أقر السيد كريم جودي وزير المالية أن السوق المصرفية في الجزائر لا تزال تعاني بعض النقائص خاصة ما تعلق بمنح القروض المالية الموجهة للاقتصاد رغم أن نسبة نمو السوق المالية تتراوح ما بين 15 و 16 بالمائة. ويأتي ذلك في الوقت الذي لا تزال فيه العديد من البنوك متخوفة من عدم التزام المستفيدين من القروض المالية بتسديدها، حيث تقدر ديون القروض التي لم تسدد حاليا ب 300 مليار دينار مع إحصاء 146 مؤسسة عمومية عاجزة عن تسديد ديونها. وأضاف السيد جودي في تصريح للصحافة على هامش الندوة التي جمعته أمس بإطارات البنوك والتأمينات بمقر وزارة المالية بالجزائر، أنه بالرغم من الإصلاحات العميقة التي رافقت قطاع البنوك منذ سنة 2004 فإن هذه المؤسسات المصرفية لا تزال تعاني من بعض النقائص في مجال منح القروض بسبب التخوف من عدم الالتزام بتسديدها، الأمر الذي جعل الحكومة تتخذ بعض الإجراءات كرفع رؤوس أموال البنوك ورفع الودائع بها بمنحها قروضا عن طريق الخزينة، إضافة إلى طرح آليات فعالة لاستعمال هذه الودائع. وأشار الوزير إلى أن الجزائر تعرف حاليا فترة انعاش في سوقها مما يدعو البنوك إلى التأقلم لمواكبة نشاط الاقتصاد الوطني مع الأخذ بعين الاعتبار كل المخاطر التي قد تنجم عن التعاملات البنكية والعمل على تجاوزها. مما يتطلب إصلاحات تتماشى مع حركة السوق واتخاذ إجراءات فعالة للمشاركة في تمويل الاقتصاد. وفي رده على سؤال تعلق بالقرار الذي ستتخذه الحكومة حيال خوصصة القرض الشعبي الجزائري، أشار السيد جودي إلى أن الحكومة كانت قد شرعت في فتح رأس مال هذا البنك، إلا أن الأزمة المصرفية التي عرفتها البنوك الأمريكية أو ما يعرف بأزمة "سوربرايم" أثرت على السوق الدولية بما فيها السوق الأوروبية وهو ما تسبب في تأخير عملية فتح رأس مال القرض الشعبي الجزائري، كما وقف الوزير عند ضرورة توخي الحذر لتجنب الخسائر التي قد تنجم عن تأثيرات هذه الأزمة، مشيرا إلى إعادة بعث مسار فتح رأس مال هذه المؤسسة بعد تحسن الأوضاع المالية العالمية لتجنب مخاطر تضييع الأموال. من جهته، أكد السيد حاجي بابا عمي المدير العام للخزينة تسجيل ما قيمته 300 مليار دينار كديون لدى 146 مؤسسة عمومية غير قادرة على تسديدها، إذ من المنتظر عقد مجلس وزاري مشترك يضم الوزارات المعنية قريبا لمناقشة هذه المشكلة والبحث عن صيغة ملائمة لحلها. وفي معرض حديثه عن مساهمة البنوك في الاقتصاد الوطني تحدث مسؤول الخزينة عن تسجيل عدة مشاريع جديدة منها مشاريع بقيمة 28 مليار دينار بشركة سوناطراك تتعلق بمجالات البيتروكيمياء، الألمنيوم، والتكرير، وهو ما سيساهم في دفع التنمية خارج قطاع المحروقات. ومن المنتظر أن تنظم وزارة المالية بعد عشرة أيام ندوة لتقييم الإصلاحات التي عرفها القطاع في كل المجالات خاصة البنوك وشركات التأمين. كما تطرق المدير العام للخزينة في عرض قدمه حول البنوك وشركات التأمين إلى ضرورة تحسين محيط نشاط القروض بضبط السيولة البنكية وتحسين محيط المحاسبة إلى جانب تأطير القروض الموجهة للاستهلاك، وتحديد استراتيجية فعالة تستفيد منها السوق فيما يخص القروض الموجة للسكن مع تطوير القدرات الداخلية للبنوك في هذا المجال والعمل على مواجهة المخاطر التي قد تنجم عن ذلك، من خلال تفعيل الترسانة القانونية الخاصة بهذا النشاط. ومن جهة أخرى، تطرق المتحدث إلى تحسين أداء شركات التأمين وتسييرها والآليات التي تحكمها وتطوير طرق تدخل مصالحها الإدارية مع تقوية ميكانيزمات الأمن بهذه الشركات لتقوية دورها كهيئات للتأمين.