صوت أعضاء المجلس الشعبي الوطني، أول أمس الخميس، على أول قانون لضبط الميزانية منذ 27 سنة في خطوة فتحت المجال أمام السلطة التشريعية لمراقبة المالية العمومية، وأوصت لجنة الميزانية في هذا السياق بغلق الصناديق الخاصة التي لا تؤدي دورها. وجاء تصويت النواب على نص القانون خلال جلسة مسائية بعدما تم تأجيل الجلسة الصباحية بسبب عدم توفر النصاب القانوني والمحدد ب196 نائبا، حيث لم يحضر سوى 123 نائبا، وهو ما دفع برئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري إلى مطالبة كافة الكتل خاصة كتل الأغلبية بالانضباط أكثر. ونال نص القانون ثقة غالبية أعضاء المجلس باستثناء نواب حزب العمال والجبهة الوطنية الجزائرية الذين امتنعوا عن التصويت. واعتبر وزير العلاقات مع البرلمان السيد محمود خذري الذي ناب عن وزير المالية السيد كريم جودي الموجود في فترة نقاهة، تصويت المجلس على هذا النص خطوة هامة في سبيل تكريس رقابة السلطة التشريعية على صرف الميزانية العامة خاصة وأن القانون أعيد بعثه بعد 27 سنة من التعطيل. وأوضح السيد خذري أن التصويت على النص يحسب لصالح النواب والدورة التشريعية السادسة. ومن جهته، أكد السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس في كلمة قصيرة أدلى بها مباشرة بعد عملية التصويت أن عرض وتبني نص قانون ضبط الميزانية يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للمؤسسة التشريعية كونه يأتي استجابة لمطلب رفعه النواب منذ أكثر من عشر سنوات. ومن جهة أخرى، قدمت لجنة المالية والميزانية جملة من التوصيات في تقريرها النهائي بغرض تصحيح بعض الثغرات، وشدّدت في هذا السياق على ضرورة قفل الصناديق الخاصة التي لا تستغل الموارد المالية التي تتوفر عليها أو تلك التي لا تتوفر على برامج واضحة ومحددة بدقة من قبل الآمرين بالصرف والصناديق التي لم تصدر نصوصها التنظيمية. وضمّنت لجنة المالية تقريرها ''مطالب'' تصب كلها في إطار تعزيز الرقابة على المالية العمومية ورأت بضرورة أن يتم إعادة النظر في تحديد السنة المالية المعنية بقانون تسوية الميزانية من ن-3 إلى ن-,2 بمعنى أن يتم تقديم القانون الخاص بسنة 2010 مثلا في 2012 أي بعد سنتين من اعتماده، كما طالبت اللجنة بتفعيل تقارير مجلس المحاسبة وجعلها أداة لتحريك الدعاوى القضائية العمومية ومباشرة المتابعة القضائية وذلك للحيلولة دون تفاقم عمليات الاختلاس التي تتحول في بعض الأحيان إلى فضائح مالية. ودعت لجنة الميزانية كذلك إلى ضرورة تحسين التسيير العمومي وتفعيل دور المفتشية العامة للمالية والتطبيق الصارم لآليات منح الصفقات العمومية والاحترام الصارم للقواعد القانونية والتنظيمية وتشديد الرقابة الداخلية والخارجية على مسيري الأموال العمومية وإصلاح المالية العمومية. وقدمت اللجنة أيضا توصيات أخرى تصب كلها في سياق قطع الطريق أمام أية محاولة لتحويل المال العام عن إطاره، وشددت ضمن هذه الرؤية على ضرورة توفير الآليات الكفيلة بإنجاز المشاريع قبل برمجتها وخاصة ما تعلق بتفعيل دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروع المندرج ضمن سياسة القطاع في إطار السياسة العامة للدولة. كما طالبت بتعزيز آليات التخطيط والتنفيذ والمراقبة على المستوى المركزي والمحلي، وذلك عبر تحديد دقيق للاحتياجات القطاعية. ورأت اللجنة كذلك بضرورة تقوية وتوسيع اختصاصات مجلس المحاسبة في مجال ترتيب العقوبات المالية من خلال توسيع صلاحياته ومجال تدخله الذي يجب أن يمتد إلى الرقابة الداخلية على تسيير المؤسسات التي تمتلك فيها الدولة أغلبية الرأسمال. ودعت الحكومة إلى اتخاذ تدابير تدعم ردع كل التصرفات اللامسؤولة لبعض أعوان الإدارات العمومية الذين ساهموا في ضياع أموال موجهة للتنمية. وفيما يخص قانون المالية التكميلي اقترحت اللجنة ضرورة التخلي عن جعل هذا القانون قاعدة كون الأصل في إعداده هو استدراك الثغرات المسجلة في قانون المالية العام، أو لتمويل بعض المشاريع الاستعجالية.