ازدادت في السنوات الأخيرة بمجتمعنا حالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم بسبب تغير نمط الحياة وعادات الأكل، وعدم اكتراث المصابين بتحذيرات أطبائهم وتوصياتهم. وأشار أطباء مختصون خلال يوم تحسيسي حول المرض بالعاصمة إلى أن ثلث المصابين بارتفاع ضغط الدم الشرياني بالوطن يجهلون إصابتهم بسبب عدم خضوعهم لمراقبة طبية منتظمة. رغم أن الانطباع السائد عن ضغط الدم المرتفع أنه من الأمراض المصاحبة للتقدم في السن، إلا أنه في الحقيقة يصيب نسبة كبيرة من العشرينيين. فقد ازدادت الإصابة به في السنوات الأخيرة لأسباب تتعلق بالدرجة الأولى بطريقة الحياة ونوعية الغذاء، ومن أبرز سمات ارتفاع الضغط أنه لا أعراض له، وقال أخصائيون إن ثلث المصابين بالضغط لا يعلمون شيئاً عن إصابتهم، إذ تشير الأرقام إلى أن 35 في المائة من سكان الجزائر البالغة أعمارهم 18 سنة فما فوق مصابون بارتفاع الدم الشرياني، مع احتمال ارتفاع النسبة خلال السنوات القادمة بسبب عوامل متداخلة، منها الغذاء غير الصحي، عدم الاهتمام بالرياضة، وكذلك القلق والتوتر لأسباب كثيرة ومعقدة، وقد لا تظهر أعراض ارتفاع الضغط إلا حين يتفاقم المرض. ويوصف هذا المرض ب"القاتل الصامت" لكون المصاب به لا يحس بأي ألم، ويساهم التدخين، وعدم احترام القواعد الصحية من خلال الأكل العشوائي المشبع بالدهون وعدم اتباع حمية غذائية، وعدم احترام مقدار الملح في الطعام، إضافة إلى عدم ممارسة النشاطات الرياضية في ارتفاع نسب الإصابة به. وعادة ما يشكو المصاب بارتفاع الضغط من الصداع في الصباح، أو الشعور بالتعب والإعياء، أو الدوخة أو الرعاف، وهناك اعتقادات خاطئة عند بعض الناس حول ارتفاع ضغط الدم، فالبعض يظنون أنه مشكلة عابرة يمكن الشفاء منها بتناول الدواء لفترة محددة، فيتوقف عن تناوله عندما يشعر بالتحسن، والبعض يظنون أنه لا داعي لقياس ضغط الدم طالما أنه لا يشكو من أية أعراض، وآخرون يظنون أن ارتفاع الضغط هو حالة عابرة من حالات التوتر العصبي، ويعتقد البروفيسور سليم بن خدة أن معظم حالات فشل العلاج الدوائي تنجم عن عدم تعاون المريض مع الطبيب، وعدم تعاطي العلاج بانتظام، وينبغي التأكيد على مريض الضغط بوجوب مراجعة الطبيب بانتظام لقياس ضغطه وتحديد خطة العلاج. وتكمن خطورة مرض ارتفاع ضغط الشرايين في كونه يصيب الذكور والإناث على حد سواء فوق سن ال 18، لذلك فإن التحسيس بخطورة هذا المرض عن طريق قياس الضغط خلال كل زيارة للطبيب أو حتى عند الصيدليات من شأنه التقليل من معدل الإصابة به، فالداء يظهر على المستوى البعيد، أي بعد حوالي 20 سنة من توطن المرض، وفي هذه الحالة توصف أدوية للتقليل من حدته يصبح المريض بعدها متعلقا بها لحد كبير. وفي السياق تقول الدكتورة جمعة (أخصائية أمراض باطنية) إن مريض ضغط الدم يصبح مع الوقت متعلقا بأدويته، غير أن حوالي 40 بالمائة من المرضى يتخلون عن أدويتهم لثقلها، وعليه لا بد من تعزيز علاقة المريض بطبيبه الذي قد يخفق في وصف الدواء المناسب للمرض، ما قد يعرض المصاب إلى تعقيدات حادة، وتوضح من جهة أخرى أنه لا بد من الوصول بالمريض إلى حالة نفسية مستقرة، لأن المريض غالبا ما يكون خائفا ويشعر أن هذا المرض سيجر عليه مشاكل كثيرة، وهنا تظهر مهمة الطبيب حيث يقوم بتهدئة المريض وإشعاره بأن المشكلة بسيطة، وهذا ما يسهل مهمة العلاج. وذكر الأخصائيون أن ربع المصابين بالضغط من ال 35 ? مصابون كذلك بالسكري، ونصف هؤلاء بدناء، ما يعني أن خطر مضاعفات الداء تتفاقم، بما يزيد عن مئة بالمئة وعليه فإن الوقاية تلعب دورا أساسيا، وتتمثل أولا في الأكل الصحي، وممارسة الرياضة، والابتعاد عن القلق، إلى جانب الابتعاد عن الأغذية المصّنعة، حيث أظهرت الدراسات الصحيّة أن تناول غذاء يومي متوازن يحتوي على الفواكه والخضروات والحبوب والسمك وبعض أنواع اللحوم يمكّن من السيطرة على ارتفاع الضغط والأمراض الناتجة عنه بشكل عام. علما أن من بين المضاعفات الخطيرة لضغط الدم نجد أمراض العجز الشرياني، احتشاء العضلة القلبية ،الذبحة الصدرية، والسكتة الدماغية، إضافة إلى تدهور وظيفة الكلى، ما قد يؤدي إلى الفشل الكلوي وكذا الإصابة باضطرابات في البصر. جدير بالإشارة أن ولاية الجزائر تحصي لوحدها أكثر من 5 آلاف مصاب بارتفاع الضغط، حسب إحصائية جمعية إعانة المصابين بارتفاع الضغط الشرياني للولاية، وصرح رئيسها "مخبي خير الدين" أن المرضى يعانون من مشكلة عدم تعويض الأدوية بصفة كاملة، رغم أن ارتفاع الضغط معترف به كمرض مزمن، غير أن المصابين به مضطرون لدفع الفرق دائما لاقتناء أدويتهم.