فشل جناح التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية الذي يقوده حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) أمس في تنظيم المسيرة غير المرخص لها بالجزائر العاصمة والمقررة من ساحة الشهداء نحو ساحة الوئام (أول ماي سابقا). وبدا الانقسام واضحا في صفوف التنسيقية، حيث لم يتجاوز عدد المتظاهرين أكثر من 100 شخص على أكثر تقدير ولم يشارك في المسيرة التي تحولت الى تجمع سوى المنضوين تحت لواء الارسيدي إضافة الى الرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان السيد علي يحيى عبد النور وبعض مناضلي الحركة الديمقراطية الاجتماعية للراحل الهاشمي شريف. وغابت عن هذه المظاهرة التي تنظم لأول مرة في ساحة الشهداء كل الوجوه المحسوبة عن النقابات المستقلة إضافة الى رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان المحامي مصطفى بوشاشي، بدعوى أنهم شكلوا جناحا آخر للتنسيقية ورفضوا منطق التظاهر كل يوم سبت الذي يدافع عنه الارسيدي. وطوقت مصالح الأمن منذ الساعات الأولى من صبيحة أمس كل المنافذ المؤدية الى ساحة الشهداء ومنعت كل الموالين للارسيدي -رغم قلتهم- من السير نحو ساحة الوئام. وحاول رئيس التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية السيد سعيد سعدي منذ وصوله الى ساحة الشهداء في حدود الساعة العاشرة صباحا شحذ قوى مناضليه إلا انه وجد نفسه رفقة السيد علي يحيى عبد النور محاصرا بقوات الأمن، وصعد فوق سيارة للشرطة محاولا مخاطبة مناضليه إلا ان أعوان الشرطة قاموا بإنزاله خاصة بعد ان تعرضت أضواء الإنذار المثبتة في سقف السيارة للتلف. وفي تصريح للإعلاميين المتواجدين بالمكان قال السيد علي يحيى عبد النور ''نحن مصممون على الخروج الى الشارع كل يوم سبت وستمتد هذه المبادرة لتشمل كافة الولايات ولن تقتصر على الجزائر العاصمة فقط'' وأضاف ''ان الهدف من هذه المبادرة هو إحداث تغيير سلمي لنظام الحكم في البلاد''. أما رئيس الارسيدي فقد أبدى استياءه من طريقة تعامل عناصر الشرطة مع المتظاهرين وأشار الى ان الجهات التي أعطت تعليمات للانتشار الواسع لأعوان الأمن ''مخطئون، فنحن نطالب بالتغيير بالطرق السلمية''. وحول ما اذا كان الانقسام الحاصل في صفوف التنسيقية سيؤثر على التعبئة الجماهيرية اعترف رئيس الارسيدي بقلة المتظاهرين وارجع ذلك الى الطوق الأمني المفروض على كافة المنافذ المؤدية الى ساحة الشهداء. وأكد ان حزبه سيواصل السير كل يوم سبت بغرض حشد تأييد اكبر من طرف المواطنين وكسر قرار منع المسيرات في العاصمة. ولاحظ كل من كان في ساحة الشهداء أمس الحضور المحتشم للمتظاهرين وأشار بعض المناضلين الى ان الهدف من هذه المبادرة ليس حشد جماهير غفيرة ولكن تجاوز الحظر المفروض على السير في العاصمة. وكانت السلطات العمومية أصدرت قرارا بمنع المسيرات في الجزائر العاصمة تجنبا لحدوث انزلاقات وانحرافات. واتخذ القرار بعد الاحداث المأساوية التي خلفتها مسيرة العروش في 14 جوان .2001 وكالعادة رفع المتظاهرون شعارات تنادي بالتغيير ومزيد من حرية التعبير. وتظاهر في الجهة المقابلة شباب أحياء القصبة رافعين شعارات مساندة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورافضة لما تدعو إليه التنسيقية ووصفوا بعض أعضائها ب''الطماعين''. وتدخلت قوات الأمن لمنع أي احتكاك بين هؤلاء المتظاهرين وأسفرت تلك التدخلات عن تعرض بعض المناضلين لجروح من بينهم نائب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية السيد محمد خندق الذي قامت فرق الحماية المدنية المتواجدة بساحة الشهداء بنقله الى إحدى سيارات الإسعاف لتلقي العلاج. وعرفت مظاهرة أمس حضورا اقل لعناصر الأمن مقارنة بتلك المنظمة في السابق وارجع البعض ذلك الى وجود مؤشرات تفيد بأن المنظمين لن يتمكنوا من حشد جماهير غفيرة بعد انقسام التنسيقية الى جناحين احدهما يقوده حزب الارسيدي والجناح الآخر تمثله نقابات وبعض منظمات المجتمع المدني.