''ميمون يا ميمون''، اسم على غير مسمى لشاب قضى كل حياته منحوسا تعيسا يعاني من ويلات الحياة، فبالرغم من جماله الفتان (ما أقبحه!) وذكائه الخلاق (ما أغباه!) وفطنته النيّرة (ما أغفله) وخفته المعهودة (ما أثقله)، فميمون غير ميمون والحظ اختار طريقا مستقيما يوازي مسار صاحبنا حتى لا يلتقيا أبدا. ميمون شخصية مسرحية قدمت أول أمس بقاعة الحاج عمار بالمسرح الوطني الجزائري لمسرح ''تاغنجا'' المغربي، من طرف ممثلين قاما بأداء ثمانية ادوار عن طريق استعمال الأقنعة، ميمون لا ينتظر كثيرا من الحياة، كيف لا وهو الذي لم يذق منها إلا الويلات، فكيف له أن يسعى إلى السعادة وأن يبحث عن حياة كريمة؟ نعم ميمون القوال، ملّ من العذاب وأراد أن يتذوق القليل من الفرحة التي يراها في محيا الآخرين، فهل يتحقق الحلم؟ يبدأ الراوي بسرد أحداث المسرحية فيتحدث بتهكم عن ميمون الرجل الوسيم، البهيّ الطلعة والفارس المغوار والذكيّ الفطن (عكس الواقع)، إلا انه من غير حظ لأنه فقير، أو كما قال ''ميمون، لا زهر لا ميمون''، وفجأة يقرر ميمون السفر بحثا عن ميمونه... أليست أرض الله واسعة؟ هذا صحيح فيجب أن يسترزق ميمون وإلا أصابه الجوع ومات قبل أن يحقق حلمه في إيجاد ميمونه، حسنا ماذا سيعمل ميمون؟ لن يفكر صاحبنا في هذا الأمر فهو الآن يريد النوم في هذه المغارة الواسعة وربما سيأتيه الحل في منامه؟ وكان لميمون ما أراد، فقد راوده في منامه حلم جميل أو أتاه في يقظته؟ حيث طلب منه شخص أن يسترزق من موهبته وان يظفر ب''خبزة حرفية''، بدلا من التسكع والجري وراء أحلام اليقظة.... ''خبزة حرفية'' يتساءل ميمون، ما هي الحرفة التي تمّكنه من أكل الخبز يا ترى؟ حسنا لقد وجدها فهو يحب الغناء وصوته جميل (حسب اعتقاده طبعا)، اجل سيصبح مغنيا وسيتنقل من منطقة إلى أخرى طلبا للقمة العيش، وها هو يجد نفسه في مدينة تعيش فيها أميرة قبيحة وخادمتها لونجة الجميلة. ويقرر ميمون الاستقرار قليلا بالمنطقة، وبالضبط تحت أسوار القصر ويبدأ أداء أغنيته الوحيدة والشهيرة والتي تحتوي على مقطع واحد يقول فيه: ''ألي تما شفناه ألي تما شفناه....... ألي تما شفناه والشفاعة على رسول الله''. وسمعت الأميرة غناء ميمون واعتقدت أنه كان يقصدها في غنائه وانه رآها تقوم بفعل مخجل، فأرسلت خادمتها لونجة عنده وقدمت له خبزة مزيّنة بالسمسم وفي داخلها كمية معتبرة من الذهب، وهذا حتى لا يفضحها وطلبت منه عدم العودة إلى هذه المدينة أبدا. وكم كانت فرحة ميمون بالخبزة الكبيرة وستكون اكبر لو دهنها بالزيت، وهنا يذهب صاحبنا إلى بائع الزيت، وأمام دهشة هذا الأخير بجمال الخبزة يطلب من ميمون أن يبيعها له ويقبل ويغادر المكان، بينما يعود بائع الزيت السيد مستور إلى البيت حتى يقتسم الخبزة مع زوجته المستورة، وكم كانت دهشته عظيمة حينما يكتشف كمية الذهب في الخبزة. وتتكرر هذه العملية مرتين، وفي كل مرة يتحصل ميمون على الخبزة المحظوظة ويبيعها للمستور من دون أن يعرف محتواها، وأصبح المستور ميمونا أما عن ميمون فقد بقي على حاله إلى غاية اليوم الذي لم تعد تملك فيه الأميرة أي شيء تقدمه لميمون فتصاب بانهيار عصبي، ويقلق الحاكم كثيرا على مصير ابنته ويقرر معرفة سبب علتها الذي لم ينجح أي طبيب في معالجتها، وهنا يكتشف قصة ميمون ويستدعيه إلى القصر، ويندهش من معرفة أن ميمون لا يعرف أسرار الأميرة فيطلب منه إعادة الذهب وتزيد دهشته حينما يدرك بأن ميمون لا يعرف بوجود الذهب أصلا فيعرف الحكاية بأكملها ويعاقب المستور والمستورة بمائة جلدة، وفي هذا السياق يخسر المستور كل شيء فقد باع محله ووضع النقود في صندوق الذهب الذي أرجعه إلى الحاكم كما تخلت عنه زوجته المستورة بعد أن تعرفت على شاب جميل من الشات (الانترنت). وهنا نتوقف لنتساءل، هل بعد كل ما حدث لميمون سيعرف حياة جديدة، خاصة بعد أن كرّمه الحاكم بصندوق الذهب جزاء كونه سبب شفاء ابنته الأميرة؟ لا نعلم ذلك ربما تغير حظ ميمون إلى الأبد نحو الأفضل وربما عرف منعرجا وان كان كبيرا فإنه سرعان ما سيعود إلى حاله؟ حقا كل واحد وميمونه وكل واحد ورزقه. للإشارة، لقيت مسرحية ''حكاية ميمون'' تجاوبا كبيرا من الجمهور الذي صفق كثيرا لعرض الممثلين المميّز، هذا الجمهور الذي أشركه الممثلان في العمل المسرحي وجد ضالته في هذه المسرحية التي جاءت في قالب فرجوي وترفيهي متألق، لينتهي العرض بعزف الممثلين على الطبل كم