بنفس الشعارات التي رفعوها طيلة العشرة أيام الأخيرة تدفق آلاف المصريين على ساحة التحرير بقلب العاصمة القاهرة في يوم ''جمعة الخلاص'' لتشديد درجة الضغط على الرئيس محمد حسني مبارك لإرغامه على المغادرة.وكان المشهد كبيرا أمس أيضا وللجمعة الثاني على التوالي في ميدان التحرير، حيث أدى أكثر من مليون متظاهر صلاة الجمعة وصلاة الغائب على أرواح أكثر من 300 قتيل في أحداث ثورة ''25 جانفي'' هناك في تحرك جديد لتأكيد إصرارهم على التظاهر إلى غاية رضوخ الرئيس المصري لمطالبهم بالرحيل. ويصر المتظاهرون على مطلبهم المحوري رغم النداءات المتلاحقة لنائب الرئيس عمر سليمان ورئيس الحكومة احمد شفيق ووزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي باتجاه هؤلاء بالانسحاب والعودة إلى منازلهم بقناعة أن كل مطالبهم وصلت إلى أعلى مستويات الدولة المصرية. وتحدى الآلاف من المتظاهرين الإجراءات التي حالت دون وصولهم وتدفقوا على ساحة التحرير منذ فجر أمس رغم المواجهات التي خاضوها طيلة يومي الأربعاء والخميس الماضيين مع المؤيدين لبقاء الرئيس مبارك في مواجهات خلفت مقتل عشرة أشخاص وإصابة ألف شخص بجروح متفاوتة. وهو ما جعل تعزيزات قوات الجيش تلجأ أمس إلى اتخاذ إجراءات بتفتيش الوافدين على الساحة لمنع تكرار الأحداث المرعبة لنهاية الأسبوع ومنعت تسريب أسلحة أو كل ما يمكن أن يستعمل لضرب أو إلحاق الضرر بالمتظاهرين. ودعا الشيخ خالد المراكبي الذي أم المتظاهرين خلال صلاة الجمعة في خطبته المحتشدين إلى الثبات والصمود أمام كل المحاولات الرامية إلى ثني عزيمتهم وإفشال حركتهم الاحتجاجية بوعود وهمية. وقال إننا ليس لدينا حزب يمثلنا ويعبر عن مطالبنا ولكن من يريد التفاوض معنا عليه أن يأتي إلينا''. ووصف الحركة الاحتجاجية بأنها ''ثورة بيضاء ليس لها هدف ديني بدليل مشاركة كل شرائح المجتمع المصري فيها''. وخاطب المعتصمين قائلا ''لا تتركوا الميدان دون تحقيق مطالبكم ... الثبات الثبات حتى النصر، ورفض الحوار مع النظام حتى تحقيق تلك المطالب''. وجاءت تأكيدات الإمام ردا على تصريحات وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي الذي نزل لأول مرة إلى ساحة التحرير وخاطب المحتجين وقال لهم بلغة المطمئن لهم إن ''الرجل أكد لكم بأنه لن يترشح وأنه سيغادر في انتهاء عهدته شهر سبتمبر القادم'' في إشارة إلى التعهدات التي التزم بها الرئيس المصري الثلاثاء الأخير ورفض توريث السلطة لابنه جمال. ولكن المحتجين ردوا عليه بشرطين أساسيين وهما إلغاء حالة الطوارئ ورحيل الرئيس مبارك من سدة الحكم. في الوقت الذي دعا فيه رئيس الوزراء المصري الجديد أحمد شفيق المعتصمين إلى إنهاء تظاهراتهم في سلام ''. وشهد ميدان التحرير لأول مرة حضور كل من محمد رفاعة الطهطاوي المتحدث باسم الأزهر وعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية ومحمد البرادعي رئيس حركة التغيير والكثير من الممثلين والمخرجين السينمائيين وقضاة ومحامين ورجالات السياسة البارزين في مصر والذي انضموا إلى قوافل المحتجين في تصرف مؤيد لتحركاتهم وهو ما أعطى نفسا جديدا للمتظاهرين. يذكر أن المسيرات الاحتجاجية انطلقت تباعا وفي نفس التوقيت في مختلف المدن المصرية وشعارها واحد وهو رحيل الرئيس مبارك كانت أكبرها تلك التي شهدتها مدينة الإسكندرية المطلة على البحر الأبيض المتوسط ورفع المتظاهرون خلالها نفس الشعارات المطالبة برحيل الرئيس مبارك. وشكلت هذه المعضلة حسب صحيفة ''نيويورك تايمز'' جوهر محادثات مكثفة تمت بين الادارة الامريكية ومسؤولين مصريين من أجل إرغام الرئيس مبارك على التنحي من السلطة وتشكيل حكومة انتقالية توكل مهمة رئاستها إلى نائبه عمر سليمان ومدير جهاز المخابرات العامة المصرية. وتأتي هذه التأكيدات بعد مخاوف أبداها الرئيس المصري بخصوص تنحيه وقال إنه يريد المغادرة ولكنه يخشى أن تحل الفوضى وراءه وحذر بطريقة ضمنية من مخاطر استيلاء حركة الإخوان المسلمين على السلطة في مصر في حال انسحابه في مثل هذه الظروف. وكان محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين أكد أمس من جهته أنه يؤيد الدخول في حوار مع عمر سليمان ولكن بعد رحيل الرئيس مبارك دون أن يعارض فترة انتقالية يقودها اللواء عمر سليمان.