تشهد العديد من الهياكل الإدارية الخاصة بالتشغيل بولاية الجزائر تدفقا غير عاد للعديد من الشباب البطال من أصحاب الشهادات الجامعية والحرفيين وحتى الشباب من عديمي المؤهلات والذين يتوافدون يوميا على مختلف المكاتب والهيئات المكلفة بتنظيم وتسيير سياسات التشغيل في رحلة بحث عن منصب عمل محترم وكلهم أمل في انفراج أزمتهم، مستندين إلى الإجراءات الأخيرة لرئيس الجمهورية التي شجعتهم وحفزتهم أكثر لطرق كل الأبواب، كما أن هذه التوصيات وبشهادة الجميع أعطت ديناميكية جديدة لسوق العمل ونفسا جديدا لتشغيل الشباب. إنهم بالعشرات يتوافدون يوميا ومنذ إعلان رئيس الجمهورية عن إجراءاته الأخيرة وتوصياته خلال المجلس الوزاري المنعقد نهاية الشهر المنصرم بضرورة فتح فرص التشغيل أمام الشباب، منهم من هو على اطلاع بالإجراءات المتبعة للولوج إلى عالم الشغل أو اقتحام عالم الاستثمار بإنشاء مؤسسات مصغرة، ومنهم من يدخل مكاتب التشغيل لأول مرة.. وبين هذا وذاك يبدوا أن أمورا استجدت على الأقل ما تعلق منها بظروف الاستقبال التي يقول عنها المترددون السابقون إنها تغيرت نوعا ما. اكتظاظ، طلبات.. وتشغيل فوري وقد اكتظت مكاتب التشغيل التي وقفنا عندها على مستوى بلديات العاصمة بشرائح مختلفة من الشباب البطال الراغب في الحصول على منصب شغل وكذلك الأمر بالنسبة لوكالات دعم تشغيل الشباب''أنساج'' وكذا الوكالات المكلفة بتسيير القرض المصغر''انجام'' إلى جانب مكاتب الوكالة الولائية للتشغيل والتي حطمت الرقم القياسي في عدد الوافدين وهي التي تعمل على تسهيل توظيف طالبي الشغل في القطاع الاقتصادي خاصة أصحاب الشهادات الجامعية من خلال عقود ما قبل التشغيل، وبدت على جميع مكاتب هذه الآليات المختصة في التشغيل حالة من القلق والارتباك جراء التوافد الكبير للشباب الراغب في الحصول على مشروع أو وظيفة تقيه شر الحاجة وتحميه من شبح البطالة، ولم تسيطر العديد من مكاتب التشغيل على الأوضاع بها إلا بحضور أعوان الأمن الذين سعوا إلى تنظيم الأمور خاصة في الأيام الأولى التي أعقبت إعلان الإجراءات الجديدة لرئيس الجمهورية. وإن كانت هذه المكاتب قد اعتادت التعامل مع مختلف فئات الشباب إلا أنها هذه المرة وجدت نفسها أمام إلحاح الكثيرين منهم وكذا عدم تسامحهم حيال سوء الاستقبال ومحاولات الأعوان والموظفين التخلص من الوافدين بتوجيههم إلى مصالح أخرى مما تسبب في نشوب حالات شجار بين العاملين بهياكل التشغيل والشباب من طالبي العمل وهو ما لمسناه بمكتب ''انجام'' ببلدية المحمدية، حيث عمت الفوضى بسبب سوء الاستقبال والتدفق الكبير للشباب على مكتب مساحته لا تتعدى عشرة أمتار مربعة. وفي خضم هذا التزاحم والتدافع نحو الحصول على فرصة عمل يتداول في حديث الشباب المرفق بملفاته وكذا المشرفين على هذه المكاتب حديث عن تشغيل فوري لعشرات الشباب خلال الأيام الأخيرة وذلك ساعات فقط بعد إيداعهم لملفاتهم على مستوى أجهزة المساعدة على الإدماج المهني، الأمر الذي شجع نظراءهم على الإقبال لأن في هذه المرة لا يتعلق الأمر بالحظ أو''الزهر'' وإنما أضحى التشغيل حقيقة وفرصة تنتظر الجميع. بلديات بين الطلب الكبير وعرض شحيح من بلدية الحراش ومن ثم بلدية المحمدية كانت الانطلاقة للاطلاع على واقع التسجيلات الحاصلة على مستوى مكاتب التشغيل التي عرفت خلال الأسبوعين الأخيرين توافد عدد كبير من المواطنين من مختلف الشرائح العمرية