تعزز القضاء الجزائري بجهاز جديد يتمثل في الجمعية الوطنية للوسطاء القضائيين الذي من شأنه أن يوحد جهود أكثر من 1200 وسيط يقومون بفض النزاعات بين الخصوم في مختلف القضايا المدنية العقارية والتجارية، تحت وصاية مجالس القضاء وبمحاضر شبيهة بجلسة العقلاء المتعارف عليها في المجتمع الجزائري منذ القدم، حيث يكون الوسيط بمثابة المرجع الذي يتفق عليه الخصمان ويخرجان على ضوء قراراته الفاصلة رابحين. وخلال الجمعية العامة التأسيسية لإنشاء الجمعية الوطنية للوسطاء القضائيين الجزائريين بنزل مازفران بزرالدة، كشف السيد جمال بوزرتيني مدير عام مركز البحوث القانونية والقضائية أمس، أن الهيئة الجديدة تهدف إلى تنظيم وهيكلة ممارسة الوساطة بغرض إبراز ميزاتها والعمل على ترقيتها كطريق فعال لحل النزاعات. وكشف السيد بوزرتيني أن الوسطاء سيستفيدون من ''مدونة أخلاقية مهنة الوسيط'' المتضمنة تقنيات العمل التي تعتمد في الأساس على علمي النفس والاتصال. وحول القانون الأساسي للوسيط أكد المتحدث أن مشروع القانون جاهز، وينتظر تقديمه إلى مجلس الحكومة للدراسة، موضحا أن ميلاد الجمعية الوطنية للوسطاء القضائيين الجزائريين تشكل إطارا يجمع كل الوسطاء تحت مظلة واحدة، كما تمكن مهنة الوساطة من الارتقاء بعمل العدالة، حيث أصبحت تشكل بديلا عن اللجوء إلى مجالس القضاء بالنظر إلى عدة مميزات، كاقتصادها للوقت والتكلفة المالية وتميزها بالسرية والمرونة في التعامل. من جهته، أكد رئيس الغرفة الوطنية للموثقين السيد عشيط هني عبد الحميد أن مصالحه باعتبارها جزءا من عائلة القضاء ستساهم بخبرتها لإنجاح عمل الوسيط تحت رعاية وزارة العدل، وأبدى المتحدث اعتزازه بسمعة الوسطاء الجزائريين على الصعيد الدولي، كما ثمن دور الوساطة في نشر السلم بين المتخاصمين. وأضاف المتحدث أن اللقاء يعكس الاهتمام الذي توليه وزارة العدل لمهنة الوسيط لما لها من دور في تخفيف العبء عن القضاء. وحول عدد القضايا التي فصل فيها الوسطاء، قال مدير الشؤون المدنية وختم الدولة السيد أحمد علي صالح أن العدد كبير، موضحا أنه في تزايد كون الوسطاء مرشحين للارتفاع أيضا وأنهم تناولوا مختلف القضايا المدنية والتجارية والعقارية. وبالنسبة للشروط التي يجب توفرها في الوسيط القضائي، أوضح المسؤول أن أول ما يجب التأكيد عليه هو أن الوساطة ليست مهنة مثل باقي المهن القضائية بل هي مهمة، وبالتالي فإن الشروط المطلوبة لتوليها تختلف أساسا عن تلك المطلوبة في المهن القضائية الأخرى كما هو الحال بالنسبة لأعوان القضاء الذين يفرض عليهم القانون مثلا عدم ممارسة أية مهنة أخرى، فيمكن للوسيط الجمع بين الوساطة القضائية ومهنة أخرى فقد يكون أستاذا جامعيا وقد يكون تاجرا أو إماما بالمسجد أو خبيرا قضائيا أو محضرا، المهم أن يكون الشخص المكلف بالوساطة معترفا له بحسن السلوك والاستقامة. وقد تم اعتماد العديد من الموثقين والمحضرين الفضائيين وسطاء قضائيين نظرا لقرب هذه المهن من المهن القضائية وبالتالي قدرتها على حل مشاكل ونزاعات المواطنين، فالمحضر القضائي عند تبليغ العرائض والتكليفات بالحضور بصفته ضابطا عموميا ومستشارا لأطراف النزاع يمكن له أن ينصح الأطراف بالوساطة وهو أولى وأجدر بأن يقوم بها. يشار إلى أن الجمعية العامة التأسيسية يرعاها مركز البحوث القانونية والقضائية، ونشط اللقاء ثلة من الخبراء بحضور 180 وسيطا من مجالس القضاء الموجودة في 48 ولاية، كما شهد مشاركة خبراء أجانب في مجال الوساطة من بينهم خبراء قدموا من سويسرا، بالإضافة إلى عرض حوصلة حول ممارسة الوساطة واللجوء إليها من طرف المتقاضين دون الكشف عن أي رقم يترجم حصيلة الإنجازات المسجلة في هذا الصدد.