تشرف وزارة التجارة على الانتهاء من إعداد قائمة للمواد المعنية بمراجعة تفكيك التعريفة الجمركية الخاصة بها في إطار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ومن المرتقب أن يتم تسليمها خلال الأسابيع القادمة إلى الطرف الأوروبي للنظر فيها. وكشف وزير التجارة السيد مصطفى بن بادة في لقاء مع مجموعة من الصحافيين الخميس الماضي بمجلس الأمة على هامش حضوره جلسة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان عن تسجيل تقدم في تحضير القائمة النهائية للمواد التي تستوردها الجزائر من أوروبا والتي تقترح الجزائر تعليق عملية تفكيك الرسوم الجمركية التي استفادت منها بموجب تطبيق اتفاق الشراكة. وذكر الوزير أن الوثيقة الجزائرية بلغت مرحلة جد متقدمة من الإنضاج بل ''هي الآن في الروتوشات الأخيرة''. وحول ما اذا كانت الحكومة قد حددت تاريخا معينا لتسليم تلك الوثيقة رفض السيد بن بادة الخوض في الموضوع واكتفى بالقول ان العملية ستتم ''خلال الأسابيع القادمة''. وتأتي خطوة الجزائر نحو إعداد رزنامة جديدة للتفكيك التعريفي بعد تقييم شامل أعدته وزارة التجارة للخمس سنوات منذ دخول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوربي حيز التطبيق، حيث اظهرت الإحصائيات اختلالا في المبادلات التجارية بين الطرفين وذلك لصالح الاتحاد الاوروبي، حيث لم تستفد الجزائر من الاستثمارات الأوروبية المنتظرة، بل بالعكس انحصر التعامل على تدفق السلع نحو السوق الوطنية مما أدى الى ارتفاع مذهل لفاتورة الاستيراد بلغت مستويات خطيرة. وكشفت مصالح الجمارك أن التفكيك الجمركي تسبب في خسارة بقيمة 8,1 مليار دولار من المداخيل المختلفة منذ دخول اتفاق الشراكة حيز التنفيذ العام .2005 وذكر مسؤول التجارة الخارجية بوزارة التجارة السيد شريف زعاف انه ''مقابل 1دولار تصدره الجزائر نحو الاتحاد الأوروبي فإنها تستورد ما قيمته 20 دولارا''. ورفعت الجزائر انشغال مراجعة رزنامة التفكيك الجمركي الى الطرف الأوروبي، وشكل محور المحادثات التي جرت في الدورة الخامسة لمجلس الشراكة المنعقدة منتصف شهر جوان الماضي بلكسمبورغ وترأسه عن الطرف الجزائري وزير الخارجية السيد مراد مدلسي. وتوج ذلك الاجتماع التقييمي بالاتفاق على مراجعة رزنامة التفكيك التعريفي وذلك بناء على المادتين 9 و11 من نص الاتفاق. وحسب الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من الاتفاق، فإن الجزائر لها أحقية مراجعة قائمة المواد المعنية بالتفكيك الجمركي وذلك خلال الفترة الانتقالية التي تمتد الى 2017 تاريخ التوصل الى إقامة منطقة للتبادل الحر بين الجانبين. وتنص على ''إمكانية مراجعة قائمة المواد في إطار اتفاق ثنائي يتم اتخاذه على مستوى مجلس الشراكة...وفي حال لم يتوصل مجلس الشراكة الى اتفاق في ظرف 30 يوما من تسجيل طلب الجزائر بمراجعة قائمة المواد، فإنه بالإمكان تعليق قائمة المواد المعفية مؤقتا وذلك لمدة سنة''. اما المادة 11 من الاتفاق فإن من بين ما تشير إليه هو ان الجزائر بإمكانها ''اتخاذ إجراءات استثنائية لمدة محدودة وذلك على شكل حقوق جمركية جديدة. ويتم تطبيق تلك الرسوم على المواد التي قد تشكل الصناعات الناشئة او حول بعض القطاعات التي تعرف إعادة هيكلة أو تلك التي تعاني صعوبات حقيقية خاصة تلك المرتبطة مباشرة بمشاكل اجتماعية... ويحق للجزائر تطبيق تلك الرسوم لمدة لا تتجاوز خمس سنوات، إلا انه بإمكان تحديد فترة أطول إذا لقيت موافقة من مجلس الشراكة''. ويذكر ان اتفاق الشراكة حدد التفكيك الجمركي في ثلاثة مراحل تضم الأولى سلع التجهيز وتخضع لتفكيك جمركي بنسبة 100 بالمائة بمجرد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ. وتضم الثانية المواد الأولية، قطع الغيار والسلع غير المنتجة محليا وتخضع لعملية تفكيك بنسبة 25 بالمائة على مدار أربع سنوات من سنة دخول الاتفاقية قيد العمل. أما المرحلة الثالثة فتتعلق بالمنتجات المحلية وتستفيد من إعفاء من عملية التفكيك لمدة ثلاث سنوات من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، ويبدأ التفكيك من السنة الرابعة بمعدل 10 لكل سنة وذلك إلى غاية السنة الثانية عشر. وبناء على ذلك، فإن الطلب الجزائري يرتكز أساسا على بنود الاتفاق التي تنص صراحة على الحق في اللجوء الى مراجعة بعض البنود في حال لم تكن في صالح طرف ما. واستنادا الى نص المادة التاسعة فإنه في حال كان الرد الأوروبي ايجابيا بخصوص القائمة المعروضة عليها، فسيتم دعوة لجنة التوجيه لعقد اجتماع قصد إبرام اتفاق شراكة حول البرنامج الجديد للتفكيك. وفي موضوع آخر يتعلق بمسار المفاوضات الجارية لانضمام الجزائر الى المنظمة العالمية للتجارة، أكد السيد بن بادة ان الكرة في مرمى اللجنة التقنية التابعة للمنظمة حيث تنتظر الجزائر ردها عن جملة الأجوبة التي سلمتها إياها قبل مدة. وعاد الوزير في حديثه الى مسار تلك المفاوضات في المدة الأخيرة ومنها إرسال الجزائر لمذكرة تتضمن رد الجزائر على 96 سؤالا تم طرحه من قبل. وانه على ضوء الردود التي تصدر عن اللجنة التقنية والمواقف التي سيتم الكشف عنها سيتم تحديد تاريخ عقد الدورة ال11 من المفاوضات. وعما إذا كان هناك تطور ايجابي في مسار المفاوضات اعتبر السيد بن بادة انخفاض عدد الأسئلة من 230 الى 96 سؤالا مؤشرا ايجابيا يبعث على التفاؤل وأعرب في هذا السياق عن أمله في ان تكون ردود الأطراف صاحبة تلك الأسئلة ايجابية. وأوضح ان المفاوضات في الإطار الثنائي (أي في مفاوضات الجزائر مع كل دولة على حدة) تسير في الاتجاه الصحيح في حين تبقى بعض العراقيل قائمة في إطار المفاوضات المتعددة الأطراف خاصة مع الاتحاد الأوروبي.