شرعت وكالات التشغيل المحلية على مستوى العاصمة في استقبال طلبات العمل من طرف الشباب البطال بمعدلات قياسية وصلت إلى 150 طلبا يوميا في كل وكالة، بالموازاة مع رصد فرص التشغيل المستحدثة عبر مختلف المؤسسات العمومية والخاصة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب، تحت إشراف الوكالة الولائية للتشغيل التي ألزمت فروعها ال11 بالمرافقة المهنية للشباب، وصولا إلى التوظيف مع ضرورة التنسيق المشترك فيما بينها لتغطية النقائص عبر عروض العمل المحلية وعروض العمل بالتعويض، وهي العملية التي استقطبت الجميع في مختلف صيغ التوظيف خاصة بالنسبة لحاملي الشهادات الجامعية الذين يطرحون عددا من الانشغالات المهنية رصدتها ''المساء'' في معاينتها الميدانية. وتعد الوكالات الولائية والمحلية إحدى آليات التشغيل التي تعتمد عليها الدولة عبر وزارة العمل خلال المخطط الخماسي (2010 - 2014) لضمان استحداث 3 ملايين منصب عمل على المستوى الوطني، حيث تعد ولاية الجزائر أبرز ملتقى لسوق العمل من حيث العرض والطلب، أين تنشط بها 11 وكالة محلية وما يقابلها العديد من آليات التشغيل أبرزها وكالات دعم وتشغيل الشباب ''أنساج'' التي تفتح أبوابها لجميع الشباب من أصحاب المشاريع المصغرة لعرض أفكارهم واقتراحاتهم لإنشاء مؤسساتهم الصغيرة والمتوسطة مستقبلا في إطار برنامج الوصول إلى 200 ألف مؤسسة خلال المخطط الخماسي، في حين تتم مرافقة هؤلاء الشباب بدءا من عقد الجلسات الاستشارية بصفة دورية لمعرفة إمكانية نجاح المشاريع المقترحة، أو لتوجيههم إلى قطاعات دون أخرى لضمان استمرارية مؤسساتهم مع الاستفادة من المزايا المالية والضريبية التي أقرتها الدولة لفائدتهم فيما يتعلق بالإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للتجهيزات والمقدرة ب17 وإعفاءات ضريبية أخرى خلال السنوات الأولى للمشروع، علاوة على تخفيض نسب المساهمة الشخصية إلى حدود 5، وضمان قروض بنكية تفوق 10 ملايين دينار مع متابعة مراحل تطور المشاريع من طرف المختصين، مع الإشارة إلى أن المشاريع التي توفر عددا معتبرا من فرص العمل الدائمة والمؤقتة سيتم اعتمادها في آجال محددة لا تتعدى شهرا من طرف البنوك، وهو ما أكده المعنيون في حديثهم ل''المساء''، خاصة في ظل الإجراءات الأخيرة المتخذة من طرف الدولة لفائدة الشباب البطال سواء من حاملي الشهادات الجامعية أو من أصحاب المشاريع المصغرة.
إقبال واسع للشباب وتدفق عروض العمل واستنادا إلى مصدر مطلع بالوكالة الولائية للتشغيل لولاية الجزائر في حديثه ل ''المساء'' فإن مصالح الوكالة ألزمت فروعها ال11 بتسهيل عمليات التسجيل بالنسبة لطالبي العمل بتخفيف الوثائق المطلوبة إلى نسخة من بطاقة التعريف الوطنية والشهادة الجامعية أو شهادة العمل بالنسبة لغير الجامعيين، إضافة إلى تحسين ظروف استقبال هؤلاء الشباب وتوجيههم الى المؤسسات المعنية بالتوظيف سواء في تخصصهم أو ما يعادله حسب الاحتياجات الفعلية لها بالموازاة مع تكثيف عملية الاتصال مع مختلف الهيئات الاقتصادية والخدماتية لرصد وإحصاء جملة الوظائف المستحدثة عبر مصالحها ربط عملية التوظيف ضمن التنسيق المشترك ما بين الوكالات المحلية للتشغيل وهذه المؤسسات. كما تعتمد الوكالة الولائية - حسب مصادرنا - استراتيجية التكافل أو التنسيق المشترك فيما بين الوكالات المحلية للتشغيل الموزعة عبر 13 دائرة و57 بلدية بالعاصمة، حيث تشمل هذه الاستراتيجية تدوير فرص العمل المتاحة فيما بينها من خلال تغطية النقائص المسجلة في كل وكالة، سواء تعلق الأمر بنقص فرص العمل المتاحة بإحدى الوكالات المحلية بحكم تقسيمها الإداري الذي يشمل بلديات يغيب عنها نشاط المؤسسات الاقتصادية أو بتنويع فرص العمل في مختلف التخصصات في الوكالة الواحدة لتعميم الفائدة على جميع طالبي الشغل، وهذا في إطار ما يسمى بعروض العمل بالتعويض بالموازاة مع عروض العمل المحلية الخاصة بإقليم عمل الوكالة. وانطلاقا من الوكالة المحلية للتشغيل بباب الوادي إلى أول ماي مرورا بالحراش وباب الزوار وصولا الى الرويبة، يكاد يكون مشهد الإقبال القياسي للشباب البطال من حاملي الشهادات أو المستويات المهنية على هذه الوكالات متشابها رغم ضيق مساحتها، حيث أكد بعض القائمين على تنظيم سير عملية التسجيل بها ل''المساء'' أن حركتها لا تهدأ من أولى ساعات النهار إلى آخر الدوام، في حين يختلف عدد المسجلين بها يوميا ما بين 100 و150 طالب عمل وأحيانا أكثر أمام تزايد عدد المقبلين على هذه الوكالات التي يتم تقسيم العمل بها إلى مكاتب لتسجيل حاملي الشهادات الجامعية أو ما يعرف بالادماج المهني وأخرى لتسجيل المهنيين ومن أصحاب الخبرة في تخصصاتهم. كما لا تختلف حركية الشباب في الاقبال على التسجيل بكل من وكالات حسين داي، عين النعجة، براقي إضافة الى عين البنيان، زرالدة وبئر توتة، وهي العملية التي لا تزال متواصلة في جميع الوكالات ال11 وهي مرشحة للزيادة في ظل العمليات التحسيسية التي تطلقها بلديات العاصمة من خلال حث الشباب البطال على التوجه الى هذه الوكالات لتمكينهم من حقهم في العمل المكفول لهم دستوريا. من جهتهم يؤكد القائمون على هذه الوكالات المحلية على سعيهم لتحقيق التوازن بين الطلب على الشغل وعروض العمل المتاحة عبر مختلف المؤسسات من خلال الحصول على سلة الوظائف من ثمار جهود التنسيق المشترك بين الوكالة الولائية للتشغيل بمعية الوكالات المحلية والمؤسسات الاقتصادية والخدماتية العمومية منها والخاصة، حيث أوضح عدد منهم ل''المساء'' أن عروض العمل المقترحة من طرف هذه المؤسسات لا تزال متواصلة من حيث الكم والنوع، حيث يتم رصدها وإحصاؤها لتوظيف المستحقين الحقيقيين لها حاليا وخلال الفترة المقبلة.
انشغالات مهنية يطرحها الشباب وخلال معاينتنا الميدانية في مختلف الوكالات المحلية للتشغيل عبر ولاية الجزائر ارتأينا تسجيل جملة من الانشغالات العقلانية التي يطرحها الشباب البطال فيما يتعلق بالجوانب التنظمية والمهنية، خاصة بالنسبة لحاملي الشهادات الجامعية إذا ما استثنينا أصحاب المشاريع المصغرة، والذين يبقى انشغالهم حول ضرورة تفعيل عمل البنوك لضمان القروض في الآجال المحددة ومرافقة مشاريعهم ماليا وتسييريا. وبالنظر إلى المهمة المنوطة بالوكالات المحلية للتشغيل بالعاصمة يبقى ضيق مقراتها أول انشغال يطرحه طالبو العمل خاصة وأن الوزارة الوصية تسعى الى تفعيل عمل هذه الوكالات وجعلها أساس التوظيف خلال المخطط الخماسي، وهو ما يعني أن عملها لا يقترن بالأنانية وانما يمتد على سنوات الأمر الذي يستدعي توسيع هذه المقرات أو استحداث أخرى جديدة تستوعب حجم الاقبال المتزايد للشباب البطال وتحسين استقبالهم كأولى خطوات المراقبة المهنية لطالبي العمل. كما يطرح حاملو الشهادات الجامعية خاصة في تخصصات العلوم الإنسانية مشكل التوظيف في مجال تخصصه أو ما يعادله وفق ما تقترحه بعض الأوساط لهؤلاء الشباب بتوجيههم إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون العمل مرتبطا بتخصصهم حيث أوضح هؤلاء في حديثهم ل''المساء'' أنه واستنادا إلى تجارب سابقة فإن فروعا في علم الاجتماع، علم النفس وحتى علوم الاعلام والاتصال على سبيل المثال لا الحصر باعتبار أهميتها في فهم المجتمع المدني وتحقيق التواصل، في الوقت الراهن، يبقى التوظيف فيها نسبيا جدا علاوة على عدم إدراجها في مسابقات الوظيف العمومي فيما يتعلق بالمناصب الإدارية، وهو مطلب يلح عليه هؤلاء الشباب البطال، واسترسل في التأكيد عليه المتخرجون من قسم الإعلام في تخصصات السمعي البصري، سبر الآراء والصحافة المكتوبة، حيث يشير هؤلاء الى أن التوظيف في المؤسسات المتخصصة يبقى ضئيلا جدا رغم أهمية الاستثمار في الموارد البشرية ذات المردودية في هذا المجال لتأطير الرأي العام وتوجيههه ميدانيا في حين يبقى هؤلاء محرومون من اجتياز مسابقات الوظيف العمومي. اضافة إلى العديد من الانشغالات المطروحة في مجال الوظيف العمومي المتعارف عليها لدى العام والخاص، وفيما لا تختلف انشغالات متخرجي العلوم التقنية، الاقتصادية والتكنولوجية في التوظيف يبقى التكامل القطاعي ما بين وزارة العمل (وكالات التشغيل) باعتبارها آلية لتأطير سوق العمل فيما يتعلق بتحقيق التوازن ما بين الطلب والعرض للوصول الى تحقيق 3 ملايين منصب عمل خلال الخماسي الجاري، إضافة الى المشاركة الفعالة للقطاعات الاقتصادية والخدماتية الأخرى المعنية بتوفير فرص العمل للشباب البطال أمرا ملحا في حين ينتظر من طالبي العمل التحلي بالصبر وسعة البال قصد إنجاح هذه الاستراتيجية الجديدة على المدى القريب لتعميم الفائدة على الجميع.