وحتى من المتقاعدين الذين دخلوا في رحلة بحث عن عمل مكمل لمنحهم التي لا تكاد تسد حاجياتهم. غير أن الأولوية المتفق عليها هي للشباب البطال الذي وللأسف معظمه لا يتوفر على أية مؤهلات تمكنه من ولوج عالم الشغل في أقرب الآجال. وعلى عكس باقي الهياكل المكلفة بالتشغيل فإن مكاتب البلديات لا تستقبل الملفات إلا عند توفر مناصب الشغل التي تحتاج إليها وترفع طلبها إلى مصالح الولاية للموافقة عليها وتوفيرها، وإلى حين أن يتم ذلك فإن إقناع الشباب بهذه الطريقة المتعامل بها يبدوا صعبا خاصة مع شباب يفتقر إلى أدنى المؤهلات التي ترشحه للحصول على منصب شغل باستثناء الحراسة التي لا تتطلب ذلك، إلا أن توفرها ليس سهلا كما أن مثل هذه المهام والمناصب تعرف تشبعا بحسب مسؤول ببلدية المحمدية. ويضيف محدثنا والمشرف على مكتب التشغيل على مستوى بلدية المحمدية أن جل الشباب لا يرغب سوى في الحصول على المناصب السهلة كالحراسة والتخزين وهي التي تعرف تشبعا، في حين لا نجد من يطلب مناصب نحن في أمس الحاجة إليها كالصيانة والحدادة والميكانيك وهي التي لا يتقدم المؤهلون لها كونهم يرغبون في العمل لحسابهم الخاص من خلال فتح ورشات خاصة بهم. وأمام هذا التناقض بين ما تحتاجه البلديات وبين ما يطلبه البطالون يجد رؤساء المجالس الشعبية أنفسهم في حرج لمواجهة مطالب البطالين خاصة وأنهم في الآونة الأخيرة في عين إعصار الاحتجاجات التي شهدتها العديد من البلديات وولايات الوطن.. واليوم وبعد أن تغيرت سياساتهم تجاه الشباب والمواطنين بشكل عام من خلال فتح قنوات الحوار وأبواب الاستقبال فإنهم وللأسف لا يجدون ما يقدمونه سوى الوعود أو المطالبة ب''الصبر'' حسب عضو بالمجلس الشعبي لبلدية الحراش. ''انجام''و''أنساج'' بين تسهيل الإدارة وتعقيد البنوك من جهتها شهدت أجهزة المساعدة على إنشاء النشاطات التي تسيرها الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب والصندوق الوطني للتأمين عن البطالة إقبالا من قبل الشباب حاملي الشهادات والمشاريع وأصحاب الحرف هذه الأخيرة ومن خلال خليتها ''انجام'' المكلفة بتسيير القرض المصغر عرفت إقبالا لفئة الشباب من ذوي الفئة العمرية التي تتجاوز ال35 سنة والذين فوجئو بتعديلات نسبية في الإجراءات المتعامل بها على غرار تحديد قيمة القرض ب400 ألف دج وإلغاء بعض المشاريع على غرار تلك المتعلقة بالنقل وحيازة الحافلات. أما وكالات''أنساج'' فالحديث عنها يقود إلى الحديث عن البنوك التي تحول دون التجسيد السريع لمشاريع الشباب بسبب التأخر المسجل في دراسة الملفات والتي أوعزها المختصون إلى الآجال القانونية الواجب اتباعها والتي تستغرقها عملية دراسة أي ملف والتي لا تقل عن الشهرين في حين يؤكد السيد ''رياض.م'' انه أودع ملفه سنة 2008 على مستوى بلدية الدارالبيضاء وإلى غاية اليوم لم يحصل أي شيء. القطاع الخاص يتحمس وإلى جانب الشباب البطال فإن الإجراءات الجديدة لرئيس الجمهورية حمست القطاع الخاص على تحمل مسؤولياته والمساهمة بدوره في التخفيف من أزمة البطالة على غرار كبرى الشركات الخاصة ك''سيفيتال'' وكذا الناشئة منها على غرار مجمع ''ارديس'' الخاص بتسيير المساحات التجارية والذي وظف لوحده وخلال الأسبوع الماضي 180 شابا من قاطني بلدية المحمدية بين أعوان الحراسة وباعة ومكلفين بالبستنة.. وذلك تمهيدا لفتح مركزه التجاري الكائن بالبلدية بمحاذاة فندق الهلتون..