كُرمت المجاهدة والمناضلة جميلة بوحيرد مساء أول أمس من طرف بلدية الجزائر الوسطى في حفل أقيم بفندق السفير بالجزائر العاصمة بحضور شخصيات تاريخية ورفاقها في السلاح ووجوه فنية ووزراء سابقين وأعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر وعشرات النساء الصحراويات. ونجحت بلدية الجزائر الوسطى في إقناع المجاهدة بوحيرد التي عادة ما ترفض التكريمات لقبول هذه الالتفاتة بمناسبة ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر ,1960 وعبّر رئيس المجلس الشعبي البلدي السيد الطيب زيتوني في كلمة ألقاها بالمناسبة عن سعادته لحضور مجاهدة من وزن المجاهدة بوحيرد حفلا يقام على شرفها وفي ذكرى كانت منعطفا في نضال الجزائريين من اجل التحرر.وألقت المجاهدة كلمات كان لها وقع كبير على مئات من المواطنين الذين كانوا في القاعة الرئيسية لفندق السفير وتحدثت بقلب مفتوح موجهة كلامها للشباب الحاضر بقوة وقالت: ''عليكم بحب الجزائر فهي تحبكم'' وأضافت وهي تتحدث بالعامية ''أوصيكم على وجه ربي بالجزائر''، وأشعلت هذه الكلمات حماسا في القاعة وفسح المجال للزغاريد والتصفيق الحار.وأضافت المجاهدة ''أنا اليوم فرحانة ....لا تتصوروا كم أنا سعيدة بوجودي بينكم، أنا لم أنس لا الشهداء ولا أبناء الشهداء. وفضلت المناضلة الحديث عن محطات تاريخية كانت قد عاشتها رفقة مجموعة من الرفقاء منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وروت حادثة صغيرة عن ثقافة التضحية ونكران الذات لدى جيلها من الفدائيين، وأشارت إلى أن المجاهدين من شدة تعلقهم بالتضحية كانوا يقيمون الأفراح لما يقدمون زملاء لنا إلى ''الفينغا'' أي المقصلة لإعدامهم في سجن سركاجي، وتذكرت بأنها ومجموعة من المجاهدين والشهداء من بينهم طالب عبد الرحمان كانوا يمزحون عندما كان قاض عسكري فرنسي يقرأ عليهم التهم الموجهة إليهم خلال محاكمة صورية، حيث وجهت لهم تهم تصل عقوبتها إلى الإعدام. وأضافت أن مناضلا بكى بكاء شديدا بعد الحكم عليه في 1957 بالسجن المؤبد ليس لشدة العقوبة ولكن لكون عقوبته أخف من تلك المسلطة على جميلة بوحيرد وبعض المجاهدات الأخريات ،حيث قال ''يا للعار كيف أقابل رفقائي غدا، النساء يحكم عليهن بالإعدام وأنا بالمؤبد''.وخلصت وهي تتحدث إلى الشباب ''لو تتأملوا في ثورتنا لعرفتم كم كانت عظيمة... لا أستطيع وصف عظمتها وعظمة من جاهدوا في سبيل أن تحيا الجزائر''.وأعلنت في هذا السياق عن مبادرة ستقوم بها مستقبلا ترمي إلى التعريف ببعض الشهداء الذين تم تجاهل نضالاتهم وقالت ''سيأتي يوم أتكلم فيه عن الشهداء الذين لا يعرفهم أحد، لأن هناك من يكره الجزائر ولكن بالشباب تحيا الجزائر من جديد''.وكانت المجاهدة بوحيرد دخلت قاعة الحفل وسط الزغاريد ولم يتمكن أعوان التشريفات من إيصالها إلى المكان المخصص لها إلا بعد جهد جهيد بسبب تهافت المواطنين عليها بما في ذلك نسوة من الصحراء الغربية جئن من مخيمات اللاجئين الصحراويين خصيصا لملاقاتها.وحيت المجاهدة بوحيرد نضال الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال ودعته إلى مواصلة الكفاح وأشارت إلى أن الجزائر لن تتخلى عن مساندتها له إلى غاية تحقيق الاستقلال وقالت بالعامية ''راكوا فوق راسنا''.ورغم أنها رفضت مسبقا أن يتم تكريمها، إلا أن العديد من جمعيات الأحياء والجمعيات الرياضية واللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي جاءت كلها بهدايا رمزية سلمتها إلى المجاهدة بوحيرد التي رأت في ذلك التكريم عرفانا لما قام به كل الشهداء والمجاهدين.وسُلمت للمجاهدة تحف فنية منها لوحة للقصبة وقمصان رياضية تحمل اسمها وقميص آخر يحمل رقم 54 تاريخ اندلاع ثورة التحرير.