فضحت شهادات الملاحظين الدوليين الذين جاؤوا إلى المغرب لحضور محاكمة الحقوقيين الصحراويين السبعة المعتقلين منذ أكتوبر 2009 خروقات العدالة المغربية التي لا تحترم أدنى مبادئ الدفاع التي يكفلها القانون الدولي في أية محاكمة كانت. وكشفت الشهادات التي أدلت بها الملاحظة الايطالية سينزيا ترزي لدى عودتها أمس إلى العاصمة روما أن السلطات المغربية تعمدت خلق جو مشحون من التوتر داخل قاعة محكمة الدارالبيضاء التي كان من المفروض أن تنظر في قضية الحقوقيين الصحراويين السبعة بهدف تأجيلها. وهو الأمر الذي نجحت فيه بعد أن سمحت لعشرات الأشخاص المعارضين للصحراويين من دخول قاعة المحكمة والذين بدأوا في الصراخ وترديد هتافات مناوئة للحقوقيين المعتقلين بهدف ترهيبهم واستفزاز الشهود وهيئة الدفاع. كما تعمدت السلطات المغربية إجلاس محاميي المعتقلين السياسيين والملاحظين الدوليين في الخلف بعد أن جردتهم من هواتفهم النقالة والكاميرات. واكدت سينزيا ترزي ان الجمهور الصحراوي كان غائبا عن القاعة كما سجل غياب المتهمين الصحراويين الذين أطلق سراحهم بغرامة مؤكدين على أساس معلومات تم استقاؤها لدى هيئة الدفاع أن الغائبين كانوا متخوفين من الاستفزازات التي عرفتها الجلسات الثلاثة السابقة. وسجلت أن ''شعورا عدوانيا كان يسود داخل القاعة'' وأن ''نساء من بين الجمهور رمين على وجه المحامي ماركو مارتينوس العلم المغربي''. كما تم قطع كلام محامي الدفاع عدة مرات بمجرد تناولهم الكلمة وأحيانا بعنف. وأكثر من ذلك فقد أكدت شهادات الملاحظين أن المحامين المغربيين أنفسهم تميزوا مثلما كان الشأن خلال الجلسات السابقة بمداخلات عنيفة وعدائية ضد المتهمين ومحاميهم والملاحظين الدوليين. وهو ما جعل الملاحظة الايطالية تؤكد انه ''في هذه الظروف جدد الملاحظون الدوليون اقتناعهم بأن المحاكمة لا تجري حسب القواعد المعمول بها عموما'' بشكل يسمح بوصفها ب ''محاكمة منصفة''. وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تأجيل محاكمة هؤلاء الحقوقيين لنفس الأسباب وهو ما يؤكد أن القضاء المغربي وجد نفسه في مأزق كونه لا يملك أي سند قانوني ولا تهمة ذات مصداقية لمحاكمة هؤلاء الأشخاص الذين كان ذنبهم الوحيد أنهم تجرأوا على زيارة عائلاتهم في مخيمات اللجوء بتندوف. ويتأكد ذلك خاصة وان الأممالمتحدة نفسها قررت استئناف رحلات تبادل الزيارات بين العائلات الصحراوية في المخيمات والمدن المحتلة مما يفضح الخروقات والانتهاكات التي يمارسها النظام المغربي ضد الشعب الصحراوي الأعزل الذي يطالب بحقه المشروع في تقرير المصير. وقد حضر هذه الجلسة الملاحظون الايطاليون كابوينو لوتشيانو وماركو فرانشيسكو دي مارتينو وكواترانو نيكولا ومورليني أوجينيو وسينزيا تيرزي. كما كان حضر الجلسة ماتاوو ليرفيلد من القنصلية العامة الأمريكية للدار البيضاء وهنريك سماولسون الكاتب الأول لسفارة السويد بالمغرب وداغمار شميدت تارتاغليا سفير سويسرا بالمغرب. ومن جهته تأسف الكاتب الصحفي الأمريكي جون لامور للصمت التي تلتزمه فرنسا إزاء قضية الصحراء الغربية معربا عن تخوفه من أن يكون استئناف الكفاح المسلح من طرف الشعب الصحراوي الحل الوحيد للنزاع. وأكد لامور أن الصمت الذي تلتزمه فرنسا البلد العضو في مجلس الأمن الدولي بخصوص النزاع الصحراوي ''ليس مفاجئا'' طالما أن الحكومة الفرنسية'' ليست لديها أية نية في التدخل بهدف إيجاد حل مقبول لهذه القضية''. وأعرب عن تأسفه كون استئناف الكفاح المسلح من طرف الشعب الصحراوي قد يكون العامل الوحيد الذي يمكن أن يحمل المغرب وفرنسا على التفكير في حل حقيقي لهذا النزاع الذي دخل عقده الرابع دون مؤشرات لتسويته على الأقل في المستقبل القريب. ولا حظ الكاتب أن فرنسا تقيم علاقات اقتصادية ''جد هامة'' مع حليفها المغربي وان ''لها ماض حافل بالتدخلات في هذه المنطقة'' وقال أنها ''في حقيقة الأمر لم تهضم ابدا استقلال الجزائر''. وعن سؤال حول المظاهرات والتجمعات التي نظمت خلال الأشهر الماضية في فرنسا من طرف جمعيات التضامن مع القضية الصحراوية قصد تحسيس الرأي العام حول عدالة كفاح الشعب الصحراوي من اجل حقه في تقرير المصير أكد لامور أنه يشك في قدرة هذه المظاهرات والعوارض التضامنية وطلبات الاستقبال الموجهة لوزارة الشؤون الخارجية الفرنسية تغيير الأمور. وحذر من خطر فشل المفاوضات بين جبهة البوليزاريو والمغرب بسبب العراقيل التي يضعها هذا الأخير أمام مسار السلام حذر وقال ''أخشى أن يخاطر المغرب بتفويت فرصة أخيرة كفيلة بتسوية سلمية للمشكل''.