تسعى الجمعية الجزائرية لتنظيم الأسرة، لتجعل من الفحص الطبي قبل الزواج، أكثر شمولا مما هو عليه الآن، وذلك من خلال المناداة بضرورة إجراء تحاليل مفصلة لكل شخصين مقبلين على الزواج، ذلك لأن بعض الأمراض الوراثية وكذا المتنقلة جنسيا، لا تظهر إلا من خلال تحليل دم مفصل، كما أن المعمول به حاليا هو مجرد استشارة طبية بسيطة وسطحية بحسب توضيحات الدكتور عبادلية فطيمة، عضو الجمعية الجزائرية لتنظيم الأسرة في لقاء مع "المساء"··· قبل الزواج ينشغل العرسان بتحضير كثير من التجهيزات والاهتمام بأدق التفاصيل، ولكنهم يتجاهلون أهم شيء وهي الفحوصات الطبية التي يمكن عن طريقها كشف بعض الأعراض الوراثية وحماية الأبناء من التشوهات، وغيرها من الامور التي تهدد الحياة الزوجية··· تتمثل تلك الفحوصات في قياس نسبة الهيموغلوبين في الدم وحجم كريات الدم الحمراء والبيضاء على السواء، ومن هذين الفحصين البسيطين، إن كان طبيعيين يفترض أن الشخص خال من مرض اللوكيميا أي سرطان الدم أو أية أمراض دم أخرى، أما إذا كان فيهما خلل فيطلب من العروسين فحص آخر، وهو القيام بتحاليل الدم المفصلة لأنواع الهيموغلوبين عن طريق الفصل الكهربائي·
فحوصات هامة لا يقتصر الأمر على الفحوصات السابقة الذكر فقط، ولكنها تمتد الى أكثر من ذلك بكثير وتتعلق بفحوصات لتجنب الأمراض الوراثية، فحوصات لمعرفة مدى قدرة المقبلين على الزواج على إنجاب الأطفال، وفحوصات تتعلق بمعرفة أي من الطرفين يحمل أمراضا قابلة للنقل عن طريق الاتصال الجنسي أو المخالطة اللاصقة، وأهمها السيدا والسفيليس والتهابات الكبد الوبائية· وتؤكد الأحصائية عبادلية فطيمة، التي ترعى برنامج الصحة الإنجابية والجنسية بالجمعية السابقة الذكر، أن أولى خطوات الفحص الطبي تشمل التعرف على التاريخ المرضي للشاب او الفتاة، مع إجراء الفحص السريري الذي بموجبه يمكن اكتشاف ما إذا كان أحد الزوجين يعاني من مرض مزمن يمكن ان ينتقل للأطفال مثل سكري البول المزمن، الذي أثبتت الدراسات الطبية أنه إذا كان أحد الوالدين مصابا به، فإن احتمال إصابة الأبناء بالمرض كبيرة· كما يشكل زواج الاقارب مشكلة أخرى تسعى الجمعية الجزائرية لتنظيم الأسرة، للوصول الى إقناع عينة كبيرة من المواطنين، خاصة في القرى والمداشر، بضرورة العدول عنه، لأن احتمال اشتراك الأب والأم في نفس الصفات الوراثية يكون لديهما بشكل كبير، وبالتالي ارتفاع احتمال إصابة أطفالهما بتشوهات خلقية أو أمراض وراثية· وفي السياق، أظهر المسح الجزائري لصحة الأسرة 2002، أن نسبة زواج الأقارب كانت 3،33%·
أمان الصحة الجنسية تأمين للصحة الإنجابية تبعا لبعض معطيات المسح الجزائري لصحة الأسرة، فإن نسبة السيدات المتزوجات والبالغات بين (50 و 59) سنة من العمر، وسبق لهن الحمل مرة واحدة على الأقل وصل الى 97%، كما قدر متوسط عدد الحمل ب 8 في الوسط الحضري و9 في الوسط الريفي، كما يلاحظ أن نسبة 8،86% من مجموع حالات الحمل انتهت بولادة حية و4،8% انتهت بإجهاض، مقابل 1،4% انتهت بمواليد موتى، وعلى هذا الأساس، فإن الاهتمام بصحة الأم والحامل والمرضع، هو المحور الأساسي للصحة الإنجابية للأسرة، وتبدأ أول خطوة - حسب محدثتنا - بالاهتمام بالصحة الجنسية للمقبلين على الزواج، بدءا بإجراء تحاليل طبية مفصلة تكون للحماية من الأمراض المنقولة جنسيا و"السيدا" أساسها· وتذكر الدكتورة عبادلية، أن إقرار إجراء الفحص الطبي لكل المقبلين على الزواج، خطوة إيجابية ولكنها غير كافية، والمطلوب هو إقرار رسمي بضرورة إجراء تحاليل دم مفصلة وتشخيص صحي كامل ومتكامل للزوجين، وإن لم يتم بعد إقرار هذه الخطوة رسميا، فإن الجمعية أخذت على عاتقها مسؤولية توسيعها عن طريق لجانها الولائية وحملاتها التحسيسية والتوعية، والأهم على الإطلاق، العمل على جعل الفحص المخبري حول "الأش· إي· في" إجباريا··· ذودعما لهذه المجهودات، سترعى الجمعية في 11 نوفمبر الجاري، دورة تكوينية للشباب المنخرط في كل ولاية، لتعليم طرق الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا ومنها الزهري، الفاطر، السيلان، و"السيدا"، بهدف إقناع أكبر نسبة من المقبلين على الزواج، بضرورة إجراء تحاليل مخبرية لأمان حياتهم الجنسية فيما بعد، ويبدو حسب المتحدثة، التي كانت لها عدة لقاءات مع شباب مقبلين على الزواج، أن هناك وعيا كبيرا وتخلصا نسبيا من قيود "الطابوهات" المحاطة ب"السيدا" والعلاقات الجنسية، كما ذكرت المتحدثة أنها واجهت حالات تحاليل طبية سلبية لأزواج حاملين أمراضا وراثية وتم تحذيرهم، غير أن مدى الاستجابة أو عدمها تعود إليهم· وردا على سؤالنا للدكتورة مسيد، أخصائية في طب النساء والتوليد حول مدى الاستجابة للفحص الطبي قبل الزواج، على الأقل بالنسبة للنساء، أكدت الأخصائية أن النساء عادة لا يولين اهتماما لصحتهن إلا عند حدوث الحمل بعد الزواج· مشيرة الى أن الفحص الطبي لكل شخصين مقبلين على الزواج أكثر من ضرورة، على الأقل لتفادي ولادة أطفال مشوهين أو مصابين بأمراض وراثية، والأهم على الإطلاق تحاليل الدم، تجنبا للأمراض الجنسية منها "السيدا"·· ملفتة الانتباه الى أن "السيدا" بالجزائر بدأ بإحصاء حالة واحدة بداية الثمانينيات والعدد حاليا في حدود 500 وحاملي "الأش· إي· في" في حدود 2000، ولو تم إيلاء الأهمية القصوى بإجبارية الفحص الإكلينيكي على الأقل لكل مقبلين على الزواج، لما وصل الحال إلى ما هو عليه الآن، خاصة إذا علمنا أن من بين المصابين أمهات ورضع وأطفال· وفي حديثنا مع بعض المتزوجين حديثا، ممن استوجب عليهم إجراء فحوصات طبية قبل إتمام العقد المدني، قالوا أن الخطوة إيجابية المغزى، ولكنها تسبب بعض العراقيل، بالنظر الى الوقت الذي يستغرقه الفحص الإكلينيكي وإجراء التحاليل FNS)) والإشعات·· كما أسر لنا آخرون أن الأمر أبسط مما هو معتقد، حيث اكتفوا بقصد أطباء تركوا على الملفات ختمهم وإمضاءهم لا غير! أما مسألة التحليل حول "السيدا"، فهو مستبعد كل البعد للأزواج الجدد·