تعد الأنشطة التربوية والترفيهية للأطفال بالمؤسسات التربوية من أهم النشاطات التي تؤمن للطفل الظفر بوجبة تربوية كاملة ومتوازنة، خاصة وأنها تنعكس إيجابا على تحصيله الدراسي، وتدخله في خانة المتفوقين والمجتهدين وذلك بشهادة مجموعة من المديرين والأساتذة والأولياء، وكذا المختصين في المجال من الذين تحدثت إليهم ''المساء'' بقصر الثقافة الذي احتضن مؤخرا فعاليات الملتقى الوطني الثالث للمواهب الشابة. وعن أهمية هذه الأنشطة بالنسبة للأطفال والصعوبات التي يواجهها المعنيون بالأمر خاصة مع بعض الأولياء الرافضين لها، رصدت ''المساء'' جملة من الآراء والانشغالات. كان من بين الوافدين على قصر الثقافة السيد إيمان مخلوف، وهو معلم مهتم بكل ما يتعلق بالأشغال اليدوية والمسرح والموسيقى على مستوى المؤسسات التربوية الكائنة ببلدية بوزريعة، حيث كان رفقة مجموعته الصوتية المكونة من مجموعة من البراعم التي حازت على المرتبة الأولى في الغناء، حدثنا قائلا ''كما ترون شاركت رفقة هؤلاء البراعم بأغنية ''أنا بحار في ارض أجدادي'' حيث أشعر بسعادة كبيرة وأنا أعمل رفقة هؤلاء الأطفال الذين تعتبر الحركة والحيوية أهم ميزاتهم '' ويضيف'' أحس أن التلاميذ بالمؤسسات التربوية بحاجة ماسة إلى أنشطة لأنها تخدم التلميذ من الناحية العقلية والنفسية وأعتبرها على اختلاف أنواعها بمثابة التحلية للتلميذ لابد منها، إذ لا يمكننا أن نقول إن الطفل حصل على وجبة تربوية كاملة ومتوازنة من دون تحليتها بنشاط تربوي ترفيهي يتخلص فيه الطفل من طاقته الزائدة، ويعبر عن موهبته وميوله''، ومن جهة أخرى يتأسف السيد إيمان من تعنت بعض الأولياء اتجاه ممارسة أبنائهم لمثل هذه الأنشطة ويقول ''لست أدري لماذا يرفض بعض الأولياء ممارسة أبنائهم لمثل هذه الأنشطة كالغناء مثلا أو الرقص على الرغم من أهميتها بالنسبة لنفسية الطفل'' ويقول ''بحكم تجربتي عالجت الكثير من الأطفال الذين يعانون من الانطواء والخجل من خلال هذه الأنشطة الترفيهية، وتمكنت من إخراجهم من قوقعتهم وتحويلهم إلى أطفال اجتماعيين''، ويعلق بأنها أنشطة تزيد من مردودية الطفل التربوية.
الأنشطة تخلص الأطفال من الطاقة الزائدة ومن أجل دراسة طبيعية قالت مديرة مدرسة الياسمين السيدة فاطمة الزهراء لونادي إن الأنشطة التربوية الترفيهية بالمؤسسات التربوية ضرورية للطفل كونها تحقق التوازن التربوي، خاصة وأن هؤلاء الأطفال يحبون كثيرا ممارسة مثل هذه الأنشطة التي تعتبر بالنسبة لهم غذاء كاملا''، وهو الانطباع الذي لمسناه عند مديرة مدرسة الوردة بالجزائر الوسطى التي حدثتنا عن أهمية هذه الأنشطة قائلة ''أعتبر هذه النشاطات كالأشغال اليدوية الرقص والغناء والموسيقى وغيرها من الأنشطة التحفيزية للأطفال التي ترفع مستوى تحصيلهم الدراسي وتمكنهم من التعبير عن ميولاتهم ومواهبهم، وإن كنا نعاني من بعض النقائص التي تؤثر على ممارسة مثل هذه الأنشطة، فحبذا لو أن وزارة التربية تخصص غلافا ماليا للمؤسسات التربوية من أجل شراء وتأمين اللوازم الضرورية لممارسة الأنشطة التي يحبها الأطفال، فمثلا نحن لا نملك أستاذا في الموسيقى، وهو نشاط فني يميل بعض الأطفال إلى ممارسته''. بينما حدثتنا السيدة صالحي أشواق مديرة مدرسة العلامة الشيخ سعيد صالحي بأولاد فايت التي قدمت مسرحية بعنوان ''اللي يجبر يدمر '' عن أهمية الأنشطة التربوية قائلة ''من خلال هذه الأنشطة ننمي لدى الطفل القدرة على المواجهة والسلاسة والطلاقة عن طريق مشاركته في أداء الأغاني، ومن خلال المسرح والرقص الفني الإيقاعي، وبالنسبة لي هذه الأنشطة لديها دور كبير في تنمية وإحياء النفس، كيف لا وهي بالنسبة للطفل تمثل غذاء الروح، وبالتالي هي وسيلة لدعم ثقة الطفل بنفسه'' وهو الانطباع الذي لمسناه عند السيدة ريم جمحي مديرة مدرسة بأولاد فايت، حيث قالت إن هذه الأنشطة تعزز ثقة الطفل بنفسه وتجعله يكتسب جملة من المزايا التي تحوله إلى طفل يعرف ما الذي يريده، ويحسن التعبير عن رغباته واحتياجاته، كما أن هذه الأنشطة تجعلنا نتحكم في الطاقة الزائدة للطفل ليتحول إلى طفل هادئ ، حبذا فقط لو أن وزارة التربية توفد أشخاصا مختصين لتأطير الأساتذة في طريقة تلقين الأطفال كيفية ممارسة مثل هذه الأنشطة''.
الأولياء بين مشجع ومعارض من خلال احتكاكنا ببعض المديرات والمعلمات لاحظنا امتعاضهن من بعض الأولياء الذين يرفضون ممارسة أبنائهم لمثل هذه الأنشطة التي يعتبرها بعض الأولياء مضيعة للوقت، كما أنها تلهي الأبناء عن مراجعة دروسهم، فهذه البرعمة ''أمال'' التي شاركت في مسرحية ''اللي يجبر يدمر'' قالت إن والدها طلب منها التوقف عن ممارسة مثل هذه الأنشطة رغم محاولات أستاذتها إقناع أبيها بأهمية مثل هذه النشاطات، إلا أن جهدها ذهب هباء، وهو الأمر الذي تأسفت له ''أمال'' خاصة وأنها تحب المسرح، ومن جهتها السيدة صالحي أشواق مديرة مؤسسة تربوية تأسفت على رفض بعض الأولياء ممارسة أبنائهم لمثل هذه الأنشطة خاصة الغناء، وقالت ''نسلك في بعض الأحيان سلوك التوسل لبعض الأولياء من أجل ترك أبنائهم يمارسون ما يرغبون فيه من أنشطة، إلا أننا نقابل بالرفض القاطع''، وإن كان هذا موقف بعض الأولياء فإن آخرين يرحبون بمثل هذه الأنشطة ويشجعون أبناءهم على ممارسة هواياتهم، خاصة وأن لمثل هذه الأنشطة مفعول سحري ينعكس إيجابا على تحصيلهم المدرسي، فهذه السيدة مسعودة بالحاج التي جاءت لتشجيع ابنتها ''أمال'' التي شاركت في أداء رقصة ترقية قالت ''أشجع كثيرا ابنتي على المشاركة في جميع الأنشطة بالمدرسة حيث تدرس، لاسيما وأن هذه الأنشطة تجعلها تتفوق دراسيا'' أما السيدة وسيلة عربية ولشدة إعجابها بما تقدمه المؤسسات التربوية للأبناء شاركت في هذه الأنشطة من خلال خياطة الأثواب التي استعملها الأطفال في أداء رقصتهم الترقية، وتقول ''تطوعت من أجل تمكين ابني من ممارسة هواية أحبها وساعدته على التخلص من طاقته الزائدة ورفعت من تحصيله الدراسي''، أما السيدة سليمة فترى أن مثل هذه الأنشطة تجعل الأطفال يعرفون قيمة الوقت وتوسع ثقافتهم وتمنحهم هامشا من الوقت حتى يمارسوا هواياتهم.