مع انطلاق عملية بيع تذاكر الحج لهذا الموسم، عاد من جديد الجدل القائم بين السلطات المعنية ووكالات السياحة والأسفار الخاصة، التي لم تهضم الإجراءات الجديدة التي صدرت مؤخرا لتحسين الأمور، خاصة بعد أن أخلّت بعض الوكالات بالتزاماتها تجاه المعتمرين وتخلت عنهم في البقاع المقدسة، حيث أثبتت فشلها في الموسم السابق للعمرة، مما جعل العديد من المواطنين الراغبين في الحج يعبرون ل''المساء'' عن ارتياحهم، متسائلين كيف لو كالة فشلت في تنظيم العمرة أن تطالب بتنظيم الحج؟ وكانت تجربة العمرة خلال رمضان الفارط، القطرة التي أفاضت الكأس، سواء بالنسبة للحجاج الذين لم يصدقوا ما حدث لهم بالبقاع المقدسة، عندما تخلت الوكالات الخاصة عنهم، أو بالنسبة للسلطات المعنية التي لجأت هذه المرة الى ضبط العملية لوضع حد للتهاون والتلاعب بالعمرة والحج، الذي تحول الى هاجس بالنسبة للمتنقلين للبقاع المقدسة، خاصة أن أغلبهم من كبار السن الذين تضرروا كثيرا نتيجة لعدم التزام وكالات السفر والسياحة بالتزاماتها. ويأتي قرار الحكومة الأخير والمتعلق باقتصار تنظيم عملية الحج هذه السنة على المؤسستين العموميتين النادي السياحي الجزائري والديوان الوطني للسياحة بحصة 14 ألف حاج، ليضع حدا للتلاعب بالحج والحجاج، الذين قال بعضهم ل ''المساء'' أنهم تحولوا إلى سلعة لدى بعض الوكالات الخاصة التي تهاونت الى درجة أنها لا تبرمج حتى رحلة عودتهم أثناء تأدية العمرة، التي تتزامن عادة مع شهر رمضان الكريم، بينما اعتبر البعض الآخر قرار إقصاء الخواص هذا العام، قرارا صائبا حتى لا يكون المواطن ضحية في كل مرة، وتزول هذه الصورة السيئة عن موسم الحج. فالتجارب الفاشلة والمتكررة للوكالات السياحية التي لم تثبت نجاحها، خلال مشاركتها لعدة سنوات في موسم الحج والعمرة وعدم ظهورها بالوجه اللائق، جعل الراغبين في زيارة البقاع المقدسة يرحبون بقرار الإقصاء وإسناد العملية للنادي السياحي الجزائري والديوان الوطني للسياحة، كما جعل السلطات المعنية تضع حدا لهذا التهاون الذي يعد من المشاكل التي تؤرق كثيرا الحجاج. وإن كانت الوكالات السياحية الخاصة تنفي في كل مرة مسؤوليتها مما يحدث للحجاج، حيث لم تستسغ إقصاءها من تنظيم الحج، فإن الواقع أثبت عكس ما تصرح به الوكالات ما بعث على الارتياح وسط الراغبين في تأدية الحج لهذا العام، كون المهمة أسندت لمؤسستين عموميتين عريقتين في مجال السياحة والسفر، بالنظر الى القوانين التي تخضع لهما المؤسستان، عكس الوكالات الخاصة التي تتخلى في كل مرة عن التزاماتها، وهو ما جعل الحكومة تصدر إجراءات جديدة ستطبق بداية من نوفمبر المقبل، أهمها منح الوكالات السياحية الخاصة اعتمادا يجدد كل ثلاث سنوات، فضلا عن الحصول المسبق لرخصة الاستغلال التي يسلمها الوزير المكلف بالسياحة. ورغم أن العديد من الوكالات لم تف بالتزاماتها تجاه المعتمرين والحجاج مما تسبب في إقصائها، فإن النقابة الوطنية لوكالات السياحة اعتبرت القرارات المتخذة مؤخرا، تمييزا بينها وبين القطاع العمومي، وإجحافا في حقها، كما ذكرت النقابة أول أمس أن الوكالات لا تتحمل أي مسؤولية فيما حدث في العمرة، وأنه ليس لها أية علاقة بإعادة المعتمرين إلى ارض الوطن، وأن الوكالات وقعت ضحية للديوان الوطني للحج والعمرة، وهي تحاول إثبات براءتها مما يقع للحجاج كل سنة، غير أن القوانين التي صدرت في الجريدة الرسمية خلال جويلية الفارط وستطبق في نوفمبر المقبل ستنظم نشاط الوكالات بصفة جيدة وواضحة وتنهي التلاعب بالحجاج والمعتمرين الذي تكرر عدة مواسم.