دقت الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك ناقوس الخطر لما آلت إليه نوعية حليب الأكياس المتوفر في السوق في الآونة الأخيرة. مطالبة الجهات المعنية بالإسراع في تقنين هذه المادة وتحديد المواصفات الواجب احترامها في عملية الإنتاج، قصد تفادي مختلف الممارسات التي يلجأ إليها الكثير من أصحاب الملبنات من غش واحتيال وتلاعب بالمقادير ونوعية المادة الأولية المستعملة. وأكد مسؤول الفدرالية السيد زكي حريز على ضرورة تشديد الرقابة على المحولين. موضحاً ''أن ما يباع حاليا في السوق هو مجرد ماء أبيض خالٍ من أية قيمة غذائية''. وكشف رئيس الفدرالية في تصريح ل''المساء'' أن مصالحه طالبت وزارة التجارة في مراسلتها التي وجهت نسخة منها إلى مديريات التجارة عبر الوطن بالإضافة إلى المعهد الوطني للمواصفة، بضرورة تشديد الرقابة على منتجي هذه المادة الأساسية في تغذية المواطنين قصد حماية المستهلك، وأكد المتحدث أن القضية ''هي قضية رقابة تقع على عاتق مصالح وزارة التجارة'' إلا أن تقنين مادة حليب الأكياس ووضع المواصفات المحددة لها أضحى حتمية لتحقيق النتائج المرضية وضمان حليب سليم للمستهلك ذي جودة وبالقيمة الغذائية المطلوبة''. موضحاً بأن الجزائر تعاني من فراغ تشريعي فيما يخص تقنين نسبة المادة الجافة ''مسحوق الحليب''، مما يجعل مصانع الحليب حرة في تحديد كمية المواد الأولية، وتتعمد غالبيتها تقليل نسبة البودرة لأسباب تجارية، ضاربة بمعايير الجودة والسلامة الغذائية عرض الحائط، وأن مواصفات الحليب المسوق حاليا ناقصة وضعيفة، مضيفاً: ''لهذا السبب طلبنا من السلطات المعنية تقنين هذه المادة الأساسية التي لا يمكن أن يستغني عنها المستهلك وطالبنا بتحديد مواصفاتها قصد تسهيل عمل المخابر في التأكد مما إذا كان الحليب رديئا أو سيئا. كما أشار السيد حريز أن الفدرالية قامت خلال شهر رمضان الفارط بعملية تحليل لعينات من حليب الأكياس المسوق عبر مختلف مناطق الوطن لتتفاجأ بالنتيجة التي لم تكن تتصورها وهي أن نوعية الحليب رديئة وتخلو من أية قيمة غذائية قائلاً: ''إذا كان الغرض من تناول الحليب هو الحصول على الكالسيوم الضروري للعظام وللنمو الطبيعي للأطفال فلنا أن نتصور العواقب على صحة المستهلك''. من جهة أخرى، شدد محدثنا على ضرورة مضاعفة عملية الرقابة على الصناعيين والمحولين لإجبارهم على الخضوع للمقاييس والشروط الواجب العمل بها، على أن تكون مصانعهم ملتزمة بنظام التحكم في المخاطر الغذائية. بعض الوحدات لا تحترم المقادير من جهتها أكدت مديرية المنافسة والأسعار لولاية الجزائر أن بعض وحدات إنتاج الحليب الخاصة لا تحترم المقاييس المعمول بها وعلى الخصوص مقادير مسحوق الحليب، حيث لا يحترمون مقياس ال103 غرامات للتر الواحد، مما يعرضها لعقوبات صارمة، داعياً المواطنين إلى التقرب من مصالح المديرية في حالة وجود شكوك حول نوعية الحليب، قائلاً ''سنقوم بأنفسنا بأخذ عينات من باعة التجزئة ثم من مصدر الحليب أي وحدة الإنتاج المعنية لإخضاعها للتحليل وفي حالة التأكد من حالة غش أو ممارسات أخرى في تركيبة الحليب نشرع في إجراءات العقوبات التي تصل إلى حد تجميد أو توقيف نشاط الوحدة''. وتختلف طرق الغش في إنتاج حليب الأكياس من زيادة حصة الماء على حساب المادة المجففة المركزة وغيرها، إلا أن ما أكده مصدر مطلع مختص في المجال ويطرح أكثر من تساؤل هو غياب المراقبة بالشكل الذي يجعلها أكثر نجاعة. مشيراً إلى أن المحولين يقومون بتعويض نسبة مسحوق الحليب المقتطعة من المقدار الضروري والمحددة ب103 غرامات في اللتر الواحد، بمادة يتم استخلاصها من حليب الأبقار والتي توجه أغلبها في أوروبا إلى تغذية الأنعام، علماً أنها تستعمل كذلك في صناعة الأجبان بعد تجفيفها وطحنها، بينما يتم استيرادها إلى الجزائر لاستعمالها في صناعة الأجبان وبعض المنتجات اللبنية كالياغورت، وحسب المصدر فإن هذه المادة يستعملها بعض أصحاب وحدات الإنتاج قصد إخفاء آثار نقص المسحوق الجاف في الحليب بإعطائه لوناً أبيض، إلا أن ما يفضح هذه الممارسات هو غياب الذوق الحقيقي للحليب والرائحة الكريهة الملاحظة في العديد من الحالات. المواطنون.. ما نتناوله بعيد كل البعد عن الحليب الحقيقي انشغالات ومطالب الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك جاءت بعد الشكاوى المتكررة من المواطنين الذين لاحظوا في الآونة الأخيرة على الخصوص أن حليب الأكياس الذي يقتنونه أصبح يتكون من نسبة كبيرة من الماء. وأوضح السيد زكي حريز بأنه استقبل عدداً كبيراً من شكاوى المواطنين تتعلق بنوعية حليب الأكياس، خاصة فيما يتعلق بالرائحة والذوق، مؤكدا بأنه على مصالح وزارة التجارة التدخل العاجل من أجل فرض معايير موحدة لصناعة حليب الأكياس الذي يحتل المرتبة الأولى من حيث الاستهلاك في الجزائر.وترى مواطنة من العاصمة أن الحليب المستهلك حاليا لا يرقى أبداً إلى الحليب الذي كان مسوقاً خلال سنوات مضت، مؤكدة أن حليب اليوم لا مذاق له ولا طعم حتى أن الأطفال أصبحوا يرفضون تناوله. كما يشير ممثل فدرالية حماية المستهلك من جهة أخرى إلى أن الدولة تصرف سنوياً ما قيمته مليار و200 مليون دولار في استيراد المادة الأولية لصناعة الحليب، والتي تبقى مدعمة في المصانع الخاصة التي يلجأ مسؤولوها إلى استغلال هذه المادة في مشتقات الحليب لمضاعفة أرباحهم، في حين أن هذه المادة دعمت لصناعة الحليب فقط وهذا ما تسبب في الندرة الحادة التي تظهر في كل مرة.