الأئمة لا يطبقون تعليمة تسجيل الزواج المدني قبل »الفاتحة« * * كشف إحصاءات تقديرية تحصلت عليها »الشروق اليومي« من مصادر في سلك العدالة، أن مجموع قضايا الزواج العرفي والزواج المزيف المطروحة على المحاكم الجزائرية يتراوح بين 4000 و5600 نزاع قضائي في الأحوال الشخصية كلها تتعلق بقضايا إثبات عقد الزواج أو إثبات وقوع الفاتحة وإثبات النسب ومطالبة الاعتراف بالأبناء بسبب عدم التزام الأئمة بتطبيق تعليمة وزارة الشؤون الدينية القاضية بعدم إبرام الزواج الشرعي إلا بعد تسجيل الزواج في سجل الحالة المدنية. * * المحامي بوجمعة غشير: رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان * وفي هذا الصدد قال المحامي بوجمعة غشير، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، في تصريح ل»الشروق اليومي« إن عدد قضايا المتعلقة بقضايا الزواج العرفي تضاعف منذ السنة الماضية ليس فقط بسبب عدم التزام الأئمة بتعليمة وزارة الشؤون الدينية، بل وأيضا بسبب تطبيق المادة 8 من قانون الأسرة الذي منع الأزواج من عقد القران المدني مع زوجة ثانية إلا بعد الحصول على موافقة الزوجة الأولى، مما دفع هؤلاء إلى الاكتفاء بعقد قرانهم بالزوجة الثانية عرفيا، مؤكد أن معظم قضايا إثبات الزواج المطروحة على المحاكم تخص الأزواج الذين سبق لهم الزواج من قبل، ثم تزوجوا مرة ثانية، وتعذر عليهم تسجيل زواجهم الثاني في الحالة المدنية. * وأكد المحامون الذين جمعت »الشروق اليومي« آرائهم حول الموضوع، بأن المحاكم أحالت عشرات القضايا على مخبر المديرية العامة للأمن الوطني منذ السنة لإجراء تحاليل الحمض النووي ومن ثم إقرار النسب لولي الطفل، حيث أثبتت التحقيقات في القضايا المطروحة على العدالة أن العديد من الأزواج يلجأون إلى الأئمة لإبرام القران الشرعي مستعينين بشهود مزيفين. * وأوضح المحامون بأن قضايا الزواج العرفي تضاعفت بشكل ملفت للانتباه وغير مسبوق خلال السنة الأخيرة رغم التعليمة القاضية بإلزام الأئمة بعدم إبرام الزواج الشرعي ما لم يسجل الزوجان عقد زواجهما في البلدية، هي تعليمة أصدرتها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف السنة الماضية بهدف الحد من مشاكل الزواج العرفي وحماية حقوق الزوجة والأبناء وحفظ النسب. * * المحامية فاطمة الزهراء بن ابراهم: * اشتراط موافقة الزوجة الأولى هو السبب * وفي هذا الصدد أكدت المحامية فاطمة الزهراء بن ابراهم في تصريح ل»الشروق اليومي«، أن المادة 8 من قانون الأسرة هي السبب الرئيسي في تضاعف نسبة المتزوجين عرفيا وارتفاع عدد قضايا إثبات الزواج، مؤكدة بأن القاضي يجد نفسه ملزما بإثبات كل عقود الزواج العرفي التي تطرح أمامه، طالما أن هذا النوع من الزواج يعتبر شرعيا ويتوفر على كل أركان الزواج، حيث تنتهي كل قضايا الزواج العرفي التي تعرض على المحاكم الجزائرية بإصدار القاضي لأمر لضابط الأحوال المدنية بتسجيل الزواج. * وطالبت بن براهم بضرورة إعادة النظر في المادة 8 من قانون الأسرة لأنها فتحت المجال لوقوع مشاكل كبرى في توقيع عقود الزواج. * وما تزال العائلات الجزائرية تبرم العقد الشرعي بقراءة الفاتحة وتؤجل العقد المدني لمدة أسبوعين أو ثلاث أو إلى شهر أو عدة أشهر، تصل أحيانا إلى سنة، وذلك حسب موعد الزفاف. كما أن العديد من عقود الزواج الشرعية يبرمها أشخاص عاديون يتميزون بالورع والتقوى والالتزام بتعاليم الدين، ويحفظون القرآن الكريم، مما جعلهم يحوزون على ثقة العائلة التي توكل لهم مهمة إبرام عقد الزواج الشرعي للأبناء، رغم أنهم ليسوا أئمة. * * * يحي دوري: المدير الفرعي للتوجيه الديني بوزارة الشؤون الدينية * »الفاتحة« ليست شرطا في إبرام عقود الزواج * اعترف المتحدث باسم وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، يحي دوري، المدير الفرعي للتوجيه الديني، أن العديد من الأئمة لا يطبقون تعليمة وزارة الشؤون الدينية، غير أنه برر ذلك بحجة أن هؤلاء يتعاملون عن ثقة مع العائلات الجزائرية التي تقصدهم في أحياء أو قرى أو مداشر صغيرة ولهذا يستمرون في إبرام عقود الزواج الشرعي دون أن يكون الأزواج قد سجلوا زواجهم في الحالة المدنية مسبقا. * وقال المتحدث في تصريح ل»الشروق اليومي« أن »زواج الفاتحة يجرجر العديد من الأئمة في المحاكم بسبب القضايا التي ترفعها الزوجات اللواتي تخلى عنهن أزواجهن قبل أن يسجل الزواج في الحالة المدنية، حيث أن المحاكم تلجأ في أغلب الأحيان إلى استدعاء الإمام الذي أبرم عقد الزواج الشرعي لسماع شهادته، وإثبات وقوع الزواج«. * وأضاف، بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بتوثيق العقود، وعقد الزواج أولى بالتوثيق، متسائلا: كيف نوثّق عقود شراء السيارات وعقود شراء السكنات... وغيرها ولا نوثق عقود الزواج التي وصفها القرآن الكريم بأغلظ العقود، أو بالميثاق الغليظ. * وفي نفس السياق قال السيد يحي دوري، إن العقد الإداري للزواج يحمل كل شروط العقد الشرعي غير أن الجزائريين يتبرّكون بالعقد الشرعي، حيث أن قراءة الفاتحة في إبرام الزواج الشرعي يبارك الزواج وغيابها لا يبطله لأنها ليست شرطا أو ركنا من أركانه. * وأعاب المتحدث على أئمة المساجد عدم التزامهم بتعليمة وزارة الشؤون الدينية التي تقضي بعدم إبرام الزواج شرعيا إلا في حالة وجود عقد زواج مدني موثق، مؤكدا انه في الكثير من الأحيان يضطر بعض الشباب إلى الانتقال لمنطقة معينة لا يعرفه سكانها، ويقيم فيها لفترة مؤقتة، وخلال تلك الفترة يتزوج من فتاة ما من المنطقة بعقد شرعي دون تسجيل الزواج مدنيا، غير أنه سرعان ما يغادر أو يختفي بلا رجعة ويتركها معلقة، بدون أي وثائق تثبت أنه كان في يوم ما زوجها، وعادة ما يترك هؤلاء أبناء وراءهم، فتلجأ العائلة للعدالة. * كما كشفت أرقام رسمية لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف أن المساجد الجزائرية تبرم مليونين و300 ألف »زواج فاتحة« سنويا، شرط أن يتم توثيقها في سجل الحالة المدنية بالبلدية المعنية. * * * الشيخ شمس الدين يطالب بتزويد الأئمة بسجل للحالة * من جهته أكد الشيخ شمس الدين بأن الزواج العرفي انتشر بشكل ملف للانتباه في السنة الأخيرة بسبب ما جاء به قانون الأسرة من إجراءات لتقييد تعدد الزوجات، مطالبا بضرورة تزويد كل الأئمة بسجل للحالة المدنية يسجلون فيه كل عقود الزواج الشرعية التي يبرمونها، على أن تتولى البلدية تسليم الدفاتر العائلية فقط، وذلك لتفادي مشاكل الزواج العرفي، مستنكرا بشدة الطريقة المعمول بها حاليا والتي تعتمد على توقيع عقدين منفصلين في الزواج، الأول يوثق في السجل المدني، والثاني يبرم شفهيا من طرف الأئمة. وقال الشيخ شمس الدين إن العديد من الأرامل وضحايا الإرهاب يشترطن على أزواجهن إبرام زواج عرفي حفاظا على المنحة التي يتقاضينها والتي ينص القانون سحبها منهن في حالة زواجهن من شخص آخر بعد وفاة أزواجهن.