كما كان متوقعا وقف الوفد المغربي في مفاوضات منهاست الرابعة بين الوفدين الصحراوي والمغربي حجر عثرة بسبب تعنت الإدارة المغربية التي تعمل على تأجيل المفاوضات ضاربة عرض الحائط بكل القرارات الأممية ونداءات المنظمات غير الحكومية التي تفضح تقاريرها كل يوم الانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان في المناطق الصحراوية المحتلة· فقد انتهت الجولة الرابعة المنعقدة يومي 16 و17 مارس الجاري كما بدأت حيث خرج الوفدان باتفاق يقضي بتنظيم لقاء خامس لم يحدد موعده وذلك بسبب التعنت المغربي الذي يصر على صيغة الحكم الذاتي، رافضا التفاوض حول أي طرح خارج الإطار الذي رسمته كواليس البلاط الملكي والتي تسير عكس الارادة الدولية وضد محتوى اللائحة 1754 ومعارضة نص القرار 1783 لمجلس الأمن، وبالتالي فقد تمسك المخزن باستمرار الإنسداد الذي يحول دون تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية بالرغم من مصادقة المغرب على اتفاقات هوستون حول هذا المسعى· فالمغرب اليوم يرفض حتى إجراءات الثقة الإنسانية التي اقترحتها منظمة الأممالمتحدة خلال هذه الجولة من المفاوضات والقاضية بتنظيم زيارات بين العائلات الصحراوية بمخيمات اللاجئين وفي الأراضي المحتلة منذ 1975 والتي يفصل بينها الجدار الرملي الذي يقسم الصحراء الغربية إلى شطرين على امتداد 2000 كلم محاط بالأسلاك الشائكة ومحفوف بأكثر من ستة ملايين لغم وقنبلة· وفي المقابل أبدت جبهة البوليزاريو مرونة كبيرة مع مقترحات الأممالمتحدة فيما يخص تدابير الثقة التي قبلتها في مجموعها والقاضية بتبادل البعثات السياسية بين الطرفين وإزالة الألغام وتشكيل لجان عسكرية مختلطة بين جبهة البوليزاريو والمغرب تعمل على ضمان وقف اطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 1991· واستنكر رئيس الوفد الصحراوي على بيبا عقب الجولة استمرار المغرب في طرح بعض الشروط المسبقة على غرار الجولات السابقة وإصراره على اتخاذ مخطط الحكم الذاتي كقاعدة وحيدة للتفاوض رغم أن مجلس الأمن الدولي شدد في لائحته الصادرة نهاية أفريل من العام الماضي على ضرورة أن تتم هذه المفاوضات دون شروط مسبقة· ولكن جبهة البوليزاريو ورغم التوتر الذي ساد الجولة الرابعة من هذه المفاوضات لم يمنعها ذلك من التأكيد على دعمها لمساعي الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى تسوية نهائية وعادلة للنزاع الصحراوي الذي دخل عقده الرابع في تأكيد واضح على استعدادها لمواصلة مسار المفاوضات إلى نهايته· وهو ما جعل رئيس الوفد الصحراوي محفوظ علي بيبا، يعرب عن أمله في أن يتخلى المغرب عن تعنته ويعود إلى جادة الصواب من خلال تبنيه لإرادة صادقة والدخول في المفاوضات بحس نية من أجل التوصل الى حل تفاوضي يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره· ولم يفوت الوفد الصحراوي الفرصة لإثارة قضية تدهور الأوضاع في الأراضي الصحراوية المحتلة نتيجة استمرار قوات الاحتلال المغربي في ممارساتها القمعية وحملاتها الهمجية ضد المدنيين الصحراويين· وقد أدان رئيس الوفد المفاوض هذه الممارسات بشدة، ودعا الأممالمتحدة الى تحمل مسؤولياتها في حماية الصحراويين من قمع قوات الاحتلال المغربية وكذا ضمان رفع الحصار الإعلامي الذي تفرضه السلطات المغربية على المدن المحتلة في مسعى إلى حجب حقيقة ما يجري هناك· ورغم انتهاء هذه الجولة دون إحراز أي تقدم إلاّ أن جبهة البوليزاريو أعربت عن سرورها لتمكنها من تقديم توضيحات جديدة بخصوص المقترح الذي سبق لها وأن عرضته على مجلس الأمن الدولي العام الماضي والذي تضمن مخطط عمل من أجل التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة للنزاع تضمن ممارسة الشعب الصحراوي حقه في تقرير مصيره على اعتبار أن القضية الصحراوية هي قضية تصفية استعمار· وعبّر رئيس الوفد الصحراوي المفاوض عن ارتياحه أيضا، لأن هذه الجولة عكس الجولات السابقة سمحت لجبهة البوليزاريو من تقديم وشرح رؤيتها حول تنظيم وعمل المؤسسات الوطنية في إطار دولة صحراوية مستقلة وديمقراطية وكذلك الحقوق والضمانات التي يمكن أن يستفيد منها المغاربة المقيمين في الصحراء الغربية·