منعت قوات الأمن المغربية مئات المتظاهرين أمس، من تنظيم تجمع احتجاجي بمدينة الدارالبيضاء ثاني كبرى المدن المغربية للمطالبة بإصلاحات سياسية جوهرية على طبيعة نظام الحكم في المملكة. وذكر شهود عيان أن قوات الأمن استعملت كل وسائل العنف لقمع المتظاهرين أثناء محاولة تفريقهم مما أدى إلى إصابة العشرات منهم بعضهم في حالة خطيرة واعتقال آخرين. وتأتي هذه الحركة الاحتجاجية بعد خمسة أيام فقط منذ الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس والذي تحدث فيه عن مجموعة من الإصلاحات السياسية والتي أرادها أن تكون صمام أمان لاحتواء حالة الغليان التي تشهدها الساحة المغربية جراء تصاعد الحركة الاحتجاجية المطالبة بالتغيير وبديمقراطية حقيقية. ويبدو أن ''كبسولة التهدئة'' التي تضمنها خطاب الملك محمد السادس نفد مفعولها أياما فقط بعد هذا الخطاب الذي انقسمت الساحة السياسية في المغرب بين مرحب به ومشكك في حقيقة نوايا الملك. ويذهب الفريق الأخير في الدفاع عن مقاربته كون الإصلاحات التي تضمنها الخطاب الملكي جاءت تحت ضغط شارع ما انفكت أعداده تتزايد مطالبة بحرية أكبر وديمقراطية حقيقية بدلا من ديمقراطية الواجهة القائمة حاليا وبالتالي فإن مضمون الخطاب جاء مفروضا من الخارج وليس عن قناعة سياسية وخاصة وأن رياح التغيير في تونس ومصر مازالت في الأذهان. ويمكن أن يكون التجمع الاحتجاجي في العاصمة الاقتصادية للمغرب بادرة لموجة احتجاجات سوف لن تنتظر إلى غاية جوان القادم بما سيخلط حسابات الرباط التي اعتقدت أن الإصلاحات التي أعلن عنها العاهل المغربي ستكون كافية على الأقل لتهدئة الوضع طيلة الفترة القادمة. كما أن الإصلاحات التي أعلن عنها العاهل المغربي لم تقنع ما أصبح يعرف بشباب ''حركة 20 فيفري'' التي لا تزال تصر على تنظيم مظاهرة حاشدة يوم الأحد المقبل للتأكيد على التمسك بمطالبها ومن ضمنها تحديد صلاحيات الملك والحد من سلطاته المتحكمة في كل كبيرة وصغيرة في بلد يتململ فيه الوضع على نار هادئة.