اختتمت منتصف ليلة أمس الجولة الثالثة من المفاوضات المباشرة بين جبهة البوليزاريو والمغرب بمدينة منهاست الأمريكية بعد ثلاثة أيام من المحادثات، سادها جو متوتر بعد تمسك الطرف المغربي بموقفه المتعنت وإصراره على جعل خطة الحكم الذاتي كقاعدة وحيدة للتفاوض· لكن الطرف الصحراوي عبر عن آماله في أن تتواصل المفاوضات المباشرة مع المغرب بالتوصل الى تسوية عادلة وسلمية للنزاع في الصحراء الغربية وبما يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفقا لمضمون اللائحة الأممية 1754 الصادرة نهاية أفريل الماضي· وقد تقاطعت تصريحات محمد خداد الناطق الرسمي باسم الوفد الصحراوي المفاوض وابراهيم غالي عضو في الوفد والسفير الجديد بالجزائر في هذا الاتجاه·وقال خداد إن جبهة البوليزاريو تأمل في أن تشكل مفاوضات منهاست محطة لتحقيق تقدم جدي في طريق إرساء السلم في الصحراء الغربية· وأضاف "ننتظر من هذه الجولة الثالثة أن تجدد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير كما نصت عليه اللائحة 1754"· ولكن الدبلوماسي الصحراوي جدد رفض جبهة البوليزاريو لخطة الحكم الذاتي المغربية التي تسعى الرباط الى فرضها كخيار وحيد للمفاوضات، وقال إن هذا الخيار ينبغي أن يبقى أحد الخيارات الثلاثة المطروحة وهي الاستقلال أو الاندماج أو الحكم الذاتي·ونفس الموقف عبر عنه ابراهيم غالي السفير الصحراوي الجديد بالجزائر الذي اعتبر أن الجولة الثالثة من المفاوضات من شأنها أن تفتح الطريق لمفاوضات حقيقية مسؤولة وبناءة· ودعا المسؤول الصحراوي الى تطبيق لوائح الأممالمتحدة التي أجمعت كلها على أن القضية الصحراوية هي مسألة تصفية استعمار وحلها لن يتم إلا عن طريق إجراء استفتاء حر وعادل يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير مصيره· وقال "إننا نسعى الى التوصل الى تنظيم هذا الاستفتاء تحت رعاية المجموعة الدولية، كما تهدف الى حمل المغرب على عدم التستر وراء خطة الحكم الذاتي المزعومة، والتي لاتعمل إلا على ترسيخ الواقع الاستعماري وعدم الاعتراف بحقوق شعبنا في الحرية والاستقلال والأمن والتنمية· ورغم أن تصريحات المسؤول الصحراوي أكدت مجددا تمسك جبهة البوليزاريو بالطرق السلمية لمعالجة النزاع، إلا أنه بالمقابل اعتبر هذه الجولة الثالثة حاسمة وعلى ضوء نتائجها ستحدد الجبهة النهج الذي ستسير عليه مستقبلا لتكريس حقوقها، في إشارة واضحة إلى إمكانية استئناف الصحراويين الكفاح المسلح إذا تطلبت الضرورة ذلك·من جهة أخرى أجمعت عدة تقارير لعدد من المنظمات غير الحكومية الحقوقية على خطورة وضعية حقوق الانسان في الجزء المحتل من الأراضي الصحراوية وفضحت الانتهاكات المغربية الممارسة ضد الشعب الصحراوي· وتزامن صدور هذه التقارير مع عقد طرفي النزاع الصحراوي، المغرب وجبهة البوليزاريو لمفاوضات منهاست تحت اشراف الأممالمتحدة، انتهت مساء أمس وسط مؤشرات بعدم توصل الطرفين الى أية أرضية توافقية بشأن تسوية النزاع الذي تجاوز عقده الثالث بسبب تمسك كل جانب بمواقفه الأولية· وفي الوقت الذي أفادت فيه مصادر إعلامية من منهاست أن وضعية حقوق الانسان في الأراضي المحتلة أثيرت بقوة من طرف الوفد الصحراوي خلال هذه الجولة جاء التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية ليؤكد حقيقة تردي واقع حقوق الانسان في آخر المستعمرات بالقارة الافريقية· واعتبرت منظمة "أمنيستي" أن استمرار هذا الواقع المرير من شأنه تعطيل مسار السلام في المنطقة ويحرم الشعب الصحراوي من حقه في تقرير مصيره·ويأتي تقرير منظمة العفو الدولية بعد التقرير الذي أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش تزامنا مع انطلاق الجولة الثالثة من مفاوضات منهاست وفضحت فيه الانتهاكات المغربية في المدن الصحراوية·كما أكدت أن المفاوضات الخاصة بالوضع المستقبلي للصحراء الغربية ينبغي أن تصحبها إلتزامات جادة تتعهد بموجبها الحكومة المغربية باحترام حرية التعبير في هذه المنطقة· ووعدت بنشر تقرير آخر عن زيارتها للمنطقة خلال هذا العام ليشكل إضافة أساسية للتقرير الذي سبق وأنجزته بعثة مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في ماي 2006·وكان هذا التقرير الذي لم ينشر لحد الآن والذي تسربت بعض تفاصيليه للإعلام الدولي، أكد أن وضعية حقوق الإنسان في الجزء المحتل من الأراضي الصحراوية يبعث على القلق العميق·مثل هذه التقارير تشكل دعما قويا للقضية الصحراوية وتعطي مصداقية أكثر لدعوات جبهة البوليزاريو بضرورة توسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة في الصحراء الغربية لتشمل مجال حقوق الإنسان·