بعد المسلسلات التركية والمكسيكية وكذا الكورية جاء دور المسلسلات الإيرانية لتفرض نفسها وسط هذه الموجة الإعلامية الضخمة التي صارت تدعم الحملة الخاصة بالإنتاج الدرامي من خلال فتح جميع القنوات الفضائية العربية أبوابها لإحتضان هذه الأعمال المدبلجة التي لاقت إستحسان المشاهدين العرب وحتى النقاد مما جعل التلفزيون الجزائري يتحمّس هو الآخر لإدخال هذه الأعمال ضمن برنامجه الرمضاني من خلال مسلسل "أهل الكهف" الذي يتناول قصة أهل الكهف التي وقعت سنة 137م وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم في سورة الكهف حيث تدور أحداث القصة حول مجموعة من المؤمنين خلال فترة الرومان في فيلادلفيا وهي "الأردن حاليا" أين يقوم هؤلاء بالإقرار بإيمانهم وأن اللّه واحد أحد ناكرين الأصنام، وبعد أن يتوعدهم ملك الرومان الظالم بالقتل والتعذيب يلوذون بالفرار ويهربون أين يجدون كهفا يأويهم لمدة 3 قرون كاملة، علما أن هذا المسلسل يضم حوالي 18 حلقة وهو إنتاج إيراني مائة بالمائة، وعرضه على شاشة التلفزيون الجزائري يعتبر خطوة هامة لتقوية العلاقات الإيرانية الجزائرية والأولى من نوعها. وعليه فإن مسلسل أهل الكهف أول مسلسل تاريخي إيراني يبث على قنواتنا الوطنية في شهر رمضان بعد أن كان التلفزيون الجزائري قد إبتعد تماما من عرض مسلسل "يوسف الصديق" و"مريم العذراء" اللذان يعرضان حصريا على بعض القنوات العربية مثل قناة "نسمة" والسبب في ذلك تحريم تجسيد شخصية الأنبياء والصحابة في أعمال درامية الأمر الذي جعل الأئمة وأهل الدين يعارضون بث هذه المسلسلات التي تناقض ديننا الحنيف وتخل به، ليكتفي التلفزيون الجزائري بعرض "أهل الكهف" كونه لا ينافي أيا من مبادئنا الإسلامية ولا يعرض شخصيات الرسل والأنبياء في صورة مجسدة بل يحكي فقط قصة أهل الكهف وما مرّوا به من معاناة بسبب إعلانهم للإسلام ومعارضتهم لعبادة الأصنام، وكيف حماهم اللّه تعالى لمدة 3 قرون كاملة، ليبين لعباده أنه قادر على كل شيء وإن شاء أمرا يقول له كن فيكون. وإضافة إلى هذا العمل التاريخي الديني الجميل فإن اليتيمة قد برمجت أيضا على شاشاتها مسلسل »إبن سينا« الذي هو من إنتاج إيراني أيضا ويضم 18 حلقة حيث يتعرض لحياة إبن سينا وعلاقته بالحكام وكذا زهده في المناصب والإغراءات الدنيوية وإهتمامه بالأبحاث والإكتشافات الطبية والعلمية، ليكون هذا العمل ثاني مسلسل درامي يعرضه التلفزيون الجزائري الذي إنضم بدوره لقائمة الفضائيات العربية المهتمة بالإنتاج الإيراني لتتسع شبكة هذا الإنتاج بشكل كبير خصوصا في رمضان نظرا لطابعها الديني وكونها تطرقت لمواضيع واقعية تمس تاريخنا الإسلامي وتعرض حقائق ربما كان يجهلها الكثير من المشاهدين الذين إستحسنوا هذه المسلسلات وصاوا من عشاق الدراما الإيرانية في ظرف زمني قصير بعد أن كانوا مولعين بالمسلسلات التركية التي يبدو أنها لم تجد مكانا لها بعد الدخول القوي للأعمال الإيرانية خصوصا أن هذه الأخيرة قد سجلت نسبة مشاهدة كبيرة لم يتوقعها النقاد ولا الإعلاميون وربما هذا ما يسمى بمفاجأة الموسم. ولأن الطابع الديني هوما كان العامل الأكبر في شعبية هذه المسلسلات فإن الأمر ربما يتغير تماما بعد عرض أعمال أخرى من نوع الدراما التي تعرض قضايا إجتماعية وعاطفية حسبما أعلنت عنه شبكات " أل.أم. بي.سي" التي ستعرض أحد المسلسلات الإيرانية بعنوان »الوهم« مباشرة بعد شهر رمضان ليكون المشاهد العربي على موعد آخر لمتابعة مزايا الإخراج الإيراني في هذا المجال وبعيدا عن قصص الأنبياء والرسل، لتبقى الأعين مشدودة حول إبداع الإنتاج الإيراني وقدرته على جلب إهتمام المواطن العربي والتأثير فيه تماما مثلما حققته من نتائج من خلال مسلسل "يوسف الصديق" للمخرج "فرح اللّه سلحشور" و"مريم العذراء" إضافة الى "الملك سليمان" ومسلسل "أصحاب الكهف"، في الوقت الذي تتداخل فيه الآراء حول موقف الأئمة ورجال الدين فيما يخص عرض هذه المسلسلات التي بالغت نوعا ما في تجسيد شخصيات الأنبياء، مثل سيدنا يوسف عليه السلام الذي مثل دوره أحد الممثلين الإيرانيين وهذا أمر حرام وغير مقبول لأن الأنبياء لا يجسدون في شكلهم ولا ينطبق بأصواتهم لأنهم مكرّمين ولا يجدر تقليدهم، مثل الفيلم الإسلامي والتاريخي الناجح "الرسالة" الذي لم يخل أبدا بهذه المبادىء أين لم تجسد أبدا شخصية نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بل إكتفى المخرج بالإعتماد على شخصيات أخرى لإيصال رسالته وما ينصح به أمته عكس "سيدنا يوسف" أين مثلت شخصية بكل حرية وهو ما أعاب عليه العديد من الأئمة وحتى المثقفين والإعلاميين الذين رأوا أن هذه النظرية صحيحة. وبعيدا عن هذه الضوضاء والمتابعة التي أقدمت فيها الدراما الإيرانية يفضل التلفزيون الجزائري عرض أعمال بعيدة عن هذه النقاشات التي لا نهاية لها، والإكتفاء بإرضاء المشاهد الجزائري الذي يبدو أنه لم يعجبه أي برنامج ضمن اليتيمة وفضل التوجه نحو قنوات عربية أخرى كونه غير راض عما برمج في رمضان مما بعث في نفسه الملل والغضب في نفس الوقت.