دعا الدكتور أمين الزاوي إلى تنظيم ملتقى دولي حول القاص والباحث في علم الاجتماع عمار بلحسن، بمناسبة احتضان الجزائر السنة القادمة لتظاهرة ''تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية'' نظرا لكون الأديب ابن المنطقة من جهة واعتبارا من جهة أخرى لرصيده الأدبي والعلمي الغزيرين. وحث الزاوي في المحاضرة التي ألقاها أول أمس في الفضاء الثقافي لجريدة ''الجزائر نيوز'' حول الأعمال والسيرة الحياتية لعمار بلحسن وهذا بمناسبة مرور 17 سنة على رحيله على جمع الأعمال الكاملة لهذه الشخصية الفذة سواء في عالم القصة أو في مجال البحث الاجتماعي الثقافي، كما طالب بضرورة الكشف عن أعمال الراحل التي لم تنشر بعد، وكذا غير المكتملة منها مضيفا أنه من اللازم الاهتمام بمثقفيها خاصة المغيبين منهم. وتناول الزاوي السيرة الأدبية والعلمية لعمار بلحسن، فقال إنه كان كاتبا بارعا في جنس القصة، كما نظم دراسات كثيرة حول سوسيولوجية المثقف، وكان الراحل رئيسا لمخبر سوسيولوجية الأدب بمركز بحث في وهران، علاوة على إدارته لمعهد علم الاجتماع بنفس الولاية. وأضاف الزاوي أنه كتب مع بلحسن العديد من القصص الساخرة من بينها قصة ''بوعلام يوزع منشورات في شارع العربي بن مهيدي''، كما كان الزاوي عضوا في المخبر الذي كان يترأسه بلحسن ونشر معه العديد من الدفاتر التي تعنى بالأدب. وشبه الزاوي بلحسن بالكاتب السوري ثامر زكريا في استعمال السخرية في الكتابة واعتماده على الرمزية في مواضيع أعماله علاوة على نقده للأوضاع السلبية والاجتماعية لمحيطه، إلا أنه تحسر على المكانة المرموقة التي يحظى بها هذا الكاتب في بلده بعد أن كان منفيا في لندن، عكس بلحسن الذي غيب وهو حي ويغيب أيضا بعد وفاته. وأكد الزاوي أن بلحسن معروف في العالم العربي أكثر مما هو مشهور في بلده رغم أنه كان مترجما أيضا فقد ترجم من الفرنسية إلى العربية أعمال العديد من علماء الاجتماع وفي مقدمتهم لوسيان غولدمان. وطرح الزاوي سؤالا: ''ماذا حقق عمار بلحسن للأدب الجزائري''؟ وأجاب عن سؤاله قائلا: ''لقد طور بلحسن اللغة العربية وعمل على تقريبها من اللهجة المحلية بحيث استعمل في قصصه لهجة سكان مسقط رأسه بمسيردية بتلمسان ولم يمنعه هذا من نشر أعماله في بعض العواصم العربية كبغداد وبيروت، أيضا، استطاع بلحسن أن يتخلص من ردائه العلمي المنضبط في كتاباته القصصية فكان بحق أهم قاص مثقف في الجزائر''. وأشار الزاوي إلى أن بلحسن كان عصاميا ولم يدرس بصفة منتظمة إلا لسنوات قليلة، فكان يدرس في البيت وأضاف أن هذا المبدع لم يكن ينطق ويكتب إلا باللغة العربية ولكنه تعلم الفرنسية في السنوات الأخيرة من عمره وكتب بها بعضا من أبحاثه، فكان المرحوم مدافعا عن التعددية اللغوية بحجة العلم والمعرفة. وفي هذا السياق، أكد المحاضر أن بلحسن كان جسرا بين المعربين والمفرنسين في السبعينيات وظهر هذا جليا من خلال صداقاته مع كتاب يكتبون بالفرنسية مثل يوسف سبتي والطاهر جاوت وكذا خلال ادارته لمعهد علم الاجتماع بوهران إذ استطاع أن يحقق الوفاق بين الأساتذة الذين يدرسون بالعربية ونظرائهم الذين يدرسون بالفرنسية في حقبة عرفت بتشنج العلاقات بين الطرفين. بالمقابل، كان بلحسن يعيش إقصاء حقيقيا حتى على مستوى جامعة وهران يضيف الزاوي وهذا من طرف التيار اليساري المهيمن آنذاك والذي كان يعتبر بلحسن يمينيا وهو ما سبب الكثير من الحزن للدكتور بلحسن. وللإشارة فإن لعمار بلحسن العديد من القصص والأبحاث من بينها: ''حرائق البحر''، ''أصوات'' و''يوميات الوجع'' وكذا البحث الذي نشره في مجلة ''آفاق'' التابعة لاتحاد كتاب المغرب بعنوان: ''الإسلام والديمقراطية'' الذي تنبأ فيه بظهور آفة الإرهاب ومسها لدول الغرب وكذا إلى مواضيع أخرى مثل الديموقراطية في العالم الثالث وظاهرة انغلاق المجتمع وغيرها من المواضيع. وكتب الزاهر الذي توفي سنة 1993 عن عمر ناهز 40 سنة بعد مرض عضال، في العديد من المجلات والجرائد المحلية منها والعربية وكان انسانا محبا للبحث والكشف عن المجهول. في سياق آخر كشف الزاوي ل''المساء'' عن مشروعه الجديد المتمثل في مسرحية ''ديوان المعرفة'' التي سيمثل فيها دور الحلاج وهي من اخراج سليمان بن عيسى، فقال إنه سيبدأ تسجيل هذه المسرحية للتلفزيون الجزائري يوم 13 سبتمبر القادم، مضيفا أنه اختار رفقة بن عيسى مجموعة من قصائد الحلاج التي تتناول مراتب التصوف السبع.