ما أن يحل رمضان إلا وتجد أفواجا من المواطنين يتدافعون إلى الأسواق والمجمعات التجارية لشراء ما يلزم وما لا يلزم لمائدة الإفطار، فالهم الوحيد للغالبية ما تحتويه هذه المائدة من أطباق. حتى تلك المجمعات التجارية تتسارع في إلصاق كل سلعة بكلمة رمضان لجذب أكبر عدد من المستهلكين. أما الباعة الموسميون في الأسواق الشعبية والأخرى العشوائية يصيحون بأعلى أصواتهم ''يا الله سلعة رمضان''. تنظر أمامك فترى زخما من السلع الكثيرة والمتنوعة المصطفة وحالة من الأخذ والرد في عمليات البيع وازدحام يخنق الأنفاس. وغالبا ما يظهر ذلك في أوائل أيام الشهر الفضيل وكأن رمضان مرادف فقط للبيع والشراء والاستهلاك الكثير.. وكأنه سيطبق علينا الحصار ومنع التجول! نحن نستقبل رمضان بعقول تفكر في بطونها وفي مائدتها وكيفية ملئها بما لذ وطاب من صنوف الأطعمة، وبأفواه تنتظر الراتب بكل شغف لتصرفه في تأمين الأطباق الفاخرة في إسراف واضح لا يعرف الحدود.. كل ذلك عوض التفكير في علاقة الصائم بربه وكيف له أن يستغل كرم الشهر في التكفير عن السيئات.. كلنا ندرك أن رمضان هو شهر التوبة وليس شهر الإسراف والتبذير وتكديس القمامات خارج المنزل.. هو شهر المغفرة وليس شهر البذخ.. فرمضان شهر للتسابق مع النوافل والخيرات واكتساب الحسنات، ولكنه في زمننا هذا تحول من تجارة رابحة مع الخالق لتجارة خاسرة مع الجيوب والبطون في معادلة عكسية تنفر منها النفوس وتمقتها العقول..