منعت قوات الأمن حوالي 60 شخصا حاولوا السير أمس من ساحة الشهداء إلى ساحة الوئام المدني، بالعاصمة، وقد شارك في هذه المظاهرة التي نظمتها التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية جناح الأحزاب السياسية، بعد انسحاب حركات المجتمع المدني منها، كل من رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي، والرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان علي يحيى عبد النور، فيما غابت عن مسيرة أمس وجوه كثيرة شاركت في المرات السابقة. تميزت مسيرة 26 فيفري بغياب وجوه كثيرة بعد أن قررت تنسيقية التغيير عدم المشاركة فيها، ولم يكد عدد المتظاهرين يتجاوز 60 شخصا، منتشرين هنا وهناك. الساعة كانت تشير إلى التاسعة والنصف صباحا عندما بدأ المتظاهرون يتجمعون بالقرب من ساحة الشهداء في انتظار قدوم سعيد سعدي، الذي حضر في حدود العاشرة إلا 10 دقائق مرفوقا كعادته بحرسه الخاص. عديد المتظاهرين الذين كانوا يهتفون بشعاراتهم المألوفة، تجمعوا حول سعدي وسرعان ما تنقل هذا الأخير في وسط تلك الزحمة ليصعد فوق إحدى سيارات الشرطة لمخاطبة المتظاهرين، حينها ووسط تدافع المتظاهرين سقط سعدي، ولكن سرعان ما سنده من كان حوله وعاود الكرة ليتم إنزاله من طرف أعوان الأمن. وقد أصيب خندق محمد نائب بحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي كان يرافق سعيد سعدي بوعكة صحية نقل على إثرها من طرف الحماية المدنية إلى المستشفى، ولم يتم تسجيل أي حدث خلال هذه المظاهرة التي سجّل فيها حضور كثيف لعديد من وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية. وبعد مرور قرابة الساعتين افترق الجمع وانتهت المسيرة برحيل كل من سعيد سعدي وعلي يحي عبد النور في حدود الساعة منتصف النهار و10 دقائق، حيث تفرق المتظاهرون، وسلكوا سبلا مختلفة بعد أن تم منعهم من طرف أعوان الأمن من العودة إلى ساحة الشهداء، واضطروا إلى النزول رفقة سعدي نحو الطريق المحاذي للمسمكة. وقد أدلى سعدي بتصريحات على هامش هذه المسيرة أكد من خلالها أن »الأرسيدي مرفوقا بمناضلين من التنسيقية سينزلون إلى الطريق كل يوم سبت من أجل السير بطريقة سلمية وذلك حتى سقوط النظام«، وقال أن قرار رفع حالة الطوارئ لا يمكنه أن يساهم في تكريس الديمقراطية. من جهته أوضح الحقوقي علي يحيى عبد النور، أن الجزائريين يختلفون كل الاختلاف عن التونسيين والمصريين لأنهم دفعوا الثمن أكثر من أي أحد، فهم الذين ضحوا بالأمس بمليون ونصف مليون شهيد، إضافة إلى ضحايا العشرية الدامية وغيرها من التضحيات. وأضاف المتحدث في تصريح للصحافة الوطنية، أن مطالب التنسيقية والهدف من هذه المسيرات المتكررة هو رحيل النظام. مسيرة مضادة قام بها سكان الأحياء المجاورة لمساندة بوتفليقة اخترق صفوف المتظاهرين بساحة الشهداء، أمس، عشرات الشباب من أبناء الأحياء المجاورة وحي القصبة العتيق، منددين بالمسيرة وبرموزها، خاصة زعيم حزب »الأرسيدي« الذي نعتوه بعدة أوصاف، حاملين لافتات ومرددين شعارات مناهضة له وللمسيرة، وأخرى مؤيدة للرئيس بوتفليقة، وحاولوا الاحتكاك بالمتظاهرين في الكثير من الأحيان بسبب ملاسنات كلامية. وخرج الشباب المندد بالمسيرة أمس، وساروا في مسيرة مضادة، ووقفوا يهتفون وكاد المتظاهرون يدخلوا في مشادات ومصادمات مع أنصار سعدي، قبل تدخل رجال الأمن ومنعهم من اختراق الطوق الأمني المضروب على الطريق المحاذي لساحة الشهداء. واستطاعت المسيرة المضادة من إبطال مفعول المسيرة التي دعا إليها الأرسيدي وبعض الناشطين، من خلال التشويش على شعاراتهم والاستهزاء برموزها على غرار سعيد سعدي، الأمر الذي جعل أنصار المسيرة يحاولون استغلال الشعارات التي يرددها الشباب المعارض لصالحهم في كثير من الأحيان، على غرار خلق شعارات مقبولة لدى الجانبين. ولم يخف هؤلاء الشبان تذمرهم من إصرار الأرسيدي على »إزعاجهم كل يوم سبت« بتنظيمه مسيرات، رغم حظرها، حيث قال العديد منهم أن هذه المسيرات والتي عادة تتحول إلى تجمعات تعطل مصالحهم، وطالب الشباب المتظاهرون ضد سعيد سعدي من هذا الأخير أن »يختفي« وأن لا يستثمر في مشاكل الجزائريين. وعلى الرغم من أن المشاركين في المسيرة والذين لم يتجاوز عددهم المائة أصروا على البقاء مرابطين في الطريق إلا أن رجال الأمن عملوا على تفرقة المواطنين وإفساح الطريق أمام حركة المرور، على اعتبار أن الطريق الذي تمركز فيه المتظاهرون يعتبر من الطرق الحيوية، وفرقت قوات الأمن جموع المواطنين إلى الرصيفين. اعتداء على مصور التلفزة الوطنية من طرف مناضلي الأرسيدي تعرض مصور التلفزيون الجزائري لاعتداء جسدي من طرف أحد مناضلي الأرسيدي أين هاجم هذا الأخير مصور التلفزة، ولم يكتف المتظاهرون بالاعتداء على المصور وتلفظوا بعبارات جارحة سبوا فيها الإعلام الجزائري لأنه لم ينسق وراء مغالطاتهم وحافظ على الهدوء والاستقرار من خلال توعية المواطنين وفضح مناوراتهم، واستقوى أنصار سعدي بالإعلام الأجنبي أين أتى على ذكرهم عدة قنوات أجنبية أثارت استفزاز الصحفيين الجزائريين الذين كانوا حاضرين. ويذكر أن تنسيقية التغيير التي حاولت تنظيم مسيرتين في 12 و 19 فيفري انقسمت إلى تيارين، واحد مساند لتنظيم المسيرة والآخر معارض، كما قررت عدة أطراف من التنسيقية عدم المشاركة في المسيرة. ويتعلق الأمر بكل من رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة المستقلة لعمال التربية والمجلس الوطني للتعليم العالي واللجنة الوطنية للبطالين وجمعية الجزائر السلمية.