سطرت مؤسسة ''فنون وثقافة'' لولاية الجزائر لنهار اليوم وغدا، برنامجا فنيا خاصا بمناسبة مرور32 سنة على رحيل الفنان الحاج محمد العنقى، الذي يبقى دون غيره الحصن الفني المنيع للتراث الشعبي المغاربي. يتضمن البرنامج عدة قعدات شعبية عبر مختلف المرافق الثقافية ببلديات العاصمة، ومن بين الفنانين المشاركين في هذه الإحتفالية الفنان عبد الله قطاف، الذي سيحيي اليوم حفلا بحي البدر بالقبة (المركز الثقافي). أما برنامج الغد الجمعة فسيكون بقاعة ''سيرا ميسترا''، ويشارك فيه كل من الفنانين نرجس، وفرقة أولاد ''هاوسة''، وسيتم بالمناسبة إقامة معرض يضم مقتنيات الراحل وأغراضه الشخصية. العنقى أعجوبة الشعبي لقّب ب ''الكاردينال'' و''أب الشعبي'' و''العبقري'' واستطاع طوال50 سنة من العطاء الفني أن يحتفظ بمكانته ليتركها شاغرة بعد رحيله، حيث عجز خلفه على القيام بما أتى هو به من تجديد وتمكن وتنقيب ممنهج للتراث في كامل بلدان المغربي العربي. أدى الراحل 350 أغنية سجل منها 130وكل أعماله لاتزال حية، وتعتبر مدرسة لابد أن يتخرج منها فنانو الشعبي. اسمه الحقيقي آيت أوعراب محمد ايدير، ولد بالقصبة في20 ماي1907 من عائلة بسيطة تنحدر من منطقة أزفون بتيزي وزو، ولم يذخر والداه محمد بن حاج سعيد وأمه فاطمة بنت بوجمعة جهدا في السهر على تربيته وتنشئته التنشئة الصالحة. دخل الراحل المدرسة القرآنية لحفظ القرآن، ثم انتقل إلى المدرسة العمومية الإبتدائية التي غادرها في سن11سنة. اكتشف مواهبه الفنية شيخه الناظور وهو لا يزال طفلا صغيرا، الأمر الذي رفضه والده الذي نصحه بضرورة الإبتعاد عن الفن لكن العنقى استمر في المشوار مع شيخه لينضم إلى فرقته الموسيقية كعازف على آلة الدف، وسرعان ما تميز عن غيره بسرعة الاستيعاب والذكاء الجاد، فعلم العزف على آلة الموندولين فقربه إليه الناظور وأطلق عليه لقب العنقى (طائر)، وبعد وفاة الناظور تولى العنقى قيادة الفرقة ابتداء من سنة 1925وتحصل على لقب ''الشيخ'' وهو في ريعان شبابه. التحق بمعهد سيدي عبد الرحمن للموسيقى حيث قضى5 سنوات، ليلتحق بدار الإذاعة عند افتتاحها ويشرف على فرقة الشعبي ويسجل العديد من الأسطوانات الناجحة، وابتداء من سنة 1955 التحق بالمعهد البلدي للموسيقى ليتلمذ على يده جيلا كاملا من نجوم أغنية الشعبي. خلّد التراث وجدّد الشعبي طيلة50 عاما خلد العنقى قصائد من التراث وأنقذها من الضياع وألبسها أنغاما عبقرية، كما أدخل تجديدات في الخانات الموسيقية، وبذلك استحق لقب فنان شمال إفريقيا، حيث غنى لشعراء الملحون منهم عبر العزيز المغراوي ابن تريكي، محمد بن مسايب وابن الشاهد الذين عرفوا به بعد أن كانوا حبيسي التراث المنسي. غنّى العنقى تراث بلده الجزائر، في الوقت الذي كان يؤكد فيه الإستعمار على الجزائر بدون تاريخ ولا هوية ثقافية. من أشهر أغاني العنقى ''الحمام اللي والفتو'' ''الحمد لله ما بقاش استعمار في بلادنا''، ''سبحان الله يالطيف'' وغيرها من القصائد المشهورة. جاب العنقى عدة بلدان خاصة بعد عودته من الحج سنة ,1937 فزار فرنسا والمغرب ودولا أخرى، وجدد تشكيلة فرقته بإدخال الحاج عبد الرحمن غشود، قدور شرشالي، شعبان شاوش ورشيد رباحي. توفي الراحل في 23 نوفمبر 1978 تاركا فراغا موسيقيا كبيرا.