رغم الطقس البارد وتساقط المطر إلا أن السيارات لم تنقطع عن محمية الشريعة السياحية البعيدة عن مدينة الورود البليدة بحوالي 20 كلم، زوار من مختلف الأعمار.. أزواج، شباب، عائلات وأفواج سياحية تحل بالمكان.. تتعانق منعرجات كثيرة على طول امتداد السلسلة الجبلية التي تصل البليدة رأسا بقمة الشريعة، أفواج من السيارات المتصلة بعضها على طول الطريق المؤدي لقمة المحمية، وكل ينتظر دوره في الوصول إلى القمة، ومد البصر للاستمتاع بجمال المكان الأخاذ.. وعلى طول الطريق اختار البعض أن يضع منتوجات زراعية وأخرى فخارية يضرب فيها مواعيد تجارية. منتجع طبيعي للراحة من حاورناهم في عين المكان اعترفوا بسحر غابات الشريعة، منهم السيدة ''خيرة''، وهي معلمة وأم ل4 أطفال، قالت إنها اختارت أن تمتطي المصعد الهوائي وتتمتع بالنظر المجرد بالعين إلى آيات صنع الله، داعية المواطنين لأن يزوروا هذه المحمية ليتمتعوا بجمال المكان، ومن جهتها قالت مواطنة أخرى عن المكان إنه منتجع طبيعي للراحة، وإنها تهوى الشريعة عندما تمتزج ألوان الأبيض بالأخضر. ما لفت انتباهنا أن عائلات من المهجر فضلت أن تمضي مناسبة نهاية سنة 2010 بقمة جبال الشريعة، وحلت بالمكان لقضاء ساعات مطولة رفقة الأهل بأرض الأجداد.. وكذلك التقينا عائلات حلت من الغرب الجزائري، تركت بهاء وهران واستبدلته بهواء قمة الشريعة، وأخرى وفدت من مدينة الصخرة السوداء، وأخرى من تيبازة.. وأفواج كثيرة ضاق بها المكان.. وسيرا وراء احتفالات الشباب الذين انتظموا في حلقات ينشدون ويغنون ويرقصون بأعالي جبال الشريعة، التقينا نشطاء دار الشباب القرية الفلاحية بالعطاف، حيث كشف لنا رئيس جمعية نشاطات الشباب ''المستقبل'' أنه تم تسطير برنامج رحلات للشريعة وأخرى لحمام ريغة، ''الأول خصصناه لمنخرطي المؤسسة وفرع الكشافة الإسلامية الجزائرية، والثاني هو فرصة لتمكين متمدرسي صفوف محو الأمية من الاستفادة من زيارات للحمام المعدني'' - يقول المتحدث - مؤكدا أن السبب وراء اختيار الشريعة مقصدا لهذه الرحلات يعود إلى توفر كل الخدمات ''نحن نعمل ونجتهد لأجل التأسيس لسياحة بعيدة المدى، فروعة المكان تقتضي زيارات ميدانية على طول السنة للاستمتاع بمعانقة الثلوج للجبال شتاء، ونسائم الهواء المنعش صيفا''. بدورهم شبان تزينوا بالراية الوطنية هم من فروع الكشافة الإسلامية جاءوا من بوسعادة ليقفوا على روعة المكان وجمال امتزاج أبيض الثلج وأخضر الأشجار.. أحدهم قال لنا ''انطلقنا من بوسعادة واخترنا الشريعة ولسنا نادمين، نفضلها لأنه لا يوجد مكان يجمع بين الهدوء والراحة والخدمات مثل الشريعة''. خدمات موفرة تتوفر في محمية الشريعة خدمات الإطعام وموقف السيارات من منطلق أن هذا المكان كان وطوال سنوات مقصد العائلات والسياح من كل مكان، أحد المشتغلين على تقديم خدمات الأكل السريع قال لنا إن أسعار المأكولات السريعة والمشروبات في متناول الجميع، وإلى جانبها فإن أسعار ألعاب الأطفال هي الأخرى في المتناول، فقد قال صاحب حصان موجه لنزهة الأطفال لمن يرغب في ذلك ''إننا نعمل لإسعاد الأطفال.. تارة نحن نحدد السعر وتارة يحدده الطفل نفسه''. بعض العائلات اختارت أن تفترش الأرض وتضع ''مائدتها'' لتخرج عن عادة الالتفاف حول مائدة المطبخ، كيف لا والجو العام يحفز مثل هذا السلوك خاصة وأن الطقس كان مشمسا.. فهكذا تتلخص صورة الزيارات العائلية لمحمية الشريعة بالنسبة للبعض. ما لفت انتباهنا بالمكان تلك البنايات في طور الإنجاز التي يخيل للرائي أنها مراكب بحرية عالقة في مرتفعات غابية.. بعض تلك المنشآت مراكب سياحية ستكون من دون شك مبعثا آخر لحيوية المكان، علما أن من بين الزائرين للشريعة من يستطيب له المكوث فأخذ يسأل عن مكان وجود دور للشباب حتى يقضي إقامته فيها ويعود في اليوم الموالي ليكمل رحلة استكشاف الشريعة المحمية الساحرة.