بررت فرنسا قرارها برفض إرسال لجنة تحقيق أممية إلى مدينة العيونالمحتلة للتحقيق في الهجوم الدامي الذي نفذه الجيش المغربي ضد صحراويين محتجين الأسبوع الماضي بدعوى أنها مازالت تنتظر نتائج التحقيق الذي يجريه الطرف المغربي. واضطرت فرنسا إلى تقديم مثل هذه الحجة غير المقنعة بعدما اتهمتها جبهة البوليزاريو بعرقلة تحقيق أممي في الأحداث الدامية التي شهدها مخيم الحرية للنازحين الصحراويين والذي أكدت عدة مصادر صحراوية أنها خلفت عشرات القتلى في صفوف المدنيين الصحراويين وآلاف الجرحى. وقالت كريستين فاغ مساعدة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية إنه ''فيما يتعلق بمناقشات مجلس الأمن فإن مسألة احتمال إرسال بعثة تحقيق طرحت بمبادرة من أحد الوفود لكن المجلس لم يأخذ بها''. وفي إجابتها عن سؤال حول سبب عرقلة باريس في الأممالمتحدة لإرسال بعثة تحقيق اعتبرت المسؤولة الفرنسية أن ''المغرب أعلن فتح تحقيقات تتعلق خصوصا بالضحايا المدنيين ونحن ننتظر نتائجها'' في تبرير أقل ما يقال عنه إنه غير مقنع كونه ليس من المعقول أن يدين المغرب الذي اقترفت قواته المجزرة نفسه أمام الملأ. والمنطق وميثاق الأممالمتحدة نفسه يقول انه في مثل هذه الحالات من الضروري إجراء تحقيق مستقل من أجل كشف حيثيات الاعتداء وتحديد المسؤوليات في مقتل المدنيين من أجل تقديمهم للقضاء ومعاقبتهم على جرمهم على غرار ما حدث في أحداث كثيرة شبيهة بما وقع في العيونالمحتلة. ثم أن المسؤولة الفرنسية وحتى ترفع المسؤولية عن حكومة بلادها قالت إن ''فرنسا تأسف للصدامات البالغة الخطورة التي وقعت الأسبوع الماضي في العيون وأسفرت عن عدد كبير من الضحايا'' وأضافت أن بلادها ''تتابع باهتمام كبير الوضع في الصحراء الغربية''. والحقيقة لو كانت فرنسا تهتم فعلا بالوضع المتدهور في الصحراء الغربية لما سارعت إلى رفع ورقة الفيتو في وجه مطلب ليس خاص بالصحراويين فقط بل بكل الهيئات والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان والتي أدانت بشدة العنف البربري الذي مارسه الجيش المغربي ضد محتجين صحراويين عزل طالبوا بطريقة سلمية بأدنى حقوقهم وفي مقدمتها الحق في تقرير المصير. وليس ذلك فقط ففرنسا التي ادعت أن مطلب إرسال بعثة تحقيق لم يأخذ به مجلس الأمن فلماذا كانت العضو الوحيد الذي رفض ذلك ولم يستخدم باقي الأعضاء الآخرين حق النقض للإعراب عن رفضهم لمثل هذا المسعى؟. سؤال الإجابة عليه واضحة وهي أن باريس التي تربطها مصالح اقتصادية كبيرة مع حليفتها الرباط لا يخدمها وقوع المغرب في قفص الاتهام لحسابات خفية وهو ما يجعلها القوة الوحيدة الداعمة للطروحات المغربية داخل مجلس الأمن الدولي. ولو لم يكن المغرب متأكدا من الدعم الفرنسي له لما تجرأ على اقتراف مجزرة في حق الصحراويين والتمادي في قمع شعب بأكمله سلبه أرضه وثرواته ويمنعه بالقوة من ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير. وكان مجلس الأمن الدولي اكتفى بالإعراب عن ''أسفه لأعمال العنف'' الدامية التي شهدها مخيم الحرية للنازحين الصحراويين وامتد صداها إلى المدن المحتلة ودعا الرباط وجبهة البوليزاريو إلى ''إبداء مزيد من الإرادة السياسية لإيجاد حل''. ولكن الدعم الفرنسي المستمر للرباط بدأ يلقى رفض بعض الجهات الداخلية التي انتقدت السياسة الفرنسية إزاء معالجة القضية الصحراوية وعلى رأسها الدبلوماسي ستيفان هيسال أحد محرري الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي تأسف في كتابه الأخير كون القليل من الأشخاص فقط يولون اهتماما لمسألة الصحراء الغربية مشيرا إلى أن الأممالمتحدة تصطدم بتعنت المغرب في مسار تسوية مشكل تصفية الاستعمار في هذا الجزء من العالم. من جانبها أعربت حكومة نيكاراغوا عن ''إدانتها الشديدة'' للاعتداءات''الهمجية'' التي ارتكبتها سلطات الاحتلال المغربي ضد المدنيين الصحراويين وجاء في بيان لوزارة الخارجية النيكاراغوية أن ''نيكارغوا باعتبارها دولة محبة للسلام ومبادئ الاحترام والحق في تقرير المصير (...) تدين بشدة هذا الاعتداء''. مقابل ذلك أدان حزب اليسار الموحد للمعارضة الاسبانية ''بشدة'' خضوع حكومة بلده للمغرب وهي قوة احتلال إقليم الصحراء الغربية غير مستقل ذاتيا. حيث أكد ويلي ماير مسؤول السياسة الدولية لليسار الموحد والنائب الأوروبي أن ''تملص الحكومة الإسبانية من مسؤولياتها في إدارة تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية وانضمامها لقوة الاحتلال غير الشرعية تجعلها متواطئة في كافة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب تلقائيا من قبل الشرطة والجيش والمستعمرين المغربيين في حق الشعب الصحراوي''. كما أدانت منظمة ''هيومن رايتس ووتش'' ''التعذيب الوحشي'' الذي تمارسه القوات المغربية في حق المدنيين الصحراويين الموجودين في معتقلات العيون ودعت إلى إنشاء ''آلية أممية'' لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. ومن المقرر أن ينظم اليوم تجمع لمناضلي الجمعيات الإيطالية للتضامن مع الشعب الصحراوي أمام مقر السفارة المغربية بروما ''لإدانة القمع'' الممارس ضد الشعب الصحراوي. كما جاءت الإدانة من الجمعية الكوبية والجمعية النمساوية للتضامن مع الشعب الصحراوي ومنتدى أكرا بغانا ومجلس شيوخ المكسيك الذين اتفقوا على ضرورة استحداث آلية أممية لمراقبة حقوق الإنسان في الجزء المحتل من الصحراء الغربية.