استجاب رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، إلى مطالب المنادين بخروجه عن الصمت الذي اعتمده منذ احتجاجات جانفي “العنيفة”، ولكن ليس بخطاب موجه للشعب قد لا يقنع الأغلبية بل بقرارات تهدئة للطبقة السياسية والمنظمات والجبهة الاجتماعية رفع حالة الطوارئ، تسقيف الأسعار، إجراءات لصالح الشباب وتوزيع عاجل للسكنات والتي من شأنها أن تفرق بشكل واضح بين حقيقة مطالب الجبهة الاجتماعية وبين محاولات التوظيف السياسي للاحتجاجات الأخيرة، التي عمل البعض على جعلها مقدمة للشرارات التي ألهبت تونس ومصر وتنبأوا ب”عاصفة” سيكون من الصعب تجاوزها. تظهر قرارات رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، المتخذة أول أمس خلال اجتماع مجلس الوزراء والمتعلقة بجوانب مختلفة اقتصادية واجتماعية وسياسية، ربما لم يكن أحد يتوقعها، مثلما هو شأن تحضير الظروف لرفع حالة الطوارئ بعد 19 عاما من إقرارها، أن “الانحناء حتى تمر العاصفة” وامتصاص حالة الاحتقان الشعبي التي يعمل الكثيرون على الاستفادة منها، قد يعيد الأمور إلى نصابها وتبقى المطالب الاجتماعية اجتماعية والسياسية سياسية وكل محور يعالج بالطريقة المناسبة. وقد أبدى الرئيس من خلال قرارات مجلس الوزراء اهتماما بجميع المطالب المرفوعة منذ سنوات، وبرزت بشكل أكبر منذ بداية السنة في ظل محاولات بعض الأطراف توظيفها لتحقيق غايات أخرى، وقد لقي مطلب رفع حالة الطوارئ استجابة من رئيس الجمهورية بعد 19 عاما من إقرارها، والذي نادت به أحزاب سياسية ومنظمات، وكانت الجزائر محل انتقاد دائم بسببه، خاصة فيما يتعلق بوضعية الحقوق والحريات في الجزائر، غير أن الرئيس في ذات القرار الذي لم يتوقع الاستجابة له بشكل سريع قد وضع الحفاظ على الأمن بمواصلة مكافحة الإرهاب على درجة الأولوية، وذلك بأمره الحكومة بالشروع الفوري في صياغة النصوص المواتية التي ستتيح للدولة مواصلة مكافحة الإرهاب إلى النهاية بنفس الفعالية وفي إطار القانون، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى رفع حالة الطوارئ في أقرب الآجال”. وصنف الرئيس قراره على أنه “وضع حدا لجدال غير مؤسس” حول حالة الطوارئ التي قيل إنها استخدمت لكبت الحريات ولجم الأفواه، كما أن الرئيس أبقى على العاصمة “حالة خاصة” تمنع فيها المسيرات حفاظا على النظام العام، وتستحضر مسيرة 14 جوان 2001 التي شهدت انزلاقات خطيرة أودت بحياة عدد من المواطنين. كما التفت الرئيس إلى مطلب العديد من الأحزاب السياسية والمتمثل في الاستفادة من تغطية وسائل الإعلام الثقيل لنشاطاتها بدعوته الإذاعة والتلفزيون إلى تغطية نشاطات الأحزاب والمنظمات المعتمدة وفتح القنوات أمامها بإنصاف. والأهم من ذلك فهم الرئيس رسالة الشباب وأقر إجراءات لتحسين التشغيل الذي أعطاه اهتماما خاصا بتخصيص مجلس وزاري قبل نهاية الشهر، وعدم الاكتفاء بتقارير الوزراء التي غالبا ما تكون غير مطابقة للمعطيات الميدانية، ومن ضمن ما أمر به الرئيس لصالح الشباب البطال تحسين أشكال الدعم. وفي الشق الاجتماعي أمر بتعجيل توزيع السكنات وتسقيف الأسعار، وبشكل عام تصنف قرارات عبد العزيز بوتفليقة في باب سد الذرائع حتى لا يصبح لأي جهة مبرر تستخدمه لتحقيق مآرب أخرى على حساب الشباب والشعب.