فقدت الجزائر ليلة أول أمس أحد رموزها التاريخية وأحد أبرز الشخصيات التي فجرت ملحمة الفاتح نوفمبر 1954 المجاهد لخضر بن طوبال، المعروف خلال الثورة باسم ''سي عبد الله'' عن عمر يناهز 87 عاما. وتوفي الراحل بن طوبال حسب المعلومات الواردة من عائلته بمستشفى عين النعجة العسكري بعد صراع طويل مع المرض. ويعد بن طوبال أحد أهم الشخصيات التي صنعت تاريخ الجزائر الحديث بمواقفه الوطنية وانخراطه في سن مبكرة في صفوف الحركة الوطنية، الشيء الذي أهله لأن يكون أحد قادة الثورة وروادها. ورغم أنه فضّل الانسحاب كلية من الساحة السياسية الوطنية مباشرة بعد الاستقلال، إلا أن اسمه بقي راسخا في الحياة الوطنية بالنظر إلى دوره في كل مراحل الثورة من الإعداد إلى التنفيذ، ونجاحه في قيادة الولاية الثانية التاريخية ودوره البارز في إدارة شؤون الثورة في هيئة التنسيق والتنفيذ. ويعتبر الراحل لخضر بن طوبال المولود سنة 1923 بميلة من الرعيل الأول للثورة التحريرية، حيث باشر نشاطه النضالي ضمن الحركة الوطنية ابتداء من سنة .1940 ولم يتخلف عن الالتحاق بصفوف حزب الشعب الجزائري وأصبح مسؤولا عن هذا الأخير بمسقط رأسه، وعين عضوا بالمنظمة الخاصة خلال الفترة الممتدة من 1947 إلى 1948 التي كان يترأسها الشهيد محمد بلوزداد. ودفع النشاط النضالي ل''سي عبد الله'' في الشمال القسنطيني بالسلطات الاستعمارية إلى تصنيفه ضمن العناصر التي تشكل تهديدا لها، ونشرت أمرا بالقبض عليه، ثم أصدرت حكما غيابيا في حقه سنة 1951 خلال محاكمة أعضاء المنظمة الخاصة. وشارك في اجتماع مجموعة 22 المنعقد في 23 جوان 1954 بالجزائر العاصمة والذي ترأسه الشهيد مصطفى بن بولعيد وتمخض عنه تحديد تاريخ اندلاع الثورة. وعيّن الراحل بن طوبال عضوا بالمجلس الوطني للثورة مباشرة بعد اختتام أشغال مؤتمر الصومام في أوت 1956 وذلك قبل أن يعين أيضا في لجنة التنسيق والتنفيذ. وفي سنة 1956 أصبح مسؤولا عن الولاية الثانية خلفا لزيغود يوسف الذي سقط في ميدان الشرف ليلة 23 سبتمبر من نفس السنة، ليتقلد بعدها رتبة عقيد. وفي أفريل سنة 1957 انتقل بن طوبال إلى العاصمة التونسية رفقة كريم بلقاسم وبن يوسف بن خدة، حيث التحق في أوت من نفس السنة بلجنة التنسيق والتنفيذ الثانية. وفي أفريل 1958 أصبح بن طوبال مكلفا بدائرة الداخلية وعضوا في لجنة التنسيق والتنفيذ الثالثة بالقاهرة، ليعين بعدها وزيرا للداخلية في الحكومة المؤقتة الأولى للجمهورية الجزائرية يوم 19 سبتمبر 1958 بالقاهرة قبل أن يتم إعادة تعيينه في 18 جانفي 1960 بطرابلس الليبية. وقد شارك لخضر بن طوبال بصفته عضوا في بعثة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في مفاوضات ''روس'' قرب الحدود السويسرية من 11 إلى 19 فيفري 1962 وفي مفاوضات إيفيان في مارس .1962 وبعد الاستقلال تقلد السيد بن طوبال منصب الرئيس-المدير العام للشركة الوطنية لصناعة الحديد والصلب ورئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للحديد والفولاذ، الذي مقره الجزائر وذلك ابتداء من 15 جانفي .1972 ومن المقرر أن يوارى جثمان الراحل اليوم بمقبرة العالية بالعاصمة بعد صلاة الظهر.