خاتم الزواج تقليد يسود كل المجتمعات على اختلافها، ليعلن عن بداية حياة جديدة تربط بين آدم وحواء، حيث يضع الرجال وكذلك النساء خاتم الزواج منذ القدم، ولكن بنسب مختلفة، استجابة للمعتقدات التي تقول إن الدائرة هي رمز الكمال، ما يعني أن المتزوجين رمز لمكتملي الحياة.. لكن الملاحظ هو أنه فيما يلتزم بعض الرجال بوضع هذا المعدن الدائري يعزف آخرون عن استعماله.. وهنا تصح الوقفة للاستفسار. تشير بعض الحقائق التاريخية إلى أن خاتم الزواج يرجع إلى العهد الروماني القديم، وهو يرمز إلى الاتحاد بين الرجل والمرأة مدى الحياة، نظرا لشكله الدائري الذي يعبر عن حلقة مفرغة لا نهاية لها.. وفي رواية أخرى يقال إن المصريين القدماء أول من استخدم خاتم الزواج، لكن الكنيسة لم تسمح باستخدامه إلا في فترة متأخرة. وضع خاتم في الأصبع عادة قديمة، حيث كان الخاتم الدائري يعني الكمال لأن الدائرة رمز الكمال، وبالتالي فإن الشخص المتزوج مكتمل الحياة، أما الشخص غير المتزوج يبقى ناقصا على أساس أن الرجل لا يكتمل إلا بالمرأة والمرأة لا تكتمل إلا بالرجل. أما عن سبب وضع الخاتم في الأصبع الرابع (البنصر) من اليد اليسرى، فيروى أن قدماء اليونان كانوا يعتقدون أن هناك عرقا خاصا يمر من هذا المكان إلى القلب مباشرة، ولذلك كان دليلا على أسر القلب أو امتلاكه من قبل شخص آخر. ومن الملاحظ في الحياة اليومية أن ارتداء خاتم الزواج من طرف الرجال في مجتمعنا يكون بدرجات متفاوتة... لهذا حاولت ''المساء'' أن تعرف لماذا يلتزم بعض الرجال بوضع خاتم الزواج فيما يتخلى البعض الآخر عنه؟ من خلال إجابات بعض الرجال تبين أن خاتم الزواج له قدسيته التي تعكس مدى أهمية الارتباط العاطفي، ومنهم من يرى أن لبس خاتم الزواج مجرد ''إكسسوار'' لا علاقة له بمعاني الإخلاص للزوجة وتقدير معنى الحياة الزوجية، بدليل أن كثيرا من الرجال يخونون شريكات حياتهم رغم أن خاتم الزواج لا يفارق بنصرهم.
لا يمثل الرابط الحقيقي إن فكرة ارتداء الرجل للخاتم دليل على الإخلاص للزوجة وخلعه دليل على خيانته''.. ليست بالضرورة صائبة، فهذا المعدن الدائري لا يحمل هذا المعنى في كل الأحوال.. على هذا النحو يفكر السيد ''سفيان'' الذي تزوج حديثا، من منطلق أن هذه الأمور لا تدخل عادة في حيز اهتمامات الرجل.. يقول: ''إن خاتم الزواج لا يمثل الرابط الحقيقي بين الرجل والمرأة.. وأنا شخصيا يشعرني الخاتم بالضيق في يدي، حيث لا يروق لي لبسه باستمرار''، ويتابع السيد سفيان: ''لا أحتاج إلى خاتم الزواج لأتذكر بأني مرتبط، فقد لبسته في البداية كتقليد للإعلان عن الزواج، أما الآن فتنتابني الرغبة في التخلي عنه، لأنه لا يمثل في نظري رمزا للوفاء والإخلاص''. يشاطره الرأي السيد ''نسيم'' (مهندس): ''التفاهم والثقة بين الشريكين برأيي من العوامل الأكثر أهمية في الحياة الزوجية، والتي يمكن من خلالها التأكيد على الارتباط القائم بين طرفي العلاقة الزوجية.. وأنا شخصيا ارتديته عند الزواج وخلعته بعد مدة بسبب حادث تسبب في إصابة مكان وضع الخاتم، بحثت عن خاتم آخر لكن لم أجد المواصفات التي أريدها.. ومنذ ذلك الحين وأنا بدون خاتم الزواج، فوجوده أو عدم وجوده يعني بالنسبة لي نفس الشيء، لأنه في النهاية شيء مادي ليس بإمكانه أن يكون بمثابة مؤشر على مدى متانة العلاقة الزوجية أو عدمها. السيد ''جمال'' تخلى هو الآخر عن خاتم الزواج بعد فترة من الاستعمال، وعن ذلك يفصح: أنا في الحقيقة أحترم جملة التقاليد التي تحكم المجتمع، حيث أفضل أن لا أشذ عن ذلك، ففي المثال العربي يقال ''إذا حللت في قوم فاحلب في إنائهم'' .. وإضافة إلى ذلك فإن هذا الخاتم لا يتعارض مع الدين الحنيف، رغم أن البعض يرون أنه تقليد للغرب ولأمم لا تدين بديننا، والحقيقة أنني لبست الخاتم قبل الزواج وبعد الزواج، وقد تكسر الأول فاشتريت الثاني، لكن بعد ضياعه مني لم أكلف نفسي عناء شراء ثالث، مادمت أحترم القاعدة الاجتماعية في أوانها''. وفي نفس الموضوع يكشف السيد سامي: ''وضعت خاتم الزواج مجاراة للتقاليد ولم يسبق لي أن تخليت عنه، لكن هذا لا يعني أن خلعه خيانة، لأن الوفاء واحترام قدسية الحياة الزوجية لا يقاس بحمل معدن دائري.. لدي صديق ينزع خاتمه بمجرد أن يخرج من المنزل فهو يريد أن يظهر كشخص غير مرتبط لحاجة في نفسه، كما أن البعض يلتزمون بلبسه، لكنهم ليسوا أوفياء، كونهم يرون أن خاتم الزواج قد يذكرهم دائماً بأنهم مرتبطون لا يحق لهم التفكير بالأخريات فيخلعونه للإيهام بأنهم غير مرتبطين''.
لا أريد أن يفارقني حتى في القبر في المقابل بحوزتنا شهادات بعض الرجال ممن لم يفارق خاتم الزواج بنصرهم منذ الزواج.. وعن أهميته يتحدث السيد ''مصطفى.ع'' (متقاعد): ''لبست خاتم الزواج منذ يوم 2 أوت ,1975 وهو يوم زفافي، ومنذ ذلك التاريخ لم أخلعه، وقد تركت وصية تفيد بعدم انتزاعه من بنصري عندما أموت لأني أريد أن يدخل معي إلى القبر.. فلهذا الخاتم قدسية كبيرة بالنسبة لي أكبر من أن تعبر عنها الكلمات.. في حين يرى السيد ''يعقوب'' الذي كان ينتظر يوم ارتداء خاتم الزواج بفارغ الصبر أن الرجل الذي يقع في حب امرأة تنتابه الرغبة تلقائيا في لبس خاتم الزواج كونه يرمز إلى الارتباط.. ويوضح ل ''المساء'': ''في البداية صعب علي الالتزام بلبس خاتم الزواج لأنني لم أكن متعودا من قبل على وضع الخاتم، لكن مع مرور الوقت لم أعد قادرا على الاستغناء عنه، وعندما يحصل وأن أنساه أشعر بأن شيئا ما ينقصني، ورغم احتمال وجود علاقة بين الخاتم والخيانة الزوجية، إلا أن هذا لا يعني أن كل الرجال الذين، يقومون بخلع خاتم الزواج يسعون لخداع زوجاتهم، فالبعض يجدون صعوبة في المداومة على استعماله. ويدلي بنصيحته قائلا: ''ليس من الغريب أن يكون عدم ارتداء الرجل المتزوج لخاتم الزواج عامل جذب للفتيات.. لهذا يستحسن في اعتقادي أن يحاول الرجال المتزوجون المواضبة على ارتداء خاتم الزواج ليكون بمثابة إشارة واضحة إلى أنهم مرتبطون حتى يقطعوا الطريق أمام التي تسول لها نفسها بالحلم بالارتباط.
الثقة هي الأساس وفي نفس السياق جمعنا أراء بعض الرجال ممن لم يلبسوا قط خاتم زواج .. البداية كانت مع السيد »عادل« الذي جاء على لسانه ما يلي »لم أضع خاتم الزواج لا في يوم الزفاف ولا بعده، كما أني لا أفكر اطلاقا في مجاراة هذا التقليد الذي لا يمت برأيي بعلاقة للرابطة المقدسة التي تجمع بين الزوجين ولا يملك أن يعكس لا الخيانة ولا الوفاء«. ومن جهته يصرح السيد سليم : »لم يسبق لي وأن ارتديت خاتم الزواج في حياتي، فهذه الفكرة لا تستهويني..« وعن رد فعل الزوجة يضيف: »زوجتي لم توجه لي يوما ملاحظة بخصوصه اطلاقا، فهي لديها ثقة كبيرة في اخلاصي، ومتيقنة بأن الرابطة المقدسة التي تجمع بيننا أكبر من ان يختزلها معدن دائري«.