تشيع اليوم جنازة المجاهد لخضر بن طوبال، أحد أبرز قادة الثورة وجيش التحرير الوطني والحكومة المؤقتة، إلى مثواه الأخير بمقبرة العالية حاملا معه كثيرا من أسرار الثورة التحريرية في مرحلة يعاد فيها بعث سجل رفقائه في إدارة شؤون الثورة عبر تيار رجعي يقوده سعيد سعدي رئيس الأرسيدي عبر التشكيك في بعض أمجاد الثورة وبعث خلافات شخصية وجهوية بين إطاراتها · وسبق وفاة بن طوبال اختفاؤه عن النقاش الدائر ولم يبرز إلا نادرا متأثرا بالمرض والشيخوخة وهيمنة منطق ''ترك ما حدث في التاريخ للتاريخ''·وترك بن طوبال وراءه مذكرات تولى صياغتها الباحث السوسيولوجي دحو جربال، لكنها لم تر النور وتردد أنه فضل نشرها بعد وفاته، فيما أشير أيضا إلى حدوث خلافات بينه وبين المؤلف· ويعود آخر ظهور علني للمرحوم بن طوبال إلى نشاط حول الثورة حيث قام بالتعقيب على ما صدر عن الرئيس الأسبق أحمد بن بلة في شهادته حول العصر الذي تبثه قناة الجزيرة، حول ظروف اغتيال الشهيد عبان رمضان على يد رفقائه في قيادة الثورة في .1957 ودافع بن طوبال عن عبان رمضان المتهم بالتخابر مع الفرنسيين، مشيرا إلى أن تصفيته كانت بسبب توجهه للسيطرة على مقاليد الثورة·وقال بن طوبال: ''أن عبان رمضان يستحق أكثر من القتل لأنه دكتاتور ولم يكن يأخذ برأي أحد في القضايا التي لا يمكن لأحد أن يتصرف فيها منفردا·· كما أنه كان يحتقر الآخرين بأسلوب جارح''· لكن لخضر بن طوبال نفي عن الرجل المثير للجدل تهمة الخيانة قائلا: ''إن عبان كان رجلا شجاعا بمعني الكلمة·· لكن تصلبه برأيه واحتقاره للآخرين وسعيه لإبعاد القيادات التاريخية للثورة وإحلال جماعته مكانها·· هي سبب الاتجاه نحو تصفيته''· وبرأ بن طوبال نفسه من مقتل عبان رمضان، وقال ''إن عبان رمضان أوهمنا بأنه سيسافر إلى المغرب لمقابلة الملك الراحل محمد الخامس لمناقشة ملف المشكلات مع السلطات المغربية·· وذهب رفقة كريم بلقاسم ومحمود الشريف من تونس إلى إيطاليا ثم إلى إسبانيا التي كانت بوابة دخولهم للمغرب·· وفي مدينة تطوان تم تنفيذ قرار إعدامه في أحد أيام شهر ديسمبر من عام.''1957 ثم يمضي ليبرئ نفسه من الضلوع في تنفيذ أو التفكير في التصفية حيث قال فاستهجنت الإعدام وقلت للذين نفذوه·· لم نتفق على هذا·· بل اتفقنا على سجنه عند وصولكم إلى المغرب تمهيدا لمحاكمته أولا·· ثم قلت لهم هذه مصيبة وعلينا إعلان استشهاده··· وهذا ما حدث بالفعل''·وتتطابق شهادة بن طوبال مع تقرير أعده العقيد أوعمران عن الحادثة وحمل فيها العقيد بوصوف وحده مسؤولية اغتيال عبان رمضان· ويرحل بن طوبال في ظل ظهور تيار رجعي يقزّم قادة الثورة ويقدمهم على أنهم دميون· ويشكل كتاب سعيد سعدي الأخير عن الشهيد عميروش ذروة هذه الحملة، خصوصا من خلال استهداف أحد رفقاء بن طوبال وحليفه وهو العقيد بوالصوف قائد ومؤسس جهاز استعلامات الثورة التحريرية·