تصفيات في موازاة الإعداد لانقلاب سياسي يستكمل الانقلاب العسكري". وكان حمادة قد اتهم، مع بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان يوم 12 جويليةالماضي، دمشق بالوقوف وراء عملية حزب الله التي قتل فيها 8 جنود إسرائيليين، وأسر اثنان آخران. وقال حمادة حينها: إن فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري، يصدر الأوامر وحزب الله ينفذ، ولبنان يدفع الثمن. قلب المعادلة اللبنانية واعتبر جنبلاط أن "ما جرى في الأيام الماضية هدفه قلب المعادلة اللبنانية، وتعطيل القضاء الدولي الذي كان على وشك أن يتهم رؤوس النظام السوري وبعض حلفائه في لبنان". وتابع: "إن دماء قانا (المجزرة الإسرائيلية الثانية في بلدة بجنوب لبنان يوم 30 يوليو الماضي) وأهل الجنوب غالية جدا علينا، لكن دماء الأحرار اللبنانيين غالية أيضا". وكان الأسد قد اتهم في خطاب ألقاه أمس الثلاثاء "قوى 14 آذار"، المناهضة لسوريا، بأنها "منتج إسرائيلي". وقال: إن هذه القوى تسعى "لإنقاذ الوضع الداخلي في إسرائيل وإنقاذ الحكومة (الإسرائيلية) الحالية إما من خلال إيجاد فتنة بلبنان، وبالتالي نقل المعارك باتجاه آخر من الداخل الإسرائيلي إلى الداخل اللبناني أو من خلال إمكانية نزع سلاح المقاومة". وبشرهم "بالفشل". وتتهم "قوى 14 آذار" سوريا والأجهزة الأمنية اللبنانية بالتورط في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في 14-2-2005، وما تلاه من اغتيالات استهدفت معارضين لدمشق، وهو ما تنفيه سوريا. دولة الطائف وبكلمات أعنف اتهم جنبلاط حزب الله وسوريا التي تدعمه، بالسعي داخليا للانقلاب على "دولة الطائف"، في إشارة إلى وثيقة الوفاق الوطني التي أنهت الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990). وأضاف جنبلاط في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نشرتها اليوم الأربعاء، أن "طرح نصر الله في كلمته الأخيرة بناء الدولة القوية العادلة يعني أن دولة الطائف ليست قوية وعادلة؛ وهو ما يعني أن الدولة المطلوبة هي انقلاب على دولة الطائف". واعتبر أن "الأسد يسعى لقطف ثمرة الصمود بغية توظيفها في تثبيت المحور الإيراني-السوري على حساب المحور العربي ودولة الطائف". وقال: إن "الانقلابات" تجمع بين الأسد ونصر الله. وأوضح: "الأول وصل إلى الحكم نتيجة انقلاب عسكري نفذه والده (حافظ الأسد)، والثاني يحاول الهيمنة على القرار في لبنان بتحقيق انقلاب سياسي على دولة الطائف". وكان نصر الله انتقد في كلمة تليفزيونية مساء الإثنين 14-8-2006 المطالبين بنزع سلاح حزب الله قائلا: "لم يطالب أحد في الوقت الحاضر ولا حتى العدو والمجتمع الدولي لبنان بأن يسارع إلى نزع سلاح المقاومة". ويعقد جنبلاط الخميس17-8-2006- مؤتمرا صحفيا تحت عنوان: "لن نستسلم للأسد ولا لشروط نصر الله". "سرقة نصر حزب الله" أصداء خطاب الأسد تخطت الساحة اللبنانية، بشن صحف سعودية ومصرية وأردنية، وهى أبرز الدول العربية التي انتقدت عملية حزب الله، هجوما شديدا على الرئيس السوري، متهمة إياه بمحاولة "سرقة نصر حزب الله". وقالت صحيفة "الوطن" السعودية في مقال بعنوان "سرقة النصر دون طلقة رصاص واحدة": "لا يحاولن أحد سرقة النصر الذي حققه لبنان، فحري بهذا البلد أن يهدي النصر لبنيه من دون أي تدخل من أية جهة كانت". وتحدثت الصحيفة عن الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية قائلة: "قد تكون الحرب بالنظارات سهلة، واقتناص الفرص أسهل على من يتحدث أمام حشد معبأ بالوطنية والقومية، فيما أرضه المحتلة على مرمى حجر منه، وهو لم يطلق رصاصة واحدة على عدوه منذ احتلالها، كما أن قواته لم تكن على قدر المسئولية في الدفاع عن لبنان عندما كانت على أراضيه خلال الاجتياح الذي تعرض له لبنان عام 1982"، في إشارة إلى القوات السورية. خطاب تخويني وفي عمان نشرت صحيفة "الغد" المستقلة مقالا لرئيس تحريرها أيمن الصفدي قال فيه: "تحدث الأسد عن الصمود والمقاومة وكأنه عاد لتوه من الجبهة، وكأن الجولان مشتعل في وجه الاحتلال.. نسي أن للناس ذاكرة وآذانا وعيونا لم تسجل أي فعل سوري مقاوم منذ عقود، ولم تلحظ من النظام السوري إلا استقواءً على لبنان وعلى الشعب السوري وخنوعا أمام إسرائيل". واتهمت الصحيفة الرئيس بشار بأنه بخطابه يزرع الفتنة بلبنان، قائلة: "بعد أن خرج لبنان من حرب مدمرة حافظ خلالها اللبنانيون على وحدتهم وصمودهم في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، يخرج الأسد عليهم وعلى العرب بخطاب تخويني تحريضي يذكي الفتنة في لبنان ويزرع بذور الاقتتال والفوضى". المتاجرة بالمقاومة صحيفة "الجمهورية" المصرية الرسمية، انتقدت هي الأخرى خطاب الأسد قائلة: "كان طبيعيا أن يلقي الرئيس السوري بشار الأسد خطابا بعد وقف إطلاق النار ليؤكد سروره بانتصار المقاومة اللبنانية، وهو الانتصار الذي أسعدنا جميعا". واستدركت: "لكن الرئيس السوري عليه أن يدرك أن اللغة الازدواجية التي يتحدث بها ربما كانت تصلح في عهد والده الزعيم الراحل؛ حيث كانت هناك قوتان عظميان" وفي مقال له بصحيفة "المصري اليوم" المصرية المستقلة قال الكاتب مجدي مهنا: "أقل ما يمكن أن يوصف به خطاب الرئيس السوري هو أنه سخيف وغير مسئول ويضر بمصالح لبنان ولا يفيد المقاومة وحزب الله في شيء، بل يسيء إلى المقاومة، ويتاجر بها على حساب الدور البطولي الذي قامت به في مواجهة العدوان الإسرائيلي". وأضاف: "ليس من حق بشار الأسد أن يشعل النيران في لبنان، بالإشادة بدور المقاومة والإساءة إلى القوى المناوئة لها، وحتى لو كانت سوريا هي من تمد المقاومة بالسلاح وبالدعم إلى جانب إيران".