اعتبر وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي، أن الاقتراح الفرنسي الخاص بمشروع الإتحاد المتوسطي يفتقر لمضمون عملي· مشيرا إلى أن الجزائر تساند هذا المشروع من منطلق أنه يشكل اقتراحا على التفتح في انتظار اتضاح مضمونه في الأسابيع المقبلة، فيما دعا من جانب آخر إلى الانتقال بالتعاون الجزائري الأوروبي من المنطق التجاري إلى الشراكة الفعلية بمفهومها الأوسع وأكد السيد مدلسي في لقاء صحفي نشطه ببروكسل عقب اختتام مجلس الشراكة الثالث بين الجزائر والإتحاد الأوروبي، أن المبادرة الفرنسية تعد اقتراحا على التفتح تسانده الجزائر غير أنه يفتقر لمضمون عملي، متوقعا أن تتضح الأمور بالنسبة لهذا المشروع خلال قمة جويلية المقبل· وأوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية، أن المبادرة الفرنسية تحمل قيمتين إضافيتين مقارنة بمسار برشلونة، على اعتبار أن هذا الأخير يسير الاتفاقات الثنائية بينما يعطي مشروع الإتحاد المتوسطي ثقلا أكبر للمشاريع المشتركة بين عدة دول من ضفتي المتوسط· وتشمل القيمة المضافة الثانية للمشروع حسب الوزير التدفقات المالية الموجهة لدعم هذه المشاريع، حيث يكون حجم تمويلها مهما بفضل الأموال الأوروبية من جهة وإشراك القطاع الخاص والبنوك والنظام المالي العالمي إلى جانب الرساميل التي تبحث عن مشاريع من جهة أخرى· وأشار السيد مدلسي الذي أطلع الإتحاد الأوروبي على هذا المشروع، إلى أن بلدان الضفة الجنوبية ومنها الجزائر كبلد متوسطي وعضو في إتحاد المغرب العربي ستعمل على توضيح ردود فعلها ومساهماتها في المشروع بمجرد توضيح مضمون هذا الأخير· على صعيد آخر دعا وزير الشؤون الخارجية في اجتماع مجلس أعمال الشراكة الجزائري الأوروبي، إلى ضرورة الانتقال بالتعاون بين الجزائر والاتحاد الأوروبي من المنطق التجاري إلى شراكة أوسع، محددا في هذا المجال ثلاثة محاور استراتيجية ينبغي تجسيدها على المديين القصير والمتوسط على حد تأكيده، وتتمثل في الطاقة والمبادلات البشرية والتمكن من التكنولوجيات الحديثة واقتصاد المعرفة· وأعطى السيد مدلسي أجلا محددا في الزمن لاستكمال الاتفاقات على ثلاث ورشات حساسة ذات الاهتمام المشترك، معربا عن أمله في أن يتوصل الطرفان خلال العام الجاري إلى بلوغ نقطة اللارجوع في مسألة مساندة الإتحاد الأوروبي لانضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة واستكمال مذكرة التفاهم حول التعاون الإستراتيجي الطاقوي وتحسين تنقل الجزائريين نحو أوروبا· وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أنه في مجال التعاون الطاقوي، باشر الطرفان الجزائري والأوروبي المناقشات الاستشرافية الرامية إلى التوصل إلى إبرام مذكرة تفاهم تغطي ثلاثة جوانب هي الأمن الطاقوي للاتحاد الأوروبي المضمون منذ أكثر من ثلاثين سنة، فتح التعاون في مجال التزويد بالكهرباء سواء في أوروبا أو في المغرب العربي وترقية الطاقات المتجددة في الجزائر· وأبرز السيد مدلسي في هذا السياق تطلع الجزائر إلى دعم الشركاء الأوروبيين لتحضيرها لمرحلة ما بعد النفط، والتي ستنطلق بداية من شهر أفريل المقبل، مذكرا بالمناسبة بالمشاريع الجاري تجسيدها مع إسبانيا وألمانيا· أما بخصوص دعم الاتحاد الأوروبي لانضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة، فأوضح الوزير أن هذا الملف يرتقب استكماله قبل نهاية سنة 2008، بينما اعتبر بخصوص المشكل الشائك المتعلق بتنقل الرعايا الجزائريين نحو أوروبا، أن مسألة منح تأشيرات الدخول في ظروف لائقة وآجال معقولة سجلت تقدما، ولكنها تبقى غير كافية· وفيما أعلن أن الطرفين اتفقا على إعطاء دفع لهذه المحاور الثلاثة للتعاون خلال هذه السنة في إطار اللجان الفرعية التي أنشئت بموجب اتفاق الشراكة، أكد السيد مدلسي في الندوة الصحفية التي أعقبت الاجتماع أنه يتعين على الطرفين ضمان توازن العلاقات من خلال هذه المحاور الإستراتيجية للخروج من المنطق التجاري البسيط نحو منطق شراكة أوسع، مشيرا إلى أن التحدي الذي ترفعه الجزائر هو تهيئة أكبر قدر من الشروط من أجل تنمية وارداتها ضمن سياق تنويع الاقتصاد· ولقت الطموحات الجزائرية المحددة صدى إيجابيا لدى الطرف الأوروبي تم تأكيده من خلال تصريحات ممثلي المفوضية الأوروبية والرئاسة الحالية للإتحاد الأوروبي· كما تناولت أعمال الاجتماع التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، حيث ذكر السيد مدلسي، أن مكافحة التهديد الإرهابي يجب أن تتم بطريقة شاملة وذكية، مؤكدا بأن الطرفين بحاجة لبعضهما البعض في هذا المجال، حيث "بإمكان الإتحاد الأوروبي المساهمة في استئصال جذور الإرهاب وفي التنمية الاقتصادية للجزائر وتعزيز الروابط بين مصالح مكافحة الإرهاب"· للإشارة فإن مفاوضات مجلس الشراكة بين الإتحاد الأوروبي والجزائر انطلقت أول أمس، ببروكسل، على هامش دورة مجلس الشؤون العامة والعلاقات الخارجية للإتحاد الأوروبي برئاسة وزير الخارجية السيد مراد مدلسي ووزير شؤون خارجية سلوفينيا ورئيس مجلس الإتحاد الأوروبي السيد ديميتري روبال وكذا المحافظة المكلفة بالعلاقات الخارجية وسياسة الجوار الأوروبية السيدة بينيتا فيريرو فالدنر· ويعد هذا المجلس الذي خصص لتقييم تجسيد الاتفاق على ضوء الزيارتين الأخيرتين لمحافظ التجارة للإتحاد الأوروبي السيد بيتر ماندلسون ومحافظة العلاقات الخارجية وسياسة الجوار السيدة بينيتا فيريرو فالدنر إلى الجزائر، الثالث من نوعه منذ دخول اتفاق الشراكة حيز التطبيق في سبتمبر 2005·