أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في حديث أدلى به لوكالة الأنباء الروسية "تاس" أن حصيلة المصالحة الوطنية هي "قيد الإعداد وتعكس إلى حد الساعة نجاحا مثيرا بالغ الارتياح يتعين تعميق نتائجها الايجابية وتعزيزها"·وذكر رئيس الدولة أن سياسة المصالحة الوطنية هذه "ولدت من حقيقة مفادها انه لم يبق من سبيل لاستعادة السلم والاستقرار في الجزائر غيرها"، مشيرا إلى أن الشعب الذي زكى ميثاق المصالحة الوطنية في سبتمبر 2005 "برهن بذلك على قدرته على الصفح تجاه الأشخاص الضالين أو المغرر بهم بفعل تفسير خاطئ للدين الإسلامي دين السلم والتسامح"·
وبشأن أولويات المرحلة القادمة أوضح رئيس الجمهورية أن هناك العديد من "الأمور قد أنجزت على الصعيد الداخلي لكن الكثير ما يزال أيضا ينتظر التجسيد من اجل الاستجابة لتطلعات الشعب الجزائري وبالخصوص تطلعات الشباب الذي يستحق حالا أفضل من حاله لحد الآن·
وفي هذا الصدد، قال الرئيس بوتفليقة "فبالإضافة إلى مقتضيات تنمية البلاد اقتصاديا قصد تحويلها إلى بلد صاعد حقا تم تخصيص اعتماد مالي يفوق 150 مليار دولار أمريكي لمخطط الإنعاش الاقتصادي الذي يتوخى تكوين الإطارات وإنشاء مناصب الشغل لصالح الشباب وتحسين الوضع الاجتماعي لكافة الجزائريين كأولوية"·
وأضاف رئيس الدولة قائلا أن"الأمر يتعلق بطي الصفحات السوداء من المأساة الوطنية التي عشناها إلى غير رجعة وبالسهر على إتمام سياسة المصالحة الوطنية"·
وردا على سؤال حول الجهود التي تبذل من قبل الحكومة الجزائرية للتكفل بقضايا الشباب، أكد الرئيس بوتفليقة أن"انطلاق مساره في الحكومة كوزير للشبيبة والرياضة هو السر في استمرار انشغاله بالشبيبة وتطلعاتها حتى بعد مغادرته هذا القطاع الهام للتكفل بملفات أخرى"·
وبعد أن تعرض إلى مختلف الانجازات التي حققتها الدولة لصالح الشباب في مختلف المجالات أكد رئيس الجمهورية أن "الكثير من العمل ينتظرنا من اجل محو آثار الأزمة الوطنية التي ابتليت بها البلاد خلال التسعينات"·
وعند تطرقه للعلاقات الجزائرية الروسية، ذكر الرئيس بوتفليقة أن "الأواصر بين البلدين كانت على الدوام أواصر صداقة وتضامن وتعاون وثيقة حتى في أحلك الظروف التي مر بها البلدان"، مشيرا إلى إمكانية تعزيز هذه الأواصر في الوقت الراهن وإضفاء عليها طابع المثالية بما يوافق روح إعلان الشراكة الإستراتيجية الذي يجمع بين البلدين·
وأضاف الرئيس بوتفليقة في نفس الإطار قائلا أن "حوارا سياسيا دائما يجمع بلدينا ويشكل أفضل رهان جودة علاقاتنا الثنائية ومداها" مؤكدا في نفس الوقت بان هذه العلاقات تندرج ضمن إطار مؤسساتي وقانوني مجدد ميزه إنشاء لجنة تعاون حكومية مشتركة ومجلس لرجال الأعمال، مشيرا إلى وجود شركات روسية تستثمر في نشاطات التنقيب عن المحروقات بالجزائر·
ودعا الرئيس بوتفليقة إلى بذل المزيد من الجهود من اجل تشجيع المتعاملين الاقتصاديين للاهتمام بفرص الاستثمار والشراكة في قطاعات المناجم والري والصحة والنقل الواعدة التي تملك فيها روسيا خبرة اكيدة وتجربة لا جدال فيها·
وقال رئيس الدولة أن "الاتصالات التي باشرناها سنة 2005 ما تزال مستمرة وان مجموعة عمل تقوم بدراسات لتقويم الاحتياجات المستقبلية من الطاقة وتحديد الحقل الأمثل للإنتاج في آفاق 2025 مع مراعاة القدرات النووية والطاقات المتجددة ودعم الجهود الوطنية التي تساعد على إنشاء أول محطة نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية"· وردا على سؤال حول إمكانية إنشاء منظمة لمنتجي الغاز مماثلة لمنظمة "الاوبيك" قال رئيس الجمهورية أن "ارتفاع حصة الغاز الطبيعي المميع في السوق العالمية وتزايد الترابط بين شبكات النقل والتوزيع قد يؤول في النهاية إلى إيجاد شروط سوق غاز مماثلة لشروط سوق النفط" · وأضاف رئيس الدولة في هذا الإطار قائلا انه "لا يوجد ما يمنع اليوم المنتدى الحالي للدول المصدرة للغاز من الاضطلاع بدور أكثر تأثيرا في تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء" مبرزا أهمية تعميق التشاور بين الجزائروروسيا وقطر وذلك نظرا للدور المهم الذي تقوم به هذه الدول على مستوى الأسواق العالمية للغاز· وذكر الرئيس بوتفليقة أن هناك "اليوم إشكالية أخرى تشغل اهتمام بعض دول المنتدى وعلى وجه اخص البلدان التي تتولى تموين أوروبا بالغاز"، مشيرا إلى أن إجراءات التقييد السارية أو التي يتم الإعداد لها تفرض ضرورة معرفة أي نوع من الحوار يتعين على منتدى الدول المصدرة للغاز انتهاجه مع المؤسسات المعنية· وقال رئيس الجمهورية أن الدفاع عن مصالح الدول الأعضاء في "الاوبيك" بشأن التوزيع العادل للإيرادات النفطية كان له دور كبير في إنشاء منظمة "الاوبيك" سنة 1960، مؤكدا بأنه "لا ينبغي لأي كان أن ينسى هذا الدرس"· وردا على سؤال حول أولويات السياسة الخارجية للجزائر، جدد رئيس الجمهورية حرصه على ترقية تعاون دولي يقوم على مبادئ التشاور والاستشارة، مشيرا إلى أن منطقة المتوسط تشكل إحدى المناطق التي تستقطب أكبر قدر من اهتمامات الجزائر ونشاطاتها الدولية· وفيما يتعلق بمنطقة المغرب العربي، ذكر رئيس الدولة أن "بناء الصرح المغاربي يشكل محورا هاما من محاور اهتمامنا ونحن مستعدون لأن نباشر بمعية إخواننا وجيراننا كافة الخطوات اللازمة لإعادة تفعيله وتجاوز المشاكل من مثل مشكل الصحراء الغربية الذي يحول دون تطوير تعاوننا"· (واج)