توجت زيارة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، السيد جان بيار رافاران، إلى الجزائر بالاتفاق حول وضع رزنامة عمل اقتصادية جديدة تتضمن عقد سلسلة لقاءات مع متعاملين جزائريين وفرنسيين. وشددت الجزائر في هذا السياق على ضرورة أن ترجح كفة الشراكة الى إقامة استثمارات فرنسية مباشرة بدل حصرها في رفع نسب المنتوجات الفرنسية الوافدة نحو الجزائر. شخّصت زيارة رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق إلى الجزائر كافة نقاط القوة والضعف في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة بعد كل ما قيل حول تأثرها بسبب اختلافات عميقة في وجهات النظر حول كيفية معالجة التاريخ المشترك بين البلدين، وسمحت تلك الزيارة للطرف الجزائري رغم أنها دامت يوما واحدا فقط يإبراز نظرته لمستقبل العلاقات الاقتصادية والوجهة الواجب أن تتبعها وبخاصة في مجال الاستثمار والتوجه أكثر نحو الشراكة بدل أن تبقى الكفة مرجحة لطرف واحد، هو الطرف الفرنسي وذلك من خلال التدفق الواسع للسلع نحو السوق الجزائرية. وهذه الرؤية هي التي أكدها الوزير الأول السيد احمد اويحيى لدى استقباله موفد الرئيس الفرنسي، ونفس المواقف تحدث عنها وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار السيد محمد بن مرادي، حيث أشار إلى أن لقاءه مع المسؤول الفرنسي ''سمح لنا بتقييم وضع العلاقات الاقتصادية بين البلدين وكذا وضعية التعاون بين فرنساوالجزائر. وذلك بكثير من الرزانة والجدية'' وأعرب عن أمله ''في أن تتجسد أغلبية الملفات التي كانت مطروحة على الطاولة في أقرب الآجال''. وأضاف أن هذه الزيارة مكنت أيضا من ''تقييم العلاقات بين البلدين التي تبقى جيدة ولكننا نأمل في أن تتطور هذه الأخيرة أكثر في مجال الاستثمارات لكي يتمكن الاقتصاد المحلي من الاستفادة من خلق مناصب الشغل والقيمة المضافة بشكل مباشر وليس عن طريق الواردات. ونحن على اتفاق تام حول هذه النقطة''. وصرح السيد بن مرادي أن لقاءه مع السيد رافاران سمح بإعداد خارطة طريق تشمل مختلف المواعيد بين وفود البلدين المكلفة بالتعاون الاقتصادي. وأوضح قائلا ''لقد حددنا ما يشبه خارطة طريق بالنسبة للأشهر القادمة تشمل منتدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي نعتزم تنظيمه في الجزائر في أجل أقصاه ستة أشهر''. وأضاف أننا ''سجلنا انسجاما تاما في إطار هذه المحادثات''. وحول هذه النقطة بالذات، أوضح السيد رفاران أن ''الجزائر بذلت جهودا معتبرة في مجال الاستثمار وهي تريد تطوير مناصب شغل احترافية وهو اليوم تطلع طبيعي للشعوب السيدة وأن فرنسا تريد المشاركة في هذه التنمية، كما ترغب في تطوير اقتصادها وعدد من القطاعات''، وأكد في هذا السياق على أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الصغيرة والمتوسطة في مسار التنمية الوطنية، وأوضح أن هذا النوع من المؤسسات سيكون في صلب اللقاء المقرر في ربيع 2011 بالجزائر العاصمة. وسجل في هذا السياق الاهتمام الخاص الذي تعيره المؤسسات الفرنسية للسوق الجزائرية وقال ''لدي الكثير من طلبات المؤسسات الفرنسية التي تريد المشاركة في هذا التعاون''. وقدم في حديث للصحافة رؤية فرنسا للعلاقات الثنائية، وأشار إلى أنه ''لا ينبغي إنكار مصالح الشريك إذا كنا نريد المضي قدما في التعاون''. وأوضح أن البلدين يقيمان ''شراكات مميزة في مجال التجارة والخدمات ونحن (فرنسا) نحتل مراكز مهمة فيما يتعلق بالممونين والمبادلات وعدد المؤسسات (ما يفوق 400 مؤسسة فرنسية متواجدة بالجزائر). وهناك شراكات قوية ولكننا نريد المشاركة بشكل أقوى في تطوير مشاريع الشراكة المولدة لمناصب الشغل والقيمة المضافة''. وأضاف يقول ''لدينا عدد من المشاريع الصناعية المشتركة ومن الواضح أننا نقيم شراكات مميزة في قطاعي التجارة والخدمات''. ويذكر انه تم الإعلان خلال الزيارة عن تحديد 12 مشروع شراكة صناعية قيد التفاوض حاليا بين البلدين دون الكشف عن تفاصيل إضافية كونها مرتبطة مباشرة بمجال التفاوض بين متعاملي البلدين. وعلى صعيد آخر، نفى الوزير بن مرادي في تصريحات صحفية أن يكون المسؤول الفرنسي ناقش مع المسؤولين الجزائريين ملف بطء تحويلات ارباح الشركات نحو الخارج، وقال ''إن المسألة لم تطرح بتاتا، لأن الأمر بالنسبة لنا لا يطرح إشكالا، إذ يرخص للشركات المستقرة في إطار القانون بتحويل أرباحها وإذا كان هناك ثمة إزعاج فسنعمل على إزالته، وعلى أية حال فإن المسألة لم تطرح خلال هذا الاجتماع''.