تعرف المسلسلات التي تصور حياة الأنبياء والتي عرضت ومازالت تعرض في الكثير من القنوات إقبالا كبيرا من المشاهدين الجزائريين... إقبال زاد بعد النجاح الكبير الذي حققه المسلسل الإيراني ''يوسف الصديق عليه السلام'' والذي يعد من أهم المسلسلات التي صورت حياة نبي بالنظر إلى الشهرة الكبيرة التي عرفها. ورغم أن كل المستجوبين الذين التقتهم ''المساء'' كشفوا عن وعيهم بضرورة عدم الكشف عن وجه الشخصية التي تجسد صورة أي نبي بحكم أنه لا يجوز تجسيد الأنبياء حسب فتاوى أهل السنة، إلا أن هذا لم يمنع الكثيرين من متابعة هذا النوع من المسلسلات والإعراب عن إعجابهم بطريقة عرض القصص. وما يؤكد الإقبال على مسلسلات الانبياء التي ينتجها الايرانيون عرض نسخ منها لأول مرة في محلات أشرطة الفيديو، وكذا لدى بائعي أشرطة ال''دي في دي'' المنتشرين في كل زاوية من العاصمة، والذين يضعون هذه المسلسلات في مقدمة ما يعرضونه من أفلام ومسلسلات ورسوم كرتونية. محلات تبيع نسخا غير أصلية سرا كشفت لنا الجولة التي قادتنا الى عدد من محلات بيع الافلام عن تعامل البعض بسرية مع هذا النوع من المسلسلات الدينية، والسبب كما أكده لنا بعض المستجوبين من أصحاب هذه المحلات انها اشرطة غير أصلية، أي مستنسخة من الانترنت، وبالتالي لايحوز أصحاب المحلات ترخيصا لبيعها. إلا أن الإقبال الكبير على هذه المسلسلات بشهادة محدثينا جعلهم يجازفون لاسيما وانهم يشتكون من المنافسة الشديدة من اصحاب الطاولات الفوضوية الذين يبيعون الأفلام والمسلسلات بأسعار جد تنافسية. وحول هذا حدثنا سمير بائع أشرطة فيديو بالأبيار قائلا ''منذ أن تم عرض مسلسل يوسف عليه السلام انتابت الناس حمى الأفلام الدينية، حيث يقصدوننا يوميا لطلب تأمين هذا النوع من الأشرطة، وأعتقد ان السبب في نجاح هذه القصة ان الناس تميل الى متابعة المسلسلات المصورة أكثر من السمعية... وعلى العموم قصة سيدنا يوسف قمنا ببيعها لبعض زبائننا حيث تتكون من 45 حلقة ويقدر ثمن نسخة المسلسل ب 500دج. واليوم نحن نتلقى طلبات كثيرة للحصول على نسخ من قصة سيدنا ابراهيم الخليل وقصة مريم العذراء التي تبث هذه الأيام ببعض الفضائيات، وشخصيا لا اخفي عليكم أنني تابعت بعض الحلقات من مسلسل يوسف الصديق فقط... حقيقة أعجبتني القصة لاسيما واني لا اعرف أحداثها بالتفصيل، ولكن سرعان ما توقفت عن متابعته لأني على يقين بأنه لا يجوز تجسيد شخصية الأنبياء وكان من المفروض أن يتم تغطية وجهه ... وأعتقد ان ذلك هو العيب الكبير في هذا المسلسل رغم نجاحه''. حيرة بين الالتزام الديني والربح التجاري من جهته قرر مراد بائع أشرطة فيديو التوقف عن بيع أشرطة المسلسلات الدينية التي تصور شكل الأنبياء، مثل قصة سيدنا يوسف عليه السلام وقصة أهل الكهف، وعن السبب أوضح لنا قائلا ''كان صديقي يجلب لي هذه الأشرطة المقلدة، حيث كنت أبيعها ب 200دج وقد لقي مسلسل يوسف الصديق إقبالا كبيرا من جميع الشرائح خاصة الشباب، إلا اني امتنعت في الآونة الأخيرة عن بيع هذه الأشرطة لأن بعض الزبائن عاتبوني من منطلق اني أساعد في الترويج لمسلسلات تجسد الأنبياء... وانطلاقا من اقتناعي بصحة هذا الرأي توقفت عن بيعها. ومع هذا يقصدني يوميا زبائن يطلبون الشريط الذي يعرض قصة سيدنا يوسف، وكذا شريط سيدنا ابراهيم الخليل الذي يبث هذه الأيام على بعض الفضائيات، وأنا صراحة أبحث عمن يقدم لي فتوى قاطعة بجواز او عدم جواز بيع هذه الأشرطة، لأني تاجر اسعى الى الربح الحلال وإرضاء زبائني في نفس الوقت، ولأن الطلب كبير خاصة على هذين المسلسلين''. وعكس أصحاب المحلات لايجد اصحاب الطاولات في مختلف احياء العاصمة لاسيما على مستوى النفق الجامعي أي حرج في عرض مسلسلات الانبياء التي ظهرت مؤخرا، وخاصة بعد شهر رمضان الكريم لتنافس مختلف الافلام والمسلسلات الأمريكية ذائعة الشهرة، ولايخفي هؤلاء الطلب الكبير على هذه المسلسلات الذي جعلهم يسعون الى جلب نسخ منها، بل وبيعها بأثمان أعلى من التي يبيعون بها آخر ما أنتجته هوليوود من أفلام. وسألت '' المساء'' بعض المواطنين عن الموضوع، من بينهم كمال مدني بائع أحذية الذي قال إنه من الناحية الشرعية لا علم له إن كان يجوز متابعة هذا النوع من المسلسلات أو لا، إلا أنه على قناعة بأنه لا يجوز تجسيد شكل الأنبياء والكشف عنهم. ومع هذا يضيف أنه تابع أحداث المسلسل الديني يوسف الصديق عليه السلام وقد نال إعجابه كثيرا، وعلى حد علمه تقترب قصة المسلسل إلى حد كبير من القصة الأصلية المذكورة بالقرآن الكريم. كما أنها تساعد الأشخاص الذين لا يعرفون قصص الأنبياء على اكتشاف حياة الأنبياء والاطلاع على حياتهم... لأن الصورة تجعل الفكرة تترسخ بالذهن أكثر من قراءة القصة أو الاستماع اليها. العلم بتحريم تجسيد الأنبياء لم يمنع المشاهدة! وانصبت آراء المستجوبين من المواطنين على اختلاف شرائحهم العمرية كلها في وعاء واحد، وهو مشاهدة المسلسل الديني يوسف الصديق من منطلق روعة رواية القصة والطريقة الجيدة التي تم من خلالها تقمص الشخصيات وطريقة بناء الأحداث وقربها من تلك المذكورة بالقرآن الكريم، على الرغم من وعي الأغلبية بعدم جواز تجسيد الرسل والأنبياء في السينما والمسرح والتلفزيون، فهذه الآنسة حسينة تحدثنا قائلة ''تابعت كل أحداث مسلسل يوسف الصديق رغم علمي بعدم جواز تجسيد نبي، ومع هذا اعتبرها وسيلة تساعد الناس على فهم قصص الأنبياء خاصة بالنسبة للأطفال، كما أن مشاهدة المسلسل ترسخ القصة أكثر من الاستماع إليها أو قراءتها''. ومن جهتها حدثتنا إيمان صاهر عن مشاهدتها لمسلسلي أهل الكهف وسيدنا يوسف عليه السلام، حيث أكدت أنها من خلال متابعة هذه الأحداث تمكنت من فهم قصصهم في الوقت الذي لم تتمكن فيه من فهم بعض الأمور بالقرآن الكريم، وتضيف ''أن ما جلب انتباهي هي القصة في حد ذاتها لأني على يقين أن من يؤدي الأدوار هم ممثلون فقط''، وهو نفس الانطباع الذي رصدناه عند الآنسة خديجة. ف وهي طالبة جامعية، حيث قالت ''شاهدت مسلسل يوسف عليه السلام وأنا مقتنعة وعلى وعي بعدم جواز تجسيده، ولو كان لدي الوقت لتابعت مسلسل سيدنا إبراهيم عليه السلام، لأنها في رأيي مسلسلات دينية ناجحة، خاصة وأن بعض الناس لا يعرفون عن قصص الأنبياء شيئا، فعلى الأقل هذه المسلسلات تمكن البعض من الاطلاع على هذه القصص، وإن كنت غير راضية عن تجسيد صورة النبيين يوسف وإبراهيم عليهما السلام''. المسؤولية تقع على عاتق المنتج وليس المشاهد وسعيا منها لمعرفة رأي الدين في مسألة مشاهدة المسلسلات التي تجسد الأنبياء اتصلت ''المساء'' بالأستاذ زين الدين العربي، وهو إمام خطيب بجامع ابن فارس بالقصبة، وحول موضوع المسلسلات الدينية التي تكشف عن وجوه الأنبياء حدثنا قائلا: ''لعل الأفلام والمسلسلات الدينية عبارة عن بديل للتمثيل الإسلامي الذي أقرته الشريعة الإسلامية، بشرط أن يكون مضبوطا بقواعد الدين، وقد قيل على الفنان أن يتبين، وعلى المتدين أن يتيقن كما أن الأفلام والمسلسلات الدينية تعد بديلا مهما عن المسلسلات الإباحية والخليعة، وعلى العموم الشريعة الإسلامية حسب اعتقادي أجازت مشاهدة هذه المسلسلات...ولكن ينبغي ان لا تحمل مخالفة للشرع والمعروف هو تحريم تجسيد الأنبياء، إلا أن المسؤولية تقع على عاتق من أنتج المسلسل وأخرجه، ولا شيء على من يتابعه، وكان من المفروض قبل أن يتم عرض مثل هذه المسلسلات الدينية أن يتم إحالتها على مجامع الفقه لتطلع عليها أو لتتدارك بعض الأخطاء أو النقائص حتى لا يتم تغليط المشاهد، وعليه يجوز مشاهدتها إن كان السيناريو صحيحا بالرجوع إلى ما هو مذكور بالقرآن الكريم''..