شايب يلتقي مع أفراد الجالية الجزائرية المقيمة ببلجيكا ولوكسمبورغ    بداري يشرف على المراسم..توقيع 21 اتفاقية توأمة بين مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي    تلمسان.. معركة فلاوسن ملحمة بطولية كبرى للثورة التحريرية    وهران.. يوم دراسي دولي حول التطورات وآفاق الإنعاش في طب الأطفال    رئيس الاتحادية الجزائرية للفروسية يفوز بعضوية مجلس إدارة الاتحاد العربي للفروسية    وزير الاتصال يؤكد على أهمية تكوين صحافيين ملتزمين بالدفاع عن مصالح الوطن والمجتمع    تجمع أمل الجزائر يجدد "رفضه القاطع" لأي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد    وزير الاتصال يفتتح دورة تكوينية لفائدة الصحفيين بالعاصمة    الفريق أول السعيد شنقريحة ينصّب قائد الدرك الوطني الجديد    سوناطراك تستكشف الوسائل اللوجيستية والبنى التحتية ل "شيفرون" الأمريكية    إفتتاح شهر التراث: ملتقى دولي حول التراث الثقافي والذكاء الإصطناعي بالجزائر العاصمة    المؤتمر أل10 لإتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب: إتحادات نقابية إفريقية تؤكد دعمها اللامشروط للعمال الصحراويين    لقاء حول آليات حماية التراث المعماري والحضري    فلسطينيون يشكرون الجزائر وتبّون    سعيود يسلط الضوء على الأثر الإيجابي لتيليفيريك قسنطينة    محرز يحب المزاح    هذا جديد مديرية الضرائب    البكالوريا المهنية في 13 ولاية    مدير الأمن الوطني يستقبل نظيره الإيطالي    الرئيس يتلقّى رسالة من السيسي    عودة لانسبيكتور    العاصمة : توقيف 3 أشخاص وحجز قرابة 5000 قرص مؤثر عقلي    مقتل 7 أشخاص وجرح 178 آخرين    باتنة : وفاة شخص وإصابة آخرين بصدمة    الاحتلال الصهيوني يعتقل أكثر من 4000 فلسطيني    الأورنوا: لم تدخل أية مساعدات إلى قطاع غزة    شركة موبيليس تجري تجارب ناجحة على الجيل الخامس    مهرجان الشعر النسوي يعود في طبعته 14 بقسنطينة    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    الرابطة الأولى: وفاق سطيف يرتقي للصف الرابع, و نجم مقرة يتنفس الصعداء    الحصار الراهن على قطاع غزّة الأشد منذ بدء العدوان الصهيوني    مترو الجزائر يُطلق استبيانًا لتقييم رضا المسافرين    أمراض فطرية تصيب المحاصيل الزراعية    هياكل جديدة تعزّز الخريطة الصحية بتيارت    نحو شراكة جزائرية بيلاروسية واعدة ومتنوعة    دور ريادي للجزائر في تطوير المشاريع الطاقوية إفريقيا    بطولة افريقيا للجيدو فردي: الجزائر تشارك ب 17 مصارعا في موعد ابيدجان    بناء مدرسة جزائرية عصرية وتشجيع التلاميذ على الابتكار    استحضارٌ لمناقب رجل دولة    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    الشباب القسنطيني يدخل أجواء لقاء نهضة بركان    نملك خزانا بشريا نوعيا وفخورون بحصاد مصارعينا في الأردن    سد بن خدة تلقّى 200 ألف متر مكعب من الماء    الموسيقى الجزائرية قادرة على دخول سجل السيمفونيات العالمية    لقاء إبداعي بامتياز    المسرح المدرسي.. وسيلة فعّالة لتنمية شخصية الطفل    انشغالات المواطنين أولوية المجالس المحلية    مولودية الجزائر تطعن في عقوبات "الكاف" وتردّ ببيان    أوبرا الجزائر: افتتاح المهرجان الدولي ال14 للموسيقى السيمفونية    تقييم أداء مصالح الاستعجالات الطبية: سايحي يعقد اجتماعا مع إطارات الإدارة المركزية    حج 2025: اجتماع اللجنة الدائمة المشتركة متعددة القطاعات    اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وجهاً لوجه    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكرى ال56 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة
نوفمبر الحافز
نشر في المساء يوم 31 - 10 - 2010

تعود علينا الذكرى ال56 لاندلاع ثورة الفاتح نوفمبر المجيدة، اليوم لنحييها ونمجد نصرها وفضلها على الشعب الجزائري وباقي شعوب المعمورة التي كافحت ولازالت تكافح نير الاستعمار الغاشم.. هذا الاستعمار الذي يسعى البعض ''بهتانا'' إلى تمجيده وتعظيمه، في محاولة لتزييف التاريخ، ولكن التاريخ يأبى أن تحرف صفحاته الخالدة، كما تأبى الذاكرة أن تمسخ الحقائق أو أن تبتر من واجب الاعتراف بما اقترفته فرنسا الاستعمارية من جرائم ضد الإنسانية إبان ثورة التحرير الخالدة.
وتلقانا الذكرى ال56 لغرة نوفمبر ,1954 التي نحتفل بها بشعار ''نوفمبر ثورة وانتصار''، وقد انكشفت المزيد من الحقائق التي ظلت إلى وقت قريب، مبعدة ومغيبة عن واجب الاعتراف وإثراء الذاكرة الجماعية، ومنها ما سلط المؤرخون الفرنسيون عليه الضوء مؤخرا من غل وحقد ظل بعض الساسة والرسميين الفرنسيين يكنونه للجزائريين، ولمسانديهم والمتعاطفين معهم من أوروبيين، على غرار ما اقترفه الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران من تعذيب وإعدام ضد جزائريين أبرياء ومعهم العامل الفرنسي الشيوعي فرنان ايفتون.
وقد سبق إعلان المؤرخ الفرنسي ''بن يمين ستورا'' لهذه الحقائق في كتابه الصادر مؤخرا حول ''فرانسوا ميتران وحرب الجزائر''، اعتراف الرئيس السابق لفرنسا جاك شيراك في مذكراته بالممارسات الوحشية التي كانت تقترف في حق الجزائريين العزل إبان حرب التحرير الوطني.
وإذا كان بعض المتتبعين لتاريخ الثورة الجزائرية ولتطور العلاقات بين البلدين، يعتبرون بأن هذه الاعترافات الأخيرة لم تضف أي جديد بالنسبة للجزائريين، على اعتبار أن الحقيقية معروفة لديهم والأدلة القاطعة المادية وحتى الجسمانية عن تلك الممارسات الوحشية لا زالت شاهدة عن فظاعة الاستدمار، كما أن هذه الاعترافات جاءت بعد اعترافات الفاعلين الحقيقيين في هذا الملف سواء من الجلادين والسفاحين ذاتهم على غرار السفاح ''أوساريس'' أو من الضحايا الذين احترقوا بآلات الصعق التي استعملها المستعمر الفرنسي، فإن الكثير من المؤرخين في المقابل لا يستهينون بأهميتها في ظل تمادي السلطات الفرنسية في التنكر للحقائق التاريخية، ورفضها لتقديم اعتراف رسمي للجزائر حول ما تم اقترافه من أعمال وحشية وفظيعة في حق النساء والرجال والأطفال والشيوخ، وكذا في تنصلها عن جرائمها، تنكرا للقيم الأخلاقية السامية التي من أبرزها قيمة الاعتذار، والذي لم تخجل إيطاليا من تقديمه للشعب الليبي الشقيق مقابل ما لحقه من أضرار وخسائر خلال استعمارها لبلده.
وفي ظل بقاء ردود الأفعال الصادرة عن المسؤولين السياسيين الفرنسيين مخيبة لآمال الشعب الجزائري والأسرة الثورية بشكل خاص، من خلال إصرارها على رفض الاعتذار الرسمي والاعتراف بالجرائم اللاإنسانية، ولو بدافع واجب الذاكرة، وتفضيلها في المقابل لسياسة الاستمرار في حمل ماض أسود ولإرث ثقيل وفاضح، فإن ما يضاعف مرارة هذا الملف على الجزائريين، وما يدفعهم إلى مواصلة مطلبهم الشرعي بالاعتذار، هو رفضهم لأن يكونوا أقل درجة من غيرهم من الشعوب التي نالت حقها في الاعتذار والتعويض، وبدعم -أحيانا- من المنظمات الأممية مثلما هو حال اليهود والفرنسيين والليبيين الذين استوفوا حقهم من مستعمريهم.
وفي حين تعتبر فئة من الجزائريين، ولا سيما منهم المنتمين إلى الأسرة الثورية وبعض المؤرخين، بأن طي صفحة الماضي الاستعماري، يفرض على فرنسا الاعتراف بجرائمها في الجزائر وتقديم اعتذارها للشعب الجزائري مع ضمان حق التعويض، خاصة للمتضررين من التجارب النووية ومن ألغامها التي لازالت تحصد أرواح الجزائريين الأبرياء إلى يومنا هذا، يرى بعض السياسيين بأن مسألة تنقية الأجواء المعكرة للعلاقات الجزائرية الفرنسية والمرتبطة بشكل أساسي بالماضي الاستعماري، ينبغي أن ترتكز على الحكمة والتبصر والهدوء في معالجة هذا الملف، وعدم سلك لغة الصراع الدائم والمحتدم بين ما يصدر من الطرف الفرنسي من استفزازت، على غرار قانون تمجيد الاستعمار الذي لا يمكن وصفه سوى بكونه ''أكذوبة العصر'' على اعتبار أنه لا توجد أية أعراف في العالم تقر بإيجابية سلب بلد لأرض وخيرات بلد آخر، مع ما يترتب عن ذلك من انتهاك للحقوق وممارسات وحشية وجرائم ضد الإنسانية''، فيما تبقى أكبر محاكمة لأولئك الذين ساهموا في الجرائم الوحشية إبان الاستعمار، هي محاكمة التاريخ لهم، ما ظل هؤلاء يرفضون التحرر من مطاردته لهم.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة كان قد اعتبر في رسالته بمناسبة احتفال الجزائر بذكرى الثامن ماي ,1945 بأن طي تلك الصفحة الحالكة من التاريخ تستوجب ''إيجاد صيغة متفردة يتم من خلالها تجاوز ما سببته الدولة الاستعمارية الفرنسية للشعب الجزائري من أضرار وخيمة، وإقامة علاقات بين الشعبين الجزائري والفرنسي مبتكرة من الصداقة الخالصة، في كنف تعاون يجد فيه كل طرف مصلحته وأسباب الأمل في المستقبل''، مؤكدا في سياق متصل بأنه لا يمكن تحميل الشعب الفرنسي برمته وزر المآسي والمعاناة التي سلطها علينا الاستعمار الفرنسي باسمه.
كما شدد السيد بوتفليقة على انه حتى وإن ظل الجزائريون ينددون بالجور والبغض لانزلاق التاريخ المتمثل في الاستعمار بالنسبة لكافة الشعوب التي كابدت ويلاته، فإن ذلك لا يغذي أية نزعة للثأر أو الانتقام، من حيث التضحيات ''التي تملي علينا التطلع إلى المستقبل من أجل إعادة بناء بلادنا وإعطاء استقلالنا مضمونا مكافئا للثمن الذي دفعناه في سبيل استعادته''.
ومن هذا المنطلق ينبغي التنويه اليوم ونحن نحيي الذكرى ال56 لاندلاع الثورة التحريرية المظفرة، بأننا نتوقف بهذه المناسبة عند إحدى أهم محطات تاريخ الجزائر الحديث، والتي تظل تشكل المرجع والمعلم الخالد لكل التحولات التي تعرفها البلاد في مختلف مجالات الحياة.
وقد كانت ثورة التحرير المجيدة التي اندلعت ليلة الفاتح نوفمبر ,1954 نتاجا لمسار تاريخي مفعم بالتضحيات، خلفتها سلسلة المقاومات الشعبية التي دارت رحاها في مختلف المناطق الجزائرية من أطراف الصحراء والتلال إلى سهول المتيجة وجبال القبائل الشامخة.
وأفرزت تلك المرحلة حركة وطنية جزائرية نشطة عملت على تعبئة الجماهير وتنمية الوعي الوطني، الذي تمخضت عنه فكرة الكفاح من اجل الحرية والاستقلال، تحت لواء جبهة التحرير الوطني التي قادت الثورة، وأفشلت كل الأساليب والمكائد التي استخدمها المستعمر الفرنسي لإخماد لهيب الثورة وغضب الثوار.
وكان لابد لهذه الثورة أن تنتصر لأنها حرصت على توفير عوامل الانتصار منذ انطلاقها، فجندت كل ما ينبغي من الإمكانيات فتجنبت الفشل والانهزام.
ولأن واجب الذاكرة، يستوقفنا لإحياء هذه الذكرى المجيدة التي تتعدد أبعادها وتجتمع العبر فيها عند استذكار طلائع الشهداء الأبرار، فمن الواجب تسجيل وقفة متجددة مع التاريخ البطولي لشعب صنع معجزة العصر الحديث بانتصاره على أعظم قوى استدمارية في العالم. ولنا في ما تحقق من مكاسب وإنجازات في جزائر اليوم حافزا دائما للمضي في تثمين وتعزيز مسيرة البناء المتواصلة، والتي قطعتها الجزائر في سبيل بناء الدولة العصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.