لا تزال السيد فاطمة زروق تأمل في أن تفتح عينيها يوما على وجه ابنتها التي غابت عنها منذ 42 سنة خلت، ورغم تقدمها في السن والتجاعيد التي تغطي وجهها تبقى خالتي فاطمة تنتظر أي جديد عن ابنتها خاصة مع إعلامها بأنها لاتزال على قيد الحياة. وبخطى متثاقلة تعكس المعاناة الداخلية الممزوجة بمرارة الشوق والحنين، قادتنا خالتي فاطمة لبيتها المتواضع بحي البور بمفتاح بالبليدة لتفتح قلبها ل''المساء'' مسترسلة في الحديث عن ابنتها زروق حسينة التي تجهل صورتها وشكلها إلى حد الساعة، وتتذكر جيدا اليوم الذي أنجبتها فيه في مستشفى مصطفى باشا الجامعي لتبدأ منذ ذلك اليوم رحلة البحث عن فلذة كبدها حسينة، وتواصل وعيناها مغرورقة بالدموع تحكي ما حفظته ذاكرتها منذ 42 سنة وبالتحديد سنة ,1969 أين دخلت غرفة التوليد بالمستشفى وبعد استفاقتها من الغيبوبة التي دخلت فيها الحاجة فاطمة بعد وضعها لابنتها حسينة أخذت تسأل عنها وتطالب برؤيتها لتفاجأ بخبر اختفائها الفجائي. وقالت خالتي فاطمة ''كنت أظن أنها دعابة فلم يمض على إنجابها سوى ساعات قلائل فكيف لصبي أن يختطف أو يضيع وسط قاعة مليئة بالممرضات''؟ وتابعت السيدة حديثها الممزوج بالألم والمعاناة: ''وبعد التأكد من اختفاء ابنتي التي سميتها حسينة والتي لم يظهر لها أي خبر منذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا تيقنت أنها إما ماتت أو تم أخذها خارج التراب الوطني''. ولم تنقطع يومها عن زيارة مستشفى مصطفى باشا الجامعي أملا في خبر جديد يطفئ نار الحرقة التي يكتوي بها قلبها فراقا لفلذة كبدها أو معلومة تساعد على إيجادها، إلاّ أن ذلك لم يغير شيئا. وتصر الحاجة فاطمة على إظهار نوع من الصبر والتفاؤل بخصوص مصير ابنتها الوحيدة، مؤكدة أنها ستلتقي بها يوما ما إذا لم تفارق الحياة قبل ذلك خاصة مع تطمينها من طرف البعض بأن ابنتها على قيد الحياة وشوهدت في بعض ولايات شرق الوطن. وما زاد من تفاؤلها إخبارها من طرف بعض الأشخاص أن ابنتها قد اتصلت في أحد أعداد حصة ''وكل شيء ممكن'' للمنشط المرحوم رياض بوفجي تبحث عن أمها، إلاّ أن خالتي فاطمة لم تكن على علم بذلك. وتبقي السيدة فاطمة الأمل قائما عبر ''المساء'' لعلها تكون فأل خير يقودها للقاء ابنتها الوحيدة بعد كل هذه السنين من الفراق