تحظى القضايا الإفريقية بأهمية كبيرة في السياسة الخارجية للجزائر وبالخصوص منذ تولي رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم، حيث لم يتوان في كل مناسبة عن المرافعة من أجل إدماج إفريقيا في المجمعات الدولية لإسماع صوتها والتأكيد على أنها شريك حقيقي يمكن الاعتماد عليه في العلاقات الدولية، ومن ثم تطوير الأداء الإفريقي على الصعيد العالمي. فالوجه المشرف الذي ظهرت به الجزائر في آخر قمة للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا أواخر جانفي الماضي من خلال الملفات التي بحثتها المجموعة الإفريقية يؤهلها لأن تصير ذات رأي في نظام دولي متعدد الأقطاب لتتحول بذلك بلادنا إلى صوت إفريقيا الذي بدأ يحدث رجع الصدى من خلال تمثيلها القارة الإفريقية في قمة الثماني الأكثر تصنيعا في العالم. واستطاعت الجزائر بمرافعتها التي ارتكزت منذ البداية على رؤية استراتيجية لتطور الوضع الدولي لدى احتضانها قمة الوحدة الإفريقية عام ,1999 قبل أن تتحول إلى اتحاد إفريقي سنة ,2001 أن تضمن انفتاح القارة الإفريقية على المراكز الاقتصادية الدولية الكبرى. فقد تمكنت الجزائر بنشاطها الفعال كمؤسس رئيس لآلية ''النيباد'' التي تمثل إفريقيا في الشراكة الاستراتيجية مع القوى الاقتصادية الكبرى في العالم من رفع صوت الأفارقة عاليا، عارضة في ذلك تجربتها في السلم والتنمية، إذ أصبحت مرشحة لأن تكون دولة ناشئة جديدة أخرى حسب تقرير أخير للبنك العالمي. وبالإضافة إلى تأثيرها الدبلوماسي بين دول القارة السمراء، سمحت كل هذه المواصفات بالدفع إلى إشراك الجزائر مباشرة في صياغة نظام نقدي ومالي عالمي جديد متعدد الأقطاب ولو من بوابة الاستماع إليها وإلى حد طلب مساهمتها في إنقاذ النظام التجاري العالمي الذي بدأ يتهاوى أمام معدل الانكماش الذي لامس نهاية العام 2009 سقف 14 بالمائة، علاوة على تراجع التجارة العالمية بمعدل 14 بالمائة في ظروف الأزمة الهيكلية التي تمر بها بعض الاقتصاديات الأوروبية، بما فيها اقتصاديات منطقة اليورو مما يعني مرحلة أخرى من الركود قد تمتد هذه المرة إلى داخل الاقتصاديات الناشئة نفسها. وترى الجزائر أوراقا رابحة لإفريقيا في حديثها مع الكبار، فهي تعد إلى يومنا هذا سوقا مهمة للاستيراد بحجم يقارب 35 مليار دولار سنويا، وإمدادات من الغاز رخيص الثمن إلى أوروبا الذي يؤمنها شر أي إرباك محتمل قد تتسبب فيه قرارات فجائية لروسياالبيضاء بوقف الإمدادات العابرة إليها من روسيا عبر أراضيها. في حين تمثل جنوب إفريقيا الخزان الأكبر من الذهب والماس والأورانيوم الذي ما تزال الشركات الأمريكية والإسرائيلية تتفنن في استغلاله. أما أثيوبيا فهي السوق الرائجة لتجارة السلاح وعلاجات أمراض الفقر، وتوفر بعض دول الخليج أكبر احتياطي في العالم من النفط ومن العملة الصعبة ومن الصناديق السيادية ومن واردات السياحة. وبفضل نشاط الجزائر الدبلوماسي في المحافل الدولية على غرار ما قامت به في قمتي العشرين والثماني مؤخرا، أبلغت القارة الإفريقية صوتها فيما يتعلق بالشراكة الدولية للتصدي للإرهاب وكل أشكال الجريمة المنظمة وقضايا التنمية، التي منها دعم البرنامج المدمج للتنمية الفلاحية في إفريقيا الذي تمت صياغته تحت إشراف الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا (نيباد) ومبادرة لاكويلا حول الأمن الغذائي، حيث نبه الرئيس بوتفليقة بشأنها الثمانية الكبار إلى ضرورة أن تحظى بأعلى قدر من الأولوية، داعيا إياهم إلى الوفاء بالتزاماتهم فيما يخص تكثيف وتحديث الهياكل القاعدية عبر القارة الإفريقية من أجل التكفل الصحي والاجتماعي بالأمومة والطفولة على اعتبار أن هناك علاقة وثيقة بين الوضعية المزرية لهذه الفئة في كثير من الدول الإفريقية ومسألة الفقر بشكل عام في القارة السمراء. وهو الأمر الذي أبرزته الجزائر أيضا الأسبوع المنصرم بمناسبة الدورة العادية الخامسة عشرة لندوة الاتحاد الإفريقي حيث أكدت على لسان رئيسها بأن تعزيز السلم والأمن مسألة أساسية للتنمية الاقتصادية في القارة وأن إشكالية صحة الأم والمولود والطفل ترهن جهود التنمية فيها، داعيا في هذا الشأن الدول الصناعية إلى المساعدة في إطار الشراكة مع النيباد على تطوير المنظومات الصحية بالدول الإفريقية، لأن التنمية لا تستقيم من دون صحة الإنسان كما قال الرئيس بوتفليقة في خطابه في قمة الثماني الأخيرة.