شهد قطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال في العقد الأخير، نقلة نوعية سواء من حيث القوانين والإجراءات المتخذة أو من جانب الأغلفة المالية المخصصة للنهوض بالقطاع، لا سيما من خلال تجسيد مشروع الجزائر الإلكترونية وتعميم استعمال تكنولوجيات الاتصال. لقد كانت الانطلاقة نحو عصرنة هذا القطاع مع قانون كسر احتكار الدولة للأنشطة المرتبطة بالبريد والمواصلات، عندما فتحت سنة 2000 القطاع للاستثمار الوطني والأجنبي، وأنشأت سلطة محايدة تسهر على تطبيق واحترام القوانين المنظمة لهذا النشاط وهي سلطة الضبط للبريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال. وعلى إثر ذلك تم فتح السوق الوطنية لمتعاملي الهاتف النقال، ليبلغ عدد المشتركين في خدمات الهاتف المحمول في الجزائر في أقل من عشرية، 27 مليون مشترك وهو مستوى قياسي مقارنة مع السنوات الماضية بعد أن كان عدد المشتركين لا يتجاوز 86 ألف عام ,2000 أي بنسبة 83 بالمائة من إجمالي عدد سكان البلاد. وأعربت الحكومة مؤخرا عن إرادتها في توسيع خدمات الهاتف النقال لبلوغ نسبة تتجاوز 100 بالمائة من مجموع السكان في حدود ,2014 بعدما كان عدد المشتركين سنة 2005 لا يتجاوز 12 مليون مشترك. وأمام هذا التطور المتسارع لتعميم خدمات الهاتف المحمول واستغلال ذلك في توظيف تكنولوجيات الإعلام والاتصال الأخرى، أكدت الوزارة الوصية في جويلية المنصرم، أن الجزائر تستعد لإطلاق رخصة الجيل الرابع مع إمكانية إطلاق متعامل رابع للهاتف النقال. وبخصوص الأنترنت، تعمل وزارة البريد بالشراكة مع اتصالات الجزائر على تحسين الشبكة الخاصة بالانترنت والسماح بتوفير معلومات بسرعة، إلى جانب ربط مكتب البريد بالأنترنت وفتح أكثر من 131 مكتب جديد عبر التراب الوطني. وسمحت هذه الإنجازات المتمثلة في تمكين المواطنين من خدمات تكنولوجيات الإعلام والاتصال، بإطلاق الجزائر لمشروع ضخم هو ''الجزائر الإلكترونية ''2013 وذلك بوضع استراتيجية إلكترونية. وشرع سنة 2009 في اتخاذ العديد من الإجراءات لتفعيل هذا التصور، لاسيما ''تسريع'' عملية التغطية من الاستفادة من التردد العالي، والخط الرقمي العالي التردد، علاوة على عملية تأمين من أجل استجابة أفضل لمختلف الخدمات المطورة بشكل يسمح بتعميم استعمال الأجهزة الإدارية لتكنولوجيات الإعلام والاتصال. وتسعى الجزائر من خلال هذا المشروع، لإدماج تكنولوجيات الإعلام والاتصال في سائر أنشطتها، وتم في هذا الإطار الاستعانة ب52 خبيرا متخصصا في مجالي البحث والابتكار، إلى إبرام شراكات لنقل التكنولوجيات والمهارات. وحسب محمد طيبي، المدير العام للوكالة الجزائرية لتثمين نتائج البحث والتنمية التكنولوجية، فإن هناك مالايقل عن 474 مشروعا مبتكرا قابلا للتجسيد بجانب الأدوار التي ينهض بها 18 مركزا للأبحاث عبر مختلف ولايات الوطن. ومعلوم أن مشروع الجزائر الالكترونية يرمي إلى تعميم استعال التكنولوجيات المتطورة في كافة الإدارات الوطنية ومجالات النشاط الاقتصادي، فضلا عن توسيعه ليشمل كافة المواطنين، اعتبارا من العام 2013 في إطار الوصول الى مجتمع المعرفة، تطبيقا لسياسة الحكومة في الإعداد للاستراتيجية المعلوماتية. ولعل إنشاء الحظيرة المعلوماتية بالمدينة الجديدة سيدي عبد الله والشروع في العمل بجواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين يعد من نتائج هذا المسعى الاستراتيجي للبلاد في النهوض بقطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال. وضمن هذا التوجه، ستسعى الجزائر مثلما أشار إليه مؤخرا وزير القطاع السيد موسى بن حمادي، الى تنظيم عروض سنوية وأخرى متعددة في السنة على مدى (20102014) ومراجعة الاستراتيجية الإلكترونية، ابتداء من ,2014 لتقييم الأعمال والمشاريع ومدى توافقها مع التقدم لاسيما وأن مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال في تطور مستمر. لقد استطاعت الجزائر بسعيها هذا من تحقيق نتائج ملموسة على درب كسب ناحية التكنولوجيا باطلاقها للقمر الصناعي (ألسات 2) في الشهر الماضي، بعد أن وضعت سنة 2009 تشريعات وقوانين لمحاربة الجريمة الإلكترونية، وضمان أمن المعاملات التجارية والمبادلات الإلكترونية عبر شبكة الواب، وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. وقد تزامنت هذه التشريعات مع توظيف الجزائر لخدمات تكنولوجيات الإعلام والاتصال، حيث قامت سنة 2009 بربط مكاتب المراقبة بالأقمار الصناعية، على غرار ما جسدته المديرية العامة للجمارك عبر مختلف مؤسساتها. وتواصل الدولة في عصرنة القطاع حيث خصصت له في المخطط الخماسي (20102014)، غلافا ماليا ضخما قيمته 250 مليار دج لتنمية البحث العلمي والتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال واستكمال مكتسبات المخططات السابقة، وتم لهذا الغرض تخصيص 100 مليار دج لتطوير البحث العلمي و50 مليار دج للتجهيزات الموجهة لتعليم الإعلام الآلي ضمن كامل المنظومة التربوية ومنظومة التعليم والتكوين و100 مليار دج لوضع الحكامة الإلكترونية.