أعلن رئيس جمعية فرنسا - الجزائر السيد بيار جوكس، أوّل أمس بباريس، عن انعقاد ملتقى جامعي قريبا بهدف تعزيز مكانة اللغة العربية في المجتمع الفرنسي· معربا خلال ندوة صحفية عن أسفه لتراجع الصلة التقليدية التي تربط فرنسا بالحضارة العربية، واصفا الأمر بالخطير، لأن هذه العلاقة التقليدية - كما قال - تعدّ أحد مكوّنات الثقافة الفرنسية، لأن العلوم العربية الإسلامية بصفة عامة وصلت إلى "فرنسا بواسطة اللغة العربية" · وفيما يخصّ التقليد الفرنسي المرتبط باللغة العربية، قال السيد برونو هالف عضو الجمعية ومفتش عام شرفي للغة العربية بوزارة التربية الفرنسية، أنّ تعليم اللغة والثقافة العربيتين يعود إلى القرن ال16، لاسيما مع إنشاء قسم اللغة العربية في 1530 بمعهد القراء الملكيين الذي أسسه فرانسوا الأول والذي أصبح فيما بعد معهد فرنسا· وذكر في هذا السياق بالعلوم والتقنيات التي جاء بها العالم العربي الإسلامي إلى أوروبا· مشيرا إلى أنّ نجوما وكواكب لا تزال تحمل تسميات عربية مثلما هو الحال بالنسبة للعديد من الأزهار والخضر وتقنيات البناء الخ··· وأضاف أنّ عطاء الثقافة العربية الإسلامية سمح ببروز عظماء فرنسيين مثل جاك بارك، إرنيست رينان وأندري ميكال· وسعيا إلى إعادة الاعتبار للثقافة العربية لدى الرأي العام الفرنسي، ذكر الفيلسوف الجزائري محمد أركون، الذي أشرف على إعداد موسوعة شارك في إثرائها أكثر من 70 مؤرخا وكاتبا·· ضرورة إعطاء "نظرة أخرى" محررة للقوالب التي "تغذي اليوم صدام الحضارات المزعوم"· وأوضح المستشار هادي بلحاسين وهو عضو بالجمعية، أن "العربية هي اللغة الثانية المتداولة في فرنسا نظرا للعدد الهام من المهاجرين الناطقين باللغة العربية"، كما يتعلق الأمر بالنسبة لجمعية فرنسا - الجزائر بحماية كل الشباب المهاجرين العرب الذين هم ضحايا التمييز العنصري لاسيما فيما يخص التشغيل· وأبرزت مذكرة للمجلس الجامعي المشترك للدراسات العربية، مشاركة "ضئيلة" للخدمة العمومية الفرنسية للتربية الوطنية في تعليم اللغة العربية، وكذا "غياب سياسة للاستجابة للطلب الاجتماعي لتعليم اللغة العربية"، وقد دعم هذا الطرح الأستاذ برونو هالف، الذي أشار إلى أن اللغة العربية استعادت "مكانتها على مستوى العالم كلغة معبرة"· مضيفا أن الامر يتعلق اليوم ب"الاستجابة إلى حاجيات التلاميذ والطلبة على اختلاف أصولهم الذين يرغبون في اختيار تخصصات مرتبطة بالعالم العربي" · وأشار المفتش العام الشرفي، إلى أن"التعليم المبكر للغة العربية (···) في الطور الابتدائي يخصّ نسبة ضئيلة جدا من المدارس والتلاميذ"· مضيفا أنه في التعليم الثانوي "تدرس العربية في 250 مؤسسة تعليمية يبلغ تعداد تلاميذها 8000 تلميذ"، في حين "تضم الجامعة عددا هاما من الطلبة"، لاسيما في المعهد الوطني الفرنسي للغات وحضارات المشرق الذي يعد أكثر من ألف طالب، ويحتل تعليم اللغة العربية المكانة الخامسة بعد الإنكليزية والإسبانية والألمانية والإيطالية· ودعا المجلس الذي ندّد ب"عدم احترام مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم العام"، إلى ضرورة تعميم تعليم اللغة العربية على سائر البلاد، لأن تعليم اللغة والثقافة العربيتين لا يجب كما قال أن يبقى محصورا على جاليات، بل ينبغي الرجوع إلى "تقاليد القرن ال16 للاستجابة للحاجيات المهنية المتزايدة للطلبة الراغبين في التخصص لاسيما في تاريخ العلوم العربية·