أكد المدير العام لمعهد المالية العالمي شارل دالارا، أن الإصلاحات المالية في الجزائر قطعت أشواطا مهمة رغم تسجيل العديد من النقائص لاسيما فيما يخص تسيير القروض، مشيرا إلى أن الجزائر توجد اليوم في افضل ظرف لإتمام الاصلاحات في هذا القطاع بالنظر إلى الوضعية المالية الجيدة التي تعيشها· وعبر دالارا عن اقتناعه بأن الوقت الراهن هو الأنسب بالنسبة للجزائر للذهاب قدما في الاصلاحات التي شرعت فيها منذ سنوات لأنها في "موضع قوة" تعكسه المؤشرات الاقتصادية الايجابية المسجلة، خاصا بالذكر نسبة التضخم المنخفضة واحتياطات الصرف المرتفعة ووضعية الميزانية القوية وكذا دفعها المسبق لمجمل ديونها الخارجية والتخفيف من حجم الديون العمومية· مسؤول المعهد العالمي للمالية الذي أشار إلى أنه يزور الجزائر لأول مرة في ندوة صحافية عقدها مساء أمس على هامش الملتقى المنظم بالجزائر حول "العولمة: تحديات وفرص للمؤسسات المالية المغاربية"، أكد أنه لمس رغبة كبيرة لدى السلطات المالية في البلاد للإنفتاح وعصرنة القطاع المالي، لكنه اعتبر أن مسألة الحذر أصبحت ضرورية بعد الأزمة المالية التي عرفتها الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي امتدت أثارها إلى السوق العالمية· في هذا السياق تحدث عن أهمية أخذ تجارب الآخرين في المسار الإصلاحي الذي تنتهجه الجزائر، كما شدد على أهمية الإندماج المالي للدول المغاربية باعتباره كما قال شرطا رئيسيا لتحقيق عصرنة المنظومة المصرفية والمالية بهذه البلدان والتي بدورها تعد شرطا لتحقيق التنمية الاقتصادية بها وتسريع وتيرة النمو· وبالنسبة لدالارا، فإن عملية الاندماج تقتضي لجوء البنوك المغاربية إلى الاستثمار في الجزائر وكذا لجوء البنوك الجزائرية للإستثمار في البلدان المجاورة· وجمع الملتقى المنظم أمس، بفندق الشيراطون من طرف المعهد العالمي للمالية وبنك الجزائر، أزيد من 100 مشارك من مسيري البنوك المغاربية واطارات قطاع المالية في البلدان المغاربية وخبراء ماليين من الشرق الاوسط اضافة إلى أوروبا والولاياتالمتحدةالامريكية، جاءوا كلهم لمناقشة آثار العولمة المالية على القطاع البنكي في منطقة المغرب العربي· وأشار مدير المعهد في كلمته أمام المشاركين إلى الدور الذي يلعبه القطاع المالي العالمي في نمو واندماج اقتصاديات المغرب العربي في الاقتصاد العالمي، مؤكدا في بيان توج اشغال اللقاء، أن النقاش الذي دار في القاعة تم في جلسة مغلقة "سمح بتسليط الضوء على منطقة المغرب العربي التي قال أنها تمر بمرحلة انتقالية هامة، وأنها استطاعت أن تندمج أكثر فأكثر في الاقتصاد العالمي والسوق المالية العالمية"· واقترح في هذا الصدد خبرة معهد المالية العالمي الذي يضم أكثر من 370 مؤسسة مالية عالمية من أجل مساعدة الجزائر والبلدان المغاربية على عصرنة قطاعها المصرفي والمالي سواء من خلال تنظيم ندوات مماثلة في بلدان المغرب العربي أو اقتراح أرضية تسمح بفتح نقاش موسع وأعمق وملموس حول الاصلاحات الجارية في هذا القطاع· أما محافظ بنك الجزائر محمد لكصاصي فقد ذكر في مداخلة القاها بالمناسبة بأن اللقاء يعقد في ظروف تميزها أزمة القروض الرهنية الأمريكية التي امتدت آثارها إلى عدة بلدان والتي "لم ندرك بعد مداها"، مشيرا إلى أن هذه الأزمة تحيل إلى القول بأنه مثلما للعولمة ايجابيات معتبرة بالنسبة للتنمية والنمو الاقتصاديين، فإن الاندماج بها قد يحمل في طياته مخاطر كبيرة· ولهذا شدد لكصاصي على ضرورة استخلاص الدول الصاعدة التي توجد في مرحلة غير متقدمة من الاندماج للدروس عبر مواصلة عملية عصرنة قطاعاتها الاقتصادية والمالية مع العمل في نفس الوقت على الحد من الانعكاسات السلبية· من جانبه اعتبر منسق جمعية البنوك والمؤسسات المالية عبد الرحمان بن خالفة، أن مسار الاندماج المغاربي يجب أن يتم حسب الوتيرة الاقتصادية لكل بلد حتى يتم الوصول إلى توافق بين هذه الاقتصاديات· وقال في تصريحات صحافية هامشية أنه من غير المعقول السير نحو الاندماج إذا كان هناك اختلاف في قوة وصلابة الاقتصاديات المغاربية، مضيفا أنه من الهام جدا لإنجاح هذا المسار أخذ التنوع الاقتصادي في هذه البلدان والاختلاف بينها بعين الاعتبار حتى يتم الاندماج "على أساس تحقيق مصلحة كل الأطراف"·