بدأت الفرقة المسرحية التابعة للجمعية الثقافية ''الاستجمام'' لوهران، أولى حصصها التدريبية الخاصة بالتكوين المسرحي، من خلال تقديم دروس في تقنيات وأساسيات الفن الرابع وعروض ارتجالية للمواهب المشاركة بمطعم ''دار الضياف'' بحي كناستال، حيث عرفت هذه الأمسية الرمضانية حركة فنية غير عادية وقّعتها العديد من العائلات الوهرانية وبعض المواهب الشابة، وكذا محبي المسرح الذين استمتعوا بالبرنامج الفني المقدّم. وقد اعتادت فرقة ''الاستجمام'' على تنظيم مثل هذه الدروس المسرحية خلال شهر رمضان، بهدف تعزيز رصيدها الفني وإثراء المكتبة المسرحية لوهران بهذا النوع من المبادرات، التي تفيد الشباب الهاوي بالدرجة الأولى وتعطي الفرصة لعشّاق المسرح حتى يعيشوا هذه اللحظات، في الوقت الذي تنعدم فيه برامج ثقافية تهتم بهذا المجال. ومن جهة أخرى، قدّمت فرقة ''الاستجمام'' مؤخّرا آخر أعمالها المسرحية للكاتب الراحل عبد القادر علولة، وهو عرض ''التفاح ''، الذي يتناول عدّة نصوص مسرحية قصيرة تعالج وضعيات اجتماعية مختلفة ومظاهر تمتزج بين الحزن والسعادة، قام بإخراجها المخرج الواعد جميل بن حماموش، وقامت بدور رحاب علولة التي نجحت في تجسيد الدور، وقدّمت أداء رائعا يليق باسم والدها الراحل عبد القادر علولة، فحملت ابنته المشعل وجسّدت هذا الدور إكراما لوالدها وحفظا لأعماله الفنية الخالدة. وللتذكير، فإنّ ''التفاح'' في عرضها الأول خلال ثمانينيات القرن الماضي، كانت من بطولة ألمع نجوم المسرح بوهران كالفنان سيراط بومدين، عبد القادر علولة وبلاحة بن زيان، ولأنّ نجاح العرض كان بارزا بشكل كبير من خلال التجاوب المسجّل من طرف الجمهور واستحسان النقّاد له، فقد رأت فرقة ''الاستجمام'' أنّه من الضروري إعادة المسرحية في قالب عصري جديد مع الإبقاء على الفكرة والنص، حيث قام بالبطولة بعض المواهب المسرحية الشابة مثل أمين بوكراع، جلال حجّال والممثل مصطفى لخضر في حين عاد دور البطولة لرحاب علولة. وتروي تفاصيل مسرحية ''التفاح'' حقائق عن الواقع، من خلال تجسيد قصة امرأة حامل تعيش حالات هستيرية بسبب الوحم ويوميات عامل نظافة مكلّف بتنظيف المراحيض، فيروي قصة حياته وما يعيشه من مشاكل جعلته يعجز عن تقبل وضعيته الاجتماعية المزرية. كما تنقل مسرحية ''التفاح'' معاناة فئة من المسرحيين الذين يعيشون بطالة إجبارية في انتظار أية عروض تقدّم لهم. وبعيدا عن مسرحية ''التفاح''، فقد عرفت فرقة ''الاستجمام'' من خلال تقديمها لمسرح الشارع، حيث أكّدت الممثلة رحاب علولة في أكثر من مناسبة أنّ فرقتها تفضّل هذا النوع من العرض بعيدا عن قاعات المسرح المغلقة ليكون أمام الناس في الشارع، مما يجعل العرض أكثر متعة ونجاحا، ولأنّ تجاوب الجمهور مع هذه الطريقة كان فوق أيّ تصوّر، فإنّ فرقة ''الاستجمام'' لا تسير على دربها وتقدّم أجمل العروض المسرحية في الشارع عبر مختلف ولايات الوطن. كما يعدّ تقديمها لحصص تكوينية في المسرح بمثابة واجب حقيقي وجزء لا يتجزأ من نشاطاتها، وذلك ما جعل لها مكانة خاصة عند الشباب الهاوي بعاصمة الغرب الجزائري، لأنّ التكوين المسرحي ضرورة قصوى لا يمكن الاستغناء عنها وعامل أساسي لنجاح أيّ ممثل في مشواره، فلا تكفي الدراسة النظرية لأب الفنون، بل التربص الميداني شرط أساسي لتكملة هذه المهمة، وذلك ما تصبو إليه فرقة ''الاستجمام'' التي تسير على خطى أسد وهران المرحوم عبد القادر علولة.