ملايين المصريين يعتصمون بالشوارع في "جمعة الرحيل" ومبارك يصّر على البقاء تجمع أمس أكثر من مليوني متظاهر في ساحة التحرير وسط القاهرة وحوالي نصف مليون في الإسكندرية و بين 50 و100 ألف في كل المدن الأخرى مثل دمنهور والسويس ورفح المصرية وأسوان ودمياط وغيرها، فيما اصطلح عليه بجمعة الرحيل وبدا أن ملايين المصريين الذين خرجوا أمس بعد صلاة الجمعة في الساحات العامة بمختلف المدن قد اتفقوا على مطلب واحد هو رحيل مبارك من الحكم، و محاكمة "قاتلي شهداء الثورة"، في وقت تمسك فيه مبارك بموقفه رافضا مطالب المحتجين، رغم الضغوط الأجنبية من أمريكا ودول الاتحاد الأوربي .ير أن أبرز تجمع كان في ميدان التحرير الذي سيطر عليه المحتجون منذ انتهاء الصلاة وإلى غاية ساعات متأخرة من الليل، وتميز بالهدوء -عدا الهتافات برحيل مبارك - عكس يومي الأربعاء والخميس حيث غابت المشادات والاشتباكات كما غاب أنصار ومؤيدي مبارك عن الساحة أمام العدد الهائل للمتظاهرين الذين ضاق بهم ميدان التحرير وكل شوارع القاهرة . وقد تميز تجمع أمس بالتنظيم المحكم من الشباب المحتجين الذين نجحوا رغم العدد الهائل من الأشخاص الذين توافدوا على ميدان التحرير في تفتيش الجميع عن طريق تنصيب نقاط مراقبة على كل المداخل للحيلولة دون تسلل الذين حاولوا التشويش على حركتهم الاحتجاجية وزرع الفوضى، وقد تمكنت في هذا الصدد قوات الأمن من اعتقال 10 أشخاص كانت بحوزتهم قنابل بالقرب من وسط مدينة القاهرة حسبما أكدته وسائل الإعلام، وهو ما جنب حدوث كارثة حقيقية مع الأعداد الهائلة التي كانت مجتمعة في تلك المساحة المحدودة، وأكدت ذات المصادر أن الموقوفين كانوا يحاولون استهداف المحتجين من على سطوح البنايات، في وقت أعلن فيه وزير الصحة المصري أن حصيلة ضحايا الاشتباكات الأخيرة بلغت ثمانية قتلى وحوالي 5 آلاف جريح . من جهته أكد أحمد شفيق رئيس مجلس الوزراء أنه قدم تعليمات مباشرة إلى الجهات المعنية وخاصة القوات المسلحة وسلطات الأمن بعدم التعرض إلى المتظاهرين وفتح الأبواب أمامهم طالما التزموا بالإجراءات السلمية وعدم المساس بالممتلكات الخاصة والعامة . وقد وصل عدد المتظاهرين في ميدان التحرير إلى أكثر من مليون شخص في حين تكلمت مصادر إعلامية عن بلوغ العدد مليونين، فضلا عن وصول مجموعات قوامها مئات الآلاف قادمة من مختلف أحياء العاصمة، والذين خضعوا لعمليات تفتيش مدققة قبل دخولهم إلى ساحة الميدان الذي امتلأ عن آخره، وقد جلب العديد منهم مواد غذائية ومشروبات لتوزيعها على المتظاهرين .وفي المقابل توافد حوالي 2000 من المتظاهرين المؤيدين لمبارك إلي ساحة ميدان مصطفى محمود بشارع جامعة الدول دون أن يصلوا إلى ميدان التحرير ما جنب الاشتباك مع المحتجين، وأحكمت قوات الجيش سيطرتها على شارع جامعة الدول العربية عبر جميع منافذه بعد وصول تعزيزات من رجال المشاة والمدرعات.من جهة أخرى وبسبب الأحداث التي تعرفها مصر منذ 11 يوما والتي خلفت آلاف المصابين، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف أمس عن إرسالها أول طائرة محملة بالمساعدات الطبية الطارئة إلى مصر، وقالت اللجنة الدولية أنها تسعى إلى تقديم الدعم إلى مقدمي الإسعافات الأولية في جهودهم لعلاج المصابين، حيث تتكون المساعدات من لوازم الإسعافات الأولية التي تكفي لعلاج ما يصل إلى 2000 شخص يعانون من إصابات طفيفة، وما يكفي من المواد الجراحية لعلاج ما يناهز 100 شخص يعانون من إصابات خطيرة.وذكرت اللجنة أن من شأن هذه الشحنة والشحنات الأخرى التي ستليها لاحقاً أن تساعد على تخفيف الضغط على مخزونات الطوارئ في القاهرة وفي المدن الأخرى، و قال إيريك ماركلي رئيس بعثة اللجنة الدولية بالنيابة في القاهرة، إن أولوية اللجنة الدولية هي مساعدة مقدمي الإسعافات الأولية في أنشطتهم المنقذة للأرواح، مشيرا إلى أن هناك خططا لإرسال المزيد من الإمدادات الطبية في الأيام المقبلة.وأكد أنه في بعض الحالات واجه العاملون في المجال الطبي عوائق في الوصول إلى المصابين والجرحى الذين بلغ عددهم وفقا لوزارة الصحة المصرية 900 جريح، فيما قُتل تسعة أشخاص خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية.وقصد تعويض الناس عن الممتلكات التي تضررت خلال الاضطرابات التي هزت في الأيام الماضية، أعلن وزير المالية المصري سمير رضوان أمس عن إنشاء صندوق بقيمة خمسة مليارات جنيه وهو ما يعادل 854 مليون دولار لهذا الغرض، حيث أن قطاعات كبيرة من الاقتصاد المصري كانت قد توقفت منذ اندلاع الاحتجاجات يوم 25 من جانفي وكذلك البنوك والبورصة المغلقة منذ ذلك الحين، وأكد ذات الوزير أن المصالح المختصة ستشرع في تلقي طلبات التعويض من أصحاب السيارات والمتاجر وغيرها من المنشآت التي لحقت بها الأضرار .