يتجه اهتمام الأسرة خلال رمضان نحو "القفة"، بحيث تخصص لها ميزانية تدرس قبيل الشهر الفضيل، قد تزيد أو تنقص حسب مستوى كل أسرة، إلا أن المتعارف عليه في مجتمعنا هو الميل إلى اقتناء الكثير من المستلزمات الخاصة بتحضير مائدة إفطار متوازنة ومتنوعة، وعلى أقل تقدير اقتناء اللحوم البيضاء أو الحمراء الطازجة أو المجمدة بصفة يومية، في وقت تكتفي فيه الأسر بتحضير طبق باللحم مرة إلى مرتين أسبوعيا باقي أيام السنة. وقد لا نختلف إذا قلنا إن أسعار اللحوم البيضاء والحمراء بمجتمعنا تتضاعف أسعارها بقدوم شهر رمضان لأسباب او لأخرى، والملاحظ ان اللحوم المجمدة أضحت تستقطب إليها الاهتمام ليس فقط في رمضان، وإنما في كامل أيام السنة لتوافق أسعارها مع ميزانيات الكثيرين، ولم يعد الأمر في تزويد محلات اللحوم المجمدة مقتصرا على الأسماك مثلما كان عليه الحال في سنوات مضت، وإنما تعدتها لاقتناء اللحوم المجمدة الحمراء والبيضاء أيضا.
لحوم مجهزة ومتبلة لمائدة متنوعة تقترح تلك المحلات تشكيلة واسعة من اللحوم المجمدة، وما على ربة البيت سوى طهيها او قليها لتضيفها إلى البطاطا المقلية او الأرز لتحصل على طبق رئيسي جاهز في دقائق. كما ان اللحم المجمد المفروم يعرف إقبالا منقطع النظير كامل أيام السنة، مثلما تؤكده إحدى بائعات اللحوم والأسماك المجمدة، مضيفة أن زبائنها يشكلون مختلف طبقات المجتمع الجزائري ولا يمكن الجزم بأن الأسر ذات الدخل المحدود هي من تقتني هذا النوع من اللحوم فقط "فالكل يشتري من عندنا.. أما في رمضان فإننا لا نتمكن حتى من استرجاع الأنفاس من فرط اكتظاظ التوافد على الشراء من المحل" - تقول المتحدثة - وقد يفسر ذلك رغبة ربة البيت في تنويع الأطباق على المائدة واعتمادها بكثرة على اللحم المفروم في إعداد البعض منها، أهمها البوراك والضولمة بأنواعها الكثيرة، ويمكن للزبون ب100 دج الحصول على كمية وفيرة نسبيا من هذا النوع من اللحم المفروم تكفي لتحضير طبق لستة أفراد في المتوسط، ذلك لأن هذا اللحم يكون أكثر وفرة من اللحم المفروم الطازج وبنفس السعر. إن خدمات اللحوم المجمدة حاليا تعرض لحوما بيضاء مجمدة أيضا، وليس الحديث هنا عن الأسماك بأنواعها الكثيرة التي يفوق سعر الطازجة منها سقف 1000 دينار في أحسن الأحوال، وإنما كذلك الدجاج، بحيث تعرض حاليا قطع دجاج متبلة بأحجام مختلفة، منها الدائرية ومنها المربعة ومنها ما يباع بالميزان حسب رغبة الزبون.
المجمد لا يمكن إعادة تجميده لكن ما لا يعرفه المستهلك أن اللحم المجمد المفروم وحده يسبب مشاكل كبيرة، حيث وإلى جانب مشكلة فرمه وعرضه للبيع فإن 100 دينار مثلا تقابلها كمية كبيرة لحم مجمد مفروم وهو ما يحتم أحيانا تقسيم استعماله على مرتين وهذا خطير على المستهلك، حيث أن اللحم المجمد، وخاصة المفروم، إن انتزع منه الماء لا يمكن إعادة تجميده أو استعماله لاحقا، وهذه الخطوات يتجاهلها المستهلك، وهو ما يضاعف عدد الإصابات بالتسمم الغذائي. وعلى الصعيد الميداني فإن أسعار اللحوم المجمدة قفزت لتصل حدود 550 دج للكلغ مع بداية الشهر الفضيل، وأرجع تجار الجملة المختصين في تسويق وتوزيع اللحوم المجمدة بالعاصمة الأمر إلى قانون العرض والطلب، واشتكوا في سياق متصل من عدم استقرار الأسعار لدى الموردين بسبب المضاربة، في حين أكد لنا أحد باعة التجزئة أنه حدد بيع لحم الغنم سواء في شكل قطع أو مفروما ب500 دينارا للكيلوغرام و400 دينارا للحم البقري.