يجمع المختصون والخبراء في الاقتصاد على أن تأثير الإجراءات التي أقرها مؤخرا رئيس الجمهورية كان إيجابيا وكان لها وقع سريع على المواطنين خاصة الشباب ويؤكد ذلك بوضوح ما شاهدناه خلال عزوف الشباب عن الاستجابة لدعوات الاحتجاج والسير بالعاصمة والتي لم نر فيها سوى بضع وجوه تفتقر إلى الشبابية...وفي استطلاع ميداني أجراه الخبير الدولي سراي فإن الغالبية الساحقة من الشباب لها مطالب واضحة ومحددة هي الشغل والسكن فيما تبقى المطالب السياسية من صنع زمرة من الخلاطين وأصحاب المصالح، مؤكدا أن المواطن يطمح إلى تغيير في القاعدة وليس في القمة. أوضح الخبير الاقتصادي المعروف السيد مالك مبارك سراي في حديث خص به ''المساء'' ان ما وقع أخيرا من تغيير على الساحة الاجتماعية يعتبر مؤشرا ايجابيا لتحريك عجلة التنمية كما اعتبر محدثنا الإجراءات الجديدة لرئيس الجمهورية بمثابة أوامر متكاملة لما كان عليه في السابق، لكن الجديد في الإجراءات الجديدة هي لغة التسريع والتشديد التي جاءت على لسان الرئيس بغية أعطاء فرص شغل للشباب وتقريب المواطنين أكثر من السكن إلى جانب أوامر صارمة لتحسين الخدمات الادراية وتخفيفها لفائدة الشباب. توجه سياسي سليم في مواجهة البيروقراطية واعتبر الخبير سراي ان التوجه السياسي في بلادنا سليم خاصة في السنوات الأخيرة، حيث بدأنا نلمس ثمرات المشاريع والانجازات في الميدان كما ان هذا التوجه هو محل إجماع وقبول من قبل جميع الشرائح في المجتمع، لكن أمام هذا التوجه السليم هناك بيروقراطية في التسيير وثقل إداري وسوء استقبال المواطنين بالإدارات والبلديات والدوائر وحتى الولايات ..وأمام هذه الصورة وهذا التناقض الموجود بين التوجيه السليم في القمة وبين الثقل الإداري البيروقراطي والرشوة فإن الإجراءات الأخيرة ستحل وتبدد هذا الفرق لأن الأوامر الجديدة ستحسن شيئا فشيئا كل الخدمات على مستوى القاعدة لفائدة المواطن. ونظرا للمجهودات المبذولة منذ 10 سنوات فإن الحصيلة المسجلة تعتبر ايجابية بصفة عامة خاصة فيما يخص الخدمات الكبرى لكن لازالت مطالبة بتطوير أكثر لا سيما فيما يخص التنمية البشرية، ويبدو ان القرارات الأخيرة للرئيس جاءت في الوقت المناسب. واعتبر محدثنا مضمون البيان الأخير لمجلس الوزراء أكثر ديناميكية وتحريكا للاقتصاد وهو الذي من شأنه فتح آفاق التشغيل أمام الشباب وفتح مناصب شغل وإعطاء تسهيلات أكثر في إطار السكن وفي نفس الوقت هناك محاولة ذكية للأخذ بعين الاعتبار المشاكل الموجودة في التجارة الداخلية والسوق الموازي من خلال أعطاء فرصة أكبر لكل المتعاملين والتجار صغارا وكبارا للدخول تدريجيا في السوق الرسمي من الآن فصاعدا. وقد بدا جليا مدى الوعي الذي أضحى عليه شبابنا اليوم حتى انه أصبح أكثر وعيا من مسيريهم والدليل رفضهم الانسياق وراء الدعوات والادعاءات التي حاول قليلون افتعالها لخلق مشاكل للوطن. للجزائر برامج كبرى وموعدنا في 2017 واعتبر سراي أن البلد في حالة بناء كل القواعد الكبرى ويجب ان نواصل في هذه البرامج ونقطع الطريق أمام كل المحاولات الرامية إلى وقف الأشغال التي عندما تنتهي ستجعل الجزائر في الطريق السليم وفي موقع قوي مع الاتحاد الأوربي الذي يربطنا به موعد رسمي هام سنة ,2017 حيث سنصبح سوقا مشاركا للسوق الأوربية وخلال هذه الفترة ومن خلال توصيات الرئيس وقراراته التي ستعطي دفعا للاقتصاد فإننا سنشهد نهضة قوية خاصة من حيث تحسين الخدمات التي سيستشعرها المواطن .. فإن كانت المرحلة الماضية قد أخذت منا الكثير من أجل بناء المدارس والجامعات والثانويات والمستشفيات فإن المرحلة القادمة ستخصص لتحسين الخدمات بجميع هذه الهياكل حتى تصل إلى مستوى مقبول. وهنا يجب أن تأخذ معاهد التعليم العالي والمتوسط كل هذه البرامج الضخمة حتى ننتج متخرجين مختصين لا يتركون فراغا بالمؤسسات الجديدة ويصبحون قائمين على التسيير بهذه المشاريع..كذلك بالنسبة لمشاريع الطرقات إذ ان انجاز أزيد من 1260 كلم من الطرق السريعة تستدعي تكوين مهندسين وتقنيين ومختصين يشرفون على صيانتها حتى لا نخسرها في غضون 10 أو 15 سنة القادمة وهذا ما سيمكن من فتح مناصب شغل واعدة للشباب المتعلم والمكون. السكن والشغل بين الوفرة والبيروقراطية واعتبر الخبير إلحاح الرئيس على ما يعانيه المواطن بشكل مباشر من بطالة وأزمة في السكن قناعة منه بوجود فراغات وثغرات في هاذين المشكلين على اعتبار -يضيف السيد سراي- أن المؤسسات الموجودة في السابق المتكفلة بالعمل تعاني من وقوعها في فخ البيروقراطية التي حالت دون تكفلها الجيد بالشباب....كما أنها تعاني مما نسميها الرشوة ''الصغيرة'' التي رفضها الشباب ولم يتقبلها.. أما المشكل الثالث فينحصر في التناقض بين التوجيه السياسي الممتاز في تشجيع الاستثمار وبين مواقف البنوك التي تشتغل بصيغة قديمة ولا تتطلع إلى احتياجات الشباب خاصة منه المتعلم، وعليه فإن فتح المجال من طرف البنوك ومنح أراض للشباب لإقامة صناعات صغيرة ومتوسطة سيحل على الأقل مشكل الشغل لدى الشباب المتعلم. وباعتراف الجميع لا يوجد أي شك في التوجيه السياسي المنتهج ببلادنا والذي يحظى بتأييد ومباركة وطنية ودولية. كما لا يوجد شك في المؤسسات الموجودة لكن المشكل في الطرح العملي اليومي الذي تسبب في معاناة الشباب ومشاكل اجتماعية..لكن إذا كانت هناك من الآن فصاعدا مراقبة صارمة في ظل التوجيهات الصارمة لفخامة رئيس الجمهورية ومن طرف الوزارات المعنية كالعمل والمالية فإن كل هذه المؤسسات ستصبح ملزمة بفتح المجال أكثر فأكثر للشباب وبالتالي إيجاد حلول نهائية لهذا الشباب المحددة مطالبه في العمل ..وهذه فرصة كبيرة لإرضائهم والتكفل بانشغالاتهم، أما فيما يخص السكن فإن المواطن لم يعد قادرا على شراء السكن ولحد الآن تبقى الحلول غير كافية نظرا للارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء التي انعكست على أسعار السكن وأمام هذا الغليان، فإن المواطنين غير قادرين على اقتناء السكن خاصة المواطن العادي محدود الدخل والعاملون في الإدارة وهم غير قادرين على توفير مستحقات السكن، الأمر الذي يستدعي حلول أخرى تتمثل في تكفل الدولة وعبر الخزينة بأن تأخذ بعين الاعتبار قيمة السكن، حيث تدفع الدولة جزئيا ثمنه قبل ان تسلمه إلى المواطن بأقل سعر وبالتالي تمكين المواطن من السكن. المواطن يطالب بتغيير قاعدي وليس قياديا وبين التوجيه السياسي السليم والتطبيق الميداني المتردي يسجل الملاحظون والخبراء فرقا كبيرا وهوة يجب ردمها لأن كل الأصداء القادمة من الولايات تشير إلى ان الكل يشتكي من الإدارة التي تمثل القاعدة. فالتذمر الأكبر تجاه القاعدة لأن الإدارة أصبحت ثقيلة جدا في تعاملاتها ومن الضروري ان تفتح للمواطنين أصحاب الأفكار والمشاريع ...وبكل صدق فالجزائر في خضم التحولات والأزمات التي يمر بها العالم العربي تتواجد الآن في أحسن مستوى ورواق ولا يمكن مقارنتها بما هو حاصل في تونس أو مصر ولا اليمن وغيرها... الجزائر تعاني من البيروقراطية والرشوة والجهوية لكن الجزائر لم تعاني يوما من البرامج أو المشاريع أو المال ولا مقارنة في هذا المجال بما هو حاصل لدى أشقائنا. ولا جدوى عن حديث سياسي كمقارنة بين هذه البلدان وكل المحاولات في هذا السياق فاشلة لأننا إذا تكلمنا بلغة الأرقام سوف لن يجد المشككون المبررات ''.. نحن نطالب بتحليل إداري وبتسهيلات اكبر وبوضوح في التسيير.. ولا وجود لأي حديث عن تحليل سياسي ..وعموما فالجزائر بخير والشباب واع بوجود مشاريع لكن تأخير تسليمها وغياب أي تواصل وحوار أثار القلق في نفوسهم. والجزائر بين هذا وذاك تحتاج إلى استقرار أكبر والى السلم والأمن والى عمل ثقافي وإنساني كي تتقدم رويدا رويدا لتكون عند موعدها القادم مع الاتحاد الأوربي والذي لا يمكنها التخلي عنه